نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

المعزل

المعزل ...
في خلوته بمعزل التصويت شعر بفائض من التقدير والاحترام . لأول مرة دخل في روعه الإحساس بامتلاك حرية القرار والاختيار دون وصاية من أحد . رغم تشابه المعزل بزنزانة معتمة يقبع فيها سجين سيء الحظ فإنه ،وجد رحابة نفسية أنسته كآبة المكان . عندما تتخذ الحرية شكل حالة ذهنية ،لا يمكن تصريفها لاكتساب قوة الفعل و التفكير ووضوح الإختيارات وتأكيد القرارات ..تبقى اطلالتها معنوية ...ولماذا الغلو أو تبسيط الأمور ..؟ ..لنعلنها بصراحة : الحرية ليست معطى ناجز ؛ و إنما يتم تفعيلها بالا رادة التي تفضي إلى اتخاذ مواقف وقرارات لا يرقى اليها الشك
تفحص المكان للمرة الثانية والثالثة ..ألوان ورموز مبعثرة على أرضية المعزل ...
التقط مجموعة أوراق تحمل رموزا متنوعة ممزقة بالكامل مما يدل على غضب وعصبية الفاعل ؛ ..استغرب من رؤية كم من أوراق تحمل رموزا حزبية ؛
ومنها ما هو مختوم !!؟ ..فكر وقدر وتذكر أن الوقت يمضي وعليه الحسم : حتى في الخلوة قد يستغرقك الشك و انعدام الارادة والثقة لأسباب مختلفة أقلها المشاركات السابقة للحظة التصويت في المؤامرة وبيع الذات . ..وكيف يفتري على الحرية ؟ ..ألم يقسم لجاره ممثل اللائحة على المصحف بالتصويت للائحته مقابل مائتي درهم وطبق من الكسكس في عشاء الترحم على الحرية و التصويت النزيه بالتنازل عن موقف سبق الاقتناع به..؟ ..الشخص المسلوب " سياسيا واقتصاديا " يعجز أن يكون موقفا بناءا بتلقائية وقناعة لأنه بصيغة أخرى مستسلم " ثقافيا " لقناعات وأهداف الآخرين..فهو سلعة وعملة للتداول فقط .. ....
تأمل في الورقة بيمينه والقلم عالق بيسراه ..لم يفكر ..قرر التمرد على حرية `اعتقد بأنه في لحظة جذل كان يمتلكها ؛ خرج من المعزل ليدلي بلسانه ؛ كالأبله أو مهرج يقتات من ضحك الناس عليه؛ بدل صوته ؛ ثم غادر مركز التصويت وهو " يتفرج " على لطخة مداد على ابهامه ثم التفت من باب الفضول ليتعرف على إسم مركز التصويت ؛قرأ متهكما : مدرسة .......وهمس بنفس منكسرة :خرجنا من المدرسة بعاهة تعليمية ولطخة مداد يصعب مسحها هي كل مكتسبات الديموقراطية............

طنجة : 2014
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى