حسن فيرداوس
كاتب
الطفل يسأل
نظر" علي" طويلا إلى طفله " زهيد " ذي الخمس سنوات محاولا استجلاء ما وراء هذا الوجه البريء. جسد بض صغير ولكنه شحنة من الأسئلة التي لا تنتهي . فيلسوف صغير يثير فضوله كل ما لايخطر لك على بال . أحيانا يحتار في كيفية إجابته بمبررات متعددة ..مرة بالموضوع أكبر من سنه ، وأخرى بالحشمة والحياء ، وكثيرا بالعجز الحقيقي ..عندما يمد له لعبة ليشغله يدويا عما يشغل عقله الصغير ، يقلبها بيديه بعض الوقت ثم يعود للعبة الأسئلة ..بدأ يشك في مواكبة العقل للجسد في نموه ؛ لأن ما يشغل ابنه عن وعي أو بدون وعي أكبر من سنه ، بل ويفوق ما يفترض أنه الحد الأعلى من المكتسبات ..اشترى له لعبة أكثر تعقيدا موجهة للاكبر سنا ، ولكنه فضل النشاط الذهني المجرد على العمل الحسي اليدوي ؛ وأكثر من الأسئلة " الشاذة " في مثل عمره ..خشي أن يكون ابنه " زهيد " حالة استثنائية بين أترابه فيصعب عليه الاندماج معهم والتفاهم بلغة الأطفال البسيطة والسطحية في غالب الأحيان ..سأل في كل اتجاه ولكن الأجوبة العمومية أو المفتقرة إلى الدراية تزيد من حيرته وارتباكه ..وبحكم تعلمه حاول رصد حالة زهيد في بعض الكتب التي اقتناها بهذا الخصوص ؛ لكنه وجد نفسه في متاهة من علوم متداخلة ما بين البدني العضوي الطبي والسيكلوجي والاجتماعي فصرف نظره عن جهد يتطلب متخصصين ومنهجية في الدراسة والبحث ..أحيانا وفي وقت مقتطع من قيلولته يناديه :- تعالى يا زهيد ..وكان يأتي مهرولا لأنه يجد في والده الآذان الصاغية والقابلية لمسايرته في لعبة الأسئلة أكثر من أمه التي لا تتحرج من نهره وإرساله للانشغال بلعبه المتناثرة في كل غرف البيت بدل ازعاجها.. قل لي يا زهيد :- هل عندك اليوم أسئلة تريد الاجابة عنها ..؟ ..نعم يا أبي ..انتظر الأستاذ علي فورة الأسئلة الغريبة لتنهال عليه كالبرد الكبير الحجم ، ولكن الطفل زهيد ظل صامتا على غير المعتاد ..!..شجعه ليبادر بالأسئلة العجائبية دون جدوى .. وفجأة انفجر الطفل زهيد قائلا :- لقد " خاصمات" علي طاطا نبيلة في الروض وأمرتني أن " أدخل سوق راسي " كما كانت تقول لي أمي ...! ..حاول علي استثارته للاستمرار في " هوايته " ؛ لكن جواب الطفل كان حاسما : - أنت أيضا لا تجيبني ..دائما تقول لي " حتى تكبر ونجاوبك " ...صمت علي وبقي السؤال الكبير :- ما موقع الأسئلة في حياة الطفل ..!؟
نظر" علي" طويلا إلى طفله " زهيد " ذي الخمس سنوات محاولا استجلاء ما وراء هذا الوجه البريء. جسد بض صغير ولكنه شحنة من الأسئلة التي لا تنتهي . فيلسوف صغير يثير فضوله كل ما لايخطر لك على بال . أحيانا يحتار في كيفية إجابته بمبررات متعددة ..مرة بالموضوع أكبر من سنه ، وأخرى بالحشمة والحياء ، وكثيرا بالعجز الحقيقي ..عندما يمد له لعبة ليشغله يدويا عما يشغل عقله الصغير ، يقلبها بيديه بعض الوقت ثم يعود للعبة الأسئلة ..بدأ يشك في مواكبة العقل للجسد في نموه ؛ لأن ما يشغل ابنه عن وعي أو بدون وعي أكبر من سنه ، بل ويفوق ما يفترض أنه الحد الأعلى من المكتسبات ..اشترى له لعبة أكثر تعقيدا موجهة للاكبر سنا ، ولكنه فضل النشاط الذهني المجرد على العمل الحسي اليدوي ؛ وأكثر من الأسئلة " الشاذة " في مثل عمره ..خشي أن يكون ابنه " زهيد " حالة استثنائية بين أترابه فيصعب عليه الاندماج معهم والتفاهم بلغة الأطفال البسيطة والسطحية في غالب الأحيان ..سأل في كل اتجاه ولكن الأجوبة العمومية أو المفتقرة إلى الدراية تزيد من حيرته وارتباكه ..وبحكم تعلمه حاول رصد حالة زهيد في بعض الكتب التي اقتناها بهذا الخصوص ؛ لكنه وجد نفسه في متاهة من علوم متداخلة ما بين البدني العضوي الطبي والسيكلوجي والاجتماعي فصرف نظره عن جهد يتطلب متخصصين ومنهجية في الدراسة والبحث ..أحيانا وفي وقت مقتطع من قيلولته يناديه :- تعالى يا زهيد ..وكان يأتي مهرولا لأنه يجد في والده الآذان الصاغية والقابلية لمسايرته في لعبة الأسئلة أكثر من أمه التي لا تتحرج من نهره وإرساله للانشغال بلعبه المتناثرة في كل غرف البيت بدل ازعاجها.. قل لي يا زهيد :- هل عندك اليوم أسئلة تريد الاجابة عنها ..؟ ..نعم يا أبي ..انتظر الأستاذ علي فورة الأسئلة الغريبة لتنهال عليه كالبرد الكبير الحجم ، ولكن الطفل زهيد ظل صامتا على غير المعتاد ..!..شجعه ليبادر بالأسئلة العجائبية دون جدوى .. وفجأة انفجر الطفل زهيد قائلا :- لقد " خاصمات" علي طاطا نبيلة في الروض وأمرتني أن " أدخل سوق راسي " كما كانت تقول لي أمي ...! ..حاول علي استثارته للاستمرار في " هوايته " ؛ لكن جواب الطفل كان حاسما : - أنت أيضا لا تجيبني ..دائما تقول لي " حتى تكبر ونجاوبك " ...صمت علي وبقي السؤال الكبير :- ما موقع الأسئلة في حياة الطفل ..!؟