حسن فيرداوس
كاتب
التوت والبلوط
في موسمه الدراسي الخامس بالمستوى الابتدائي ..بجسده الذي يفوق حجم أترابه يحتل ثلثي المقعد الدراسي المهترىء ؛ مما يفرض على زملائه في القسم التنازل له عن
كل المقعد ..بوسلهام ..إسم كان يثير موجة من الضحك كلما نادته المعلمة للقيام إلى السبورة ..وأكبر مشاكس له ابن عاملة النظافة بالمدرسة ،دائما ما يسأله متهكما :-- أين السلهام ..؟ ؛ والرد يأتي دائما على شكل نظرة غاضبة مشفعة بتهديد مبطن خفية عن المعلمة صديقة عاملة النظافة ،التي تكلفها بتحضير الرزيزة والفطير وأشياء أخرى لتحملها إلى البيت في نهاية الحصة المسائية ...
في فترة الاستراحة ينسى بوسلهام تهديده ويخيب أمل التلاميذ في فرجة مجانية ؛ وبدل ذلك يختار ركنا ظليلا في ساحة المدرسة ليستخرج نصف خبزة سلمتها له والدته " حرفية " ليتناولها في وجبتين مع شاي يشربه مباشرة من زجاجة بلاستيكية لماء معدني من نصف لتر ؛ ولم يكن يلح على أمه في شيء اخر غير عشرة ريالات ليسرع بها عند سي أحمد البقال ليحشو ما تبقى له من الخبز بالحرور والزيتون ليلتهمه في في استراحة الزوال ..قبل اليوم كان يحضر معه حفنتين من البلوط في كيس بلاستيكي يستعمله أيضا لحمل دفاتره ، أما الكتب فكان يقترضها من زملاء القسم السابق في الحصة حتى لا تطرده المعلمة بلازمتها المعهودة :-- سر جيب باك ولا امك ...! ..ولهذا السبب "تبنى " أبا من الدرب ليسمع تقريع المعلمة وسوء تربيته " لابنه " قبل ان تسمح له بالدخول ....
في القسم يؤثر السكوت على الكلام ..فلكنته البدوية تجعل منه فرجة ..وأكثر ما كان يؤلمه أن معلمته كانت تشارك في الفرجة وتستهزىء من ألفاظه المحلية التي لا يضمها قاموس الدارجة ولا اللغة الفصيحة ..مفردات عابرة ولكنهم يسلطون عليها مجهر السخرية لخلق جو من الضحك ..وتنتهي الحصة فيخرج كما دخل خالي الوفاض ؛ ويغادر المؤسسة بعد نهاية الحصة المسائية متجها صوب الطريق الموازي لميناء سبو ليخفي كيس الدفاتر في شق جذع شجرة توت هرمة ثم يتسلقها كقرد متعود ليلتهم حفنات من التوت اللذيد بعصيره الحلو وهو يقول :-- هذا وقت الديسير ..! ..بعد أن يملأ بطنه المتخم ببلوط الأمس ؛ يختار احدى الحافلات المتجهة إلى الحي الذي يقطن فيه ويلتصق بمؤخرتها في " رحلة " العودة
القنيطرة 2018
في موسمه الدراسي الخامس بالمستوى الابتدائي ..بجسده الذي يفوق حجم أترابه يحتل ثلثي المقعد الدراسي المهترىء ؛ مما يفرض على زملائه في القسم التنازل له عن
كل المقعد ..بوسلهام ..إسم كان يثير موجة من الضحك كلما نادته المعلمة للقيام إلى السبورة ..وأكبر مشاكس له ابن عاملة النظافة بالمدرسة ،دائما ما يسأله متهكما :-- أين السلهام ..؟ ؛ والرد يأتي دائما على شكل نظرة غاضبة مشفعة بتهديد مبطن خفية عن المعلمة صديقة عاملة النظافة ،التي تكلفها بتحضير الرزيزة والفطير وأشياء أخرى لتحملها إلى البيت في نهاية الحصة المسائية ...
في فترة الاستراحة ينسى بوسلهام تهديده ويخيب أمل التلاميذ في فرجة مجانية ؛ وبدل ذلك يختار ركنا ظليلا في ساحة المدرسة ليستخرج نصف خبزة سلمتها له والدته " حرفية " ليتناولها في وجبتين مع شاي يشربه مباشرة من زجاجة بلاستيكية لماء معدني من نصف لتر ؛ ولم يكن يلح على أمه في شيء اخر غير عشرة ريالات ليسرع بها عند سي أحمد البقال ليحشو ما تبقى له من الخبز بالحرور والزيتون ليلتهمه في في استراحة الزوال ..قبل اليوم كان يحضر معه حفنتين من البلوط في كيس بلاستيكي يستعمله أيضا لحمل دفاتره ، أما الكتب فكان يقترضها من زملاء القسم السابق في الحصة حتى لا تطرده المعلمة بلازمتها المعهودة :-- سر جيب باك ولا امك ...! ..ولهذا السبب "تبنى " أبا من الدرب ليسمع تقريع المعلمة وسوء تربيته " لابنه " قبل ان تسمح له بالدخول ....
في القسم يؤثر السكوت على الكلام ..فلكنته البدوية تجعل منه فرجة ..وأكثر ما كان يؤلمه أن معلمته كانت تشارك في الفرجة وتستهزىء من ألفاظه المحلية التي لا يضمها قاموس الدارجة ولا اللغة الفصيحة ..مفردات عابرة ولكنهم يسلطون عليها مجهر السخرية لخلق جو من الضحك ..وتنتهي الحصة فيخرج كما دخل خالي الوفاض ؛ ويغادر المؤسسة بعد نهاية الحصة المسائية متجها صوب الطريق الموازي لميناء سبو ليخفي كيس الدفاتر في شق جذع شجرة توت هرمة ثم يتسلقها كقرد متعود ليلتهم حفنات من التوت اللذيد بعصيره الحلو وهو يقول :-- هذا وقت الديسير ..! ..بعد أن يملأ بطنه المتخم ببلوط الأمس ؛ يختار احدى الحافلات المتجهة إلى الحي الذي يقطن فيه ويلتصق بمؤخرتها في " رحلة " العودة
القنيطرة 2018