حسن فيرداوس
كاتب
لحظة انتظار
ليس هناك أثقل على المنتظر من الجلوس وانتظار حصول شيء غير متأكد منه . مجهول بنكهة المعلوم يغلفه الشك .لحظة مقتطعة من وقت تترنح فيه عقارب الساعة في تباطىء كسكير آخر الليل . دقائق تحتضر على ميناء أضاع بوصلة الزمن ؛ وبدا كمتشرد يرتجل سلوكاته لاثبات حضوره . مهما تكلمت في لحظة هاربة تفقد الكلمة معناها و تبقي كوشم على ظاهر اليد انقرضت رمزيته مع توالي الأيام والشهور والسنوات .
تململ قليلا ليعدل من جلسة غير مريحة أتعبت مقعدته على كرسي بلاستيكي غير مصمم للبدناء. تنحنح بلا داع لمجرد تدوير لسانه الذي التصق بسقف حلقه..ليس ثمة ما يقال ..اجترار الكلام كبهيمة تعاود المضغ والطحن لما انتجعته تحصيل حاصل يؤزم نفسية مشدودة أصلا كقوس مستعد لإطلاق السهم في إتجاه غير واضح الهدف ..والصمت ..!؟..كم هو شاق أن ترزح تحت ثقله..فالصمت يتكلم عندما يفرض الموقف ذلك. .القاعة رخامية باردة تلتقي في فضائها إشارات غير مرئية للهواتف المحمولة ونظرات فضولية زائغة تتقاطع بدون رغبة في التعارف أو فهم ما يجري ....
تشرئب الأعناق لاستطلاع ما يجري في الجهة الأخرى من القاعة ..الفضول نزعة إنسانية كما هي نزعة حيوانية مع اختلاف في السياق ..الأعناق الممدودة لتعرف ما لا يجب معرفته تغري مسرور السياف في قطع دابرها..الوقت ..هذا السيف فل نصله في زمن الرداءة ، وتحول صوت صليله إلى غثاء بعير يستدعي الذئاب إلى مأدبة اللئام.. لم يمت مسرور السياف ولكنه استنسخ في كائنات هجينة ماكرة يفعلون ما يؤمرون دون أن يرف لهم جفن...
عاد من متاهته يجر أذيال الخيبة ليعود إلى لعبة الإنتظار..مقدر عليه أن ينتظر كل قادم معروف أو مجهول ..الحياة كلها قاعات انتظار ..الوطن يشغل عدة قاعات ..حاراته وبلداته تفترش مصطبات في قاعات أخرى كئيبة تنتظر غربان بيضاء..هواء مدينتي وأخواتها يجري في سماء من يحموم أقسم ألا يتبدد حتى إشعار آخر..ة ..نهري وأخواته أصابها الغثيان والدوخة تاهت ما بين المنبع والمصب ..الناس تحاول ايقاد شموع الفرح وسط عاصفة الإنتظار...
بقي في القاعة التي سكنته كالعفاريت التي تجوب الأضرحة لأخذ غنيمتها من الكرامات.. يتمطى ويتململ ..فغلبه النعاس لينام ممنيا نفسه بالاستيقاظ السنة المقبلة في قاعة أخرى أقل برودة وكابة ؛ فهو قرر ألا ينتظر غودو مرة أخرى....
.. 2018 : القنيطرة
..... من وحي نهاية السنة
ليس هناك أثقل على المنتظر من الجلوس وانتظار حصول شيء غير متأكد منه . مجهول بنكهة المعلوم يغلفه الشك .لحظة مقتطعة من وقت تترنح فيه عقارب الساعة في تباطىء كسكير آخر الليل . دقائق تحتضر على ميناء أضاع بوصلة الزمن ؛ وبدا كمتشرد يرتجل سلوكاته لاثبات حضوره . مهما تكلمت في لحظة هاربة تفقد الكلمة معناها و تبقي كوشم على ظاهر اليد انقرضت رمزيته مع توالي الأيام والشهور والسنوات .
تململ قليلا ليعدل من جلسة غير مريحة أتعبت مقعدته على كرسي بلاستيكي غير مصمم للبدناء. تنحنح بلا داع لمجرد تدوير لسانه الذي التصق بسقف حلقه..ليس ثمة ما يقال ..اجترار الكلام كبهيمة تعاود المضغ والطحن لما انتجعته تحصيل حاصل يؤزم نفسية مشدودة أصلا كقوس مستعد لإطلاق السهم في إتجاه غير واضح الهدف ..والصمت ..!؟..كم هو شاق أن ترزح تحت ثقله..فالصمت يتكلم عندما يفرض الموقف ذلك. .القاعة رخامية باردة تلتقي في فضائها إشارات غير مرئية للهواتف المحمولة ونظرات فضولية زائغة تتقاطع بدون رغبة في التعارف أو فهم ما يجري ....
تشرئب الأعناق لاستطلاع ما يجري في الجهة الأخرى من القاعة ..الفضول نزعة إنسانية كما هي نزعة حيوانية مع اختلاف في السياق ..الأعناق الممدودة لتعرف ما لا يجب معرفته تغري مسرور السياف في قطع دابرها..الوقت ..هذا السيف فل نصله في زمن الرداءة ، وتحول صوت صليله إلى غثاء بعير يستدعي الذئاب إلى مأدبة اللئام.. لم يمت مسرور السياف ولكنه استنسخ في كائنات هجينة ماكرة يفعلون ما يؤمرون دون أن يرف لهم جفن...
عاد من متاهته يجر أذيال الخيبة ليعود إلى لعبة الإنتظار..مقدر عليه أن ينتظر كل قادم معروف أو مجهول ..الحياة كلها قاعات انتظار ..الوطن يشغل عدة قاعات ..حاراته وبلداته تفترش مصطبات في قاعات أخرى كئيبة تنتظر غربان بيضاء..هواء مدينتي وأخواتها يجري في سماء من يحموم أقسم ألا يتبدد حتى إشعار آخر..ة ..نهري وأخواته أصابها الغثيان والدوخة تاهت ما بين المنبع والمصب ..الناس تحاول ايقاد شموع الفرح وسط عاصفة الإنتظار...
بقي في القاعة التي سكنته كالعفاريت التي تجوب الأضرحة لأخذ غنيمتها من الكرامات.. يتمطى ويتململ ..فغلبه النعاس لينام ممنيا نفسه بالاستيقاظ السنة المقبلة في قاعة أخرى أقل برودة وكابة ؛ فهو قرر ألا ينتظر غودو مرة أخرى....
.. 2018 : القنيطرة
..... من وحي نهاية السنة