عبد الرحيم التدلاوي
كاتب
فنجان قهوة، وحبة شكولاطة، قصص قصيرة جدا، لا أملك ما يجعلها كتابا ورقيا.
**
فتحة
***
استسلمت لليأس، واستلقت على فراشه الوثير تستعيد محطاتها المجهضة، والليل دامس، والأبواب مغلقة بإحكام. وحدها الشمس تمكنت من التسلل من خصاص النافذة.
معافاة
***
أهداها عقد لؤلؤ صاغه من معاناته الطويلة ليسكت فمها من سبابها الدائم، وهذيانها المتواصل، وتذمرها الكاسح؛ كان قد أدخله مرحاض المستشفى ليتخفف من ضغط أمعائه التي انتفخت بشكل غير طبيعي.
عناد
***
تسربت إلى قلبه بذرة حزن، نبتت فتحولت تشاؤما، صار سلما ، ارتقاه إلى أعلى الخيبة، ومن هنا، قفز بطريقة بهلوانية ناجحة بشكل ممتاز في الفراغ.
دفع الأبواب كلها، فصدته، آمن، لحظتها، أنه منحوس، ينبغي محوه لتصفو السماء.
ظل يفكر ويفكر .. ولما استعاد نشاطه .. عاد للدفع من جديد ..
لامبالاة
***
بقي وحيدا في المطار ينتظر بعد أن غادر الجميع.
داهمه نوم شديد المفعول فاستجاب مكرها. شعر بجوع غريب فالتهم كل ما حوله.
أقبلت طائرة وبدأت تحوم حول المكان كأنها تبحث عن نقطة ارتكاز، ولما أعياها الأمر قررت الرحيل غير عابئة بالرجل الواقف بخشوع يلوح بيديه رافعا رأسه في ضراعة.
عنف في المدينة
***
بيده المتعرقة والخشنة، مسح على رأسي، قم ضمني بقوة الهصر حتى بكيت، مسح دموعي بهدية، هي رجل آلي بشع، تحول إلى ذئب فأتى على كل ألعابي.
آه! ...
كم تألمت.
أكمام الورد
***
كلما طوقت خصر زوجتي ونحن على الفراش، نمارس قداستنا، أقبلت علي وهي تشعر بالأمان، فينتعش جسدها، ويحمر خداها وتلمع عيناها، وترتسم على محياها علامات الرضى.
ما بالها اليوم تنتفض، تتلوى، وتخمد ؟!
اللعنة !
يدي اللعوب مازالت تحمل أثر عطر كالسم تسرب إلى قلبها الحي ...
كان علي أن أستحم قبلا.
.
فداء
آلمني أن أرى الناس تعاني من ارتفاع الحرارة وضربات الشمس، وأنا أسير مرتاح البال تظللني غيمة طاهرة. كنت أسمع لهاثهم، وأرى عرقهم فتزداد ضربات قلبي تضامنا.
قررت أن أقف غير بعيد لأنسج لهم قبعات واقية.
يد سحرية أبت إلا أن تدخلني حرم النوم، فاستجبت.
وإذ نهضت، وجدت القوم يستمتعون، وفوقي الشمس قبعة.
نعش
يسير وسط الطريق
غير عابئ بالموت
غير عابئ بالعويل
في طريقه إلى المقبرة.
مواهب
***
على خشبة برنامج"اكتشاف المواهب الشابة"، صعد رجل عجوز ثمانيني يمسك بحرارة بيد زوجته العجوز التي التقاها بعد غياب دام سنين، وأمام اندهاش الجميع، قبلها قبلة الحياة حتى الموت.
تحسس الجمهور المشجع شفاهه.
.
برزح
***
فجأة، ومن دون مقدمات، رفع أكف الضراعة، وبقلب مفعم بالإيمان، وبدمع غزير، قال: رب! اغفر لي، فقد صرت ملحدا!
كان أول عهد له بالكفر.
ثم قام، توضأ، وصلى ركعتي شكر.
أخيرا..
***
وبعد بحث مضن في الزمان والمكان، كلفها شبابها...
وجدته، ممددا بكل أبهة، فوق فراش حلمها الوثير، ينزف بعنفوان دما.
