حسن فيرداوس
كاتب
... أول السطر
اخترت ركنا في المقهى يطل على البحر في اتساعه ويحجب الشاطىء ورواده . رغبتي انحصرت في الشروع في الكتابة قبل أن يشغلني شاغل عارض فيودي بأفكاري المستعجلة لاحتلال بياض أوراقي المرتبة على الطاولة ..نظرت إلى القلم وهو ملقى فوقها ينتظر اشارة مني لوشمها كحصان أدهم مروض يستعرض حركاته المنسقة على حلبة التباري ..كأني أرى القلم لأول مرة ..كنت أحسبه شلوا مني ..تتبعت انسياب شكله ومشبكه الفضي في سكون رخامي بارد ..حياتنا واحدة ..لا وجود معنوي لأحدنا دون الآخر..ولكن ما أثار انتباهي هو تواضعه وتذلله بين أناملي كطفل وديع طيلة عقود ؛ ولكنه اليوم يضع بين عيني سؤالا لم أتعوذ سماعه : - ما هي المسافة بين اقرأ وأكتب ..؟ ..لا أبحث عن جواب قد يؤرقني بتوارد أسئلة أخرى فأزداد ابتعادا عن حميمية بين شغب أفكاري وصرير القلم على الأوراق المستسلمة ..ماذا سأكتب ؟ ..طرح هذا السؤال بهذا الشكل إعلان صريح عن إفلاس حياة زاخرة وانكفاء في الذات ككائن بدائي يقتات على الذكريات وينعم في الغرائز ..منظر البحر في مده وجزره يشحنني كبطارية استنزفت طاقتها ،ويعيد دوران الرحى ..سأكتب ..سأبعثر أفكاري على الاوراق ..الأسئلة تطرح نفسها بلا توقف ..أهش عليها بقلم عنيد رغم استسلامه بين أناملي المرتعشة ، كأنني مطالب بوضع توقيع حاسم لتطويع تفاصيل حياتية متناقضة في وصية بلا تركة ..فالعيش بلا شك ولا معاناة ولا تحمل عذاب السؤال كالكتابة على جدران لأطلال خربة أو ونقش على الماء ...ألقيت مرة أخرى نظرة على البحر الذي لا يعرف الملل ؛ وسبحت في الأفق وأنا أناجي نفسي بدهشة :- يالله ! كم هي قريبة السماء منم البحر ..! ..فهنا يتحد الوهم مع الواقع ..أكتب في هذا البعد الذي يبتلع الزمن والمكان ..نعم : سأكتب ..أخذت القلم بين أناملي ووضعته في أول السطر وشرعت في ممارسة شغبي ....
2018 : طنجة:
اخترت ركنا في المقهى يطل على البحر في اتساعه ويحجب الشاطىء ورواده . رغبتي انحصرت في الشروع في الكتابة قبل أن يشغلني شاغل عارض فيودي بأفكاري المستعجلة لاحتلال بياض أوراقي المرتبة على الطاولة ..نظرت إلى القلم وهو ملقى فوقها ينتظر اشارة مني لوشمها كحصان أدهم مروض يستعرض حركاته المنسقة على حلبة التباري ..كأني أرى القلم لأول مرة ..كنت أحسبه شلوا مني ..تتبعت انسياب شكله ومشبكه الفضي في سكون رخامي بارد ..حياتنا واحدة ..لا وجود معنوي لأحدنا دون الآخر..ولكن ما أثار انتباهي هو تواضعه وتذلله بين أناملي كطفل وديع طيلة عقود ؛ ولكنه اليوم يضع بين عيني سؤالا لم أتعوذ سماعه : - ما هي المسافة بين اقرأ وأكتب ..؟ ..لا أبحث عن جواب قد يؤرقني بتوارد أسئلة أخرى فأزداد ابتعادا عن حميمية بين شغب أفكاري وصرير القلم على الأوراق المستسلمة ..ماذا سأكتب ؟ ..طرح هذا السؤال بهذا الشكل إعلان صريح عن إفلاس حياة زاخرة وانكفاء في الذات ككائن بدائي يقتات على الذكريات وينعم في الغرائز ..منظر البحر في مده وجزره يشحنني كبطارية استنزفت طاقتها ،ويعيد دوران الرحى ..سأكتب ..سأبعثر أفكاري على الاوراق ..الأسئلة تطرح نفسها بلا توقف ..أهش عليها بقلم عنيد رغم استسلامه بين أناملي المرتعشة ، كأنني مطالب بوضع توقيع حاسم لتطويع تفاصيل حياتية متناقضة في وصية بلا تركة ..فالعيش بلا شك ولا معاناة ولا تحمل عذاب السؤال كالكتابة على جدران لأطلال خربة أو ونقش على الماء ...ألقيت مرة أخرى نظرة على البحر الذي لا يعرف الملل ؛ وسبحت في الأفق وأنا أناجي نفسي بدهشة :- يالله ! كم هي قريبة السماء منم البحر ..! ..فهنا يتحد الوهم مع الواقع ..أكتب في هذا البعد الذي يبتلع الزمن والمكان ..نعم : سأكتب ..أخذت القلم بين أناملي ووضعته في أول السطر وشرعت في ممارسة شغبي ....
2018 : طنجة: