حسن فيرداوس
كاتب
[08/12 à 11:35] lhsen firdaous: عتبات موبوءة
( 1 )
هذه أول مرة يزور فيها مسقط رأسه منذ أن غادره مع أهله وخطيبته منذ عشرين سنة . طفولته في دروب وأحياء مدينة القنيطرة ترحب به في كل جولاته التفقدية . تغيرت المدينة بشكل عجز معه على ربط ما يشاهده بما عرفه في الماضي . تداخلت السلبيات والايجابيات دون تمييز بين المنجز وأوراش العمل . فقد ماضيه قرائن مروره وعيشه في المكان . بدأت أحاسيس الغربة تتلبسه وتتخبطه كمس شيطاني ..كلما مر على بيت لأحد أصدقاء الحي أو زملاء الدراسة وجده قد سوي بالأرض وبنيت فوقه عمارة طويلة عريضة تضم عدة شقق يقطنها أضعاف السكان الذين كانوا يوما أصحاب الحي ..جال في المدينة القديمة فوجدها قديمة فعلا .. عبرت السنين الطويلة دون جدوى ؛ كأن هذا الحي خرج للتو من سبات عميق كأهل الكهف ..ولم تكن أحياء ديور المخزن وديور صنياك والأقواس وغيرها في أحسن حال ..كانط يمشي ويتساءل : لماذا هذه المدينة قدر عليها أن تعيش مهمشة كمنجم استنفذ موجوداته ، وبقيت الآلات الصدأة شاهدة على شدة استغلال المنجم مما أدى إلى استنزافه ..؟ ..سؤال كان يتكرر كلما عاين أحوال أمكنة كانت تمثل قطعة من وجدانه ومرتع طفولته ....
تأمل بحس_رة مواقع كانت لقاعات سينيما الرياض وفنطازيو وقد ارتفعت فيها عمارات كالفطر ، وتأسف على منظر أطلال قاعات سينيما بالاص واتحاد وطانكرا ..لقد دفنت في هذا الدمار كل حكاياته الجميلة و مرافقة خطيبته مساء كل خميس لمشاهدة فيلم جديد ..فقدت المدينة ظلال أشجارها وحفيف أوراقها و أوكارها...بل فقدت هويتها ....
.. .
[08/12 à 18:37] lhsen firdaous: ( 2 )
مشى وقتا طويلا قاطعا شارع محمد الخامس من مدخله الجنوبي ثم عرج إلى شارع جون كنيدي ليلتحق بساحة الخبازات
بقيت البنايات القديمة تقاوم عوامل
الزمن وجشع المضاربين في العقارات ؛ بينما بدأت أجزاء من الشارع تشهد ارتفاع عمارات من أربعة طوابق وتغير المنظر العام لمدخل الشارع الواسع ليتحول إلى شبه أنفاق ومتاهات ..وكما غاب أناس ساهموا في صناعة تاريخ المدينة تبددت هوية المدينة ومعالمها وغرقت في الأوراش الواقفة أو غير المكتملة لتزيد الطين بلة ...
أمام اوضاع تتنكر لطفولته و ذكريات أجيال بأكملها .. حاول البحث عن صديق قديم ، لعله يجد في معانقته إحياء لما أضاعته معاول الجشع والأطماع المتكالبة على ما تبقى من هوية المدينة وناسها ..كأنهم ماتوا ودفنوا معهم التفاصيل الجميلة حتى لا تبوح بأيام مضت وحرقت مع حطب أشجارها ...
وجد بيت الصديق القديم متهالكا وحالة شاذة بين بنايات عالية تطل عليه كمردة تتربص للانقضاض عليه ..دق ..نادى ..دفع الباب فانفتح على " جوطية " من الأثاث وعطانة في الجدران تثير العطس ..لم يفهم واقع الحال ..تراجع إلى الباب ..وابتعد عن البيت دون محاولة الفهم ؛ فهو يخاف ان يصطدم بالأسوأ ..كره أن يزيد من غربته وضياعه ...
كانت الأفكار المحنطة بالغموض والهواجس المتسلطة تحاول تطويقه وهو يدافع لازاحة الكابوس بينما القطار يهدر فوق سكته في طريق العودة من شبح مدينة كانت يوما مرتع طفولته .....
.
( 1 )
هذه أول مرة يزور فيها مسقط رأسه منذ أن غادره مع أهله وخطيبته منذ عشرين سنة . طفولته في دروب وأحياء مدينة القنيطرة ترحب به في كل جولاته التفقدية . تغيرت المدينة بشكل عجز معه على ربط ما يشاهده بما عرفه في الماضي . تداخلت السلبيات والايجابيات دون تمييز بين المنجز وأوراش العمل . فقد ماضيه قرائن مروره وعيشه في المكان . بدأت أحاسيس الغربة تتلبسه وتتخبطه كمس شيطاني ..كلما مر على بيت لأحد أصدقاء الحي أو زملاء الدراسة وجده قد سوي بالأرض وبنيت فوقه عمارة طويلة عريضة تضم عدة شقق يقطنها أضعاف السكان الذين كانوا يوما أصحاب الحي ..جال في المدينة القديمة فوجدها قديمة فعلا .. عبرت السنين الطويلة دون جدوى ؛ كأن هذا الحي خرج للتو من سبات عميق كأهل الكهف ..ولم تكن أحياء ديور المخزن وديور صنياك والأقواس وغيرها في أحسن حال ..كانط يمشي ويتساءل : لماذا هذه المدينة قدر عليها أن تعيش مهمشة كمنجم استنفذ موجوداته ، وبقيت الآلات الصدأة شاهدة على شدة استغلال المنجم مما أدى إلى استنزافه ..؟ ..سؤال كان يتكرر كلما عاين أحوال أمكنة كانت تمثل قطعة من وجدانه ومرتع طفولته ....
تأمل بحس_رة مواقع كانت لقاعات سينيما الرياض وفنطازيو وقد ارتفعت فيها عمارات كالفطر ، وتأسف على منظر أطلال قاعات سينيما بالاص واتحاد وطانكرا ..لقد دفنت في هذا الدمار كل حكاياته الجميلة و مرافقة خطيبته مساء كل خميس لمشاهدة فيلم جديد ..فقدت المدينة ظلال أشجارها وحفيف أوراقها و أوكارها...بل فقدت هويتها ....
.. .
[08/12 à 18:37] lhsen firdaous: ( 2 )
مشى وقتا طويلا قاطعا شارع محمد الخامس من مدخله الجنوبي ثم عرج إلى شارع جون كنيدي ليلتحق بساحة الخبازات
بقيت البنايات القديمة تقاوم عوامل
الزمن وجشع المضاربين في العقارات ؛ بينما بدأت أجزاء من الشارع تشهد ارتفاع عمارات من أربعة طوابق وتغير المنظر العام لمدخل الشارع الواسع ليتحول إلى شبه أنفاق ومتاهات ..وكما غاب أناس ساهموا في صناعة تاريخ المدينة تبددت هوية المدينة ومعالمها وغرقت في الأوراش الواقفة أو غير المكتملة لتزيد الطين بلة ...
أمام اوضاع تتنكر لطفولته و ذكريات أجيال بأكملها .. حاول البحث عن صديق قديم ، لعله يجد في معانقته إحياء لما أضاعته معاول الجشع والأطماع المتكالبة على ما تبقى من هوية المدينة وناسها ..كأنهم ماتوا ودفنوا معهم التفاصيل الجميلة حتى لا تبوح بأيام مضت وحرقت مع حطب أشجارها ...
وجد بيت الصديق القديم متهالكا وحالة شاذة بين بنايات عالية تطل عليه كمردة تتربص للانقضاض عليه ..دق ..نادى ..دفع الباب فانفتح على " جوطية " من الأثاث وعطانة في الجدران تثير العطس ..لم يفهم واقع الحال ..تراجع إلى الباب ..وابتعد عن البيت دون محاولة الفهم ؛ فهو يخاف ان يصطدم بالأسوأ ..كره أن يزيد من غربته وضياعه ...
كانت الأفكار المحنطة بالغموض والهواجس المتسلطة تحاول تطويقه وهو يدافع لازاحة الكابوس بينما القطار يهدر فوق سكته في طريق العودة من شبح مدينة كانت يوما مرتع طفولته .....
.