جاءها صوت رخيم كعذوبة الماء في صحراء التيه: أنت صديقة.
مظلة
***
تتساقط أمطار غزيرة، وبرد يقصم العظام، يخرج مظلته، يفتحها بأريحية ليحميه من التشرد...
تنشأ صداقة بين ربة منزل صاحب المظلة والكلب الشريد، فيما يظل صاحب المظلة متسكعا باحثا عن وجبة أخرى.
كوميديا
***
هبت ريح غريبة ما ألفها الناس، ولا اعتادوها.
لما انقشع غبارها، وجدوها قد حملت المسدس إلى الكرسي الوثير من دون صاحبه.
قام حكيم الأمة بإسدال ستارة مسرحية سقوط الأقنعة.
قرار
تزينت، تحلت، و تعطرت، فبدت في أبهى حلة، كانت خريدة، بالألباب آخذة..
غفت و هي تنتظر مجيئ الزوج..سمعت صلصلة.. خصاما.. وخوارا..و اليد اليمنى تقبض بقوة على السكين..
رأت وجوها نضرة، لم تعد ترهقها قترة..
طرق سمعها صوت ساخر:".. حين يدخل الجمل في سم الخياط..!"
استدركت:
طريق الغبار يحتاج الى صهوة الرياح.. و لكل سبيل خطو..
نهضت من غفوتها، قررت ألا تذهب الى الحفل.. قررت أن تقيم احتفالا..
غرور
***
نآى عن الناس إلى صخرة عالية...
بدت له الخلائق صغيرة جدا...حشرات..
أخرج عبوة..رش المبيد..
فسقط جثة هامدة!
تشاؤم
***
صحت صيحة قوية، مأخوذا بالحراك العربي : وحدة عربية..
المزهرية التي أمامي، سمعت الصيحة، قهقهت بقوة إلى أن تناثرت ضحكا...
عفة
***
..و تابع الشيخ حديثه :
..و لما تكلم ضميرها و تعففت..انفض الرجال من حولها..و تركوها قاعدة..!
فتصاعدت من الجمع الآهات..!
انضباط
***
أطلقت قطيع غضبي إلى الشارع..
لما علمت حساسية أذنه الدقيقة..بعثت بكلب خوفي يعيدها..
إلى حضيرة فمي..!
حبة أسبرين
***
أيها الهمجي!
لا تبتلعني دفعة واحدة.
أين الحب؟
ساعة
***
قضى حياته يقرأ العلامات، يقلبها ذات اليمين وذات الشمال، كقارئة فنجان تعلم اليقين، بانتظار قيام الساعة؛ إلى أن قضى نحبه.
شغف "عادي"
***
كشاة مذبوحة:
ظل متعلقا به
عاضا عليه بالنواجذ
إلى آخر
ن
ف
س.
كأسك يا وطن
***
أخرج من محفظة أحلامه أقلام فرح
رسم وطنا بعبق الورد
على اللوحة ظهرت صورة خرابة وغربان وكثير رماد.
بغضب:
رسم ريحا صرصرا عاتية،{ كانت حصانا أخضر، فحمله إلى الغياب.}
تلميع
حزينا اتخذت لنفسي مقعدا بأحد المقاهي الشعبية، طلبت فنجان قهوة سوداء؛ بدأت أرتشفه متابعا طفلا صغيرا يحمل صندوق تلميع الأحذية وهو يمر بين الرواد، تابعته لأنفلت من قبضة الضجيج، فغفوت، أعاد إلي انتباهي طرق الصبي الصندوق بعقب فرشاة التلميع، كان مبتسما، شربت ما تبقى من فنجاني دفعة واحدة، ومددت إليه وجهي.
ورك
***
توجهت بعزم إلى صاحبة الدجين وهي تسير مختالة ، تتمايل بكشحها، تثني عطفها فتهتز القلوب، قلت في نفسي: البضاعة الزائفة إساءة لنزاهة السوق، وكنت قد شاهدت فيديو لفاتنة تتجول في الأسواق لا تلبس سوى وهم سروال، ولم يلحظ أحد الفخ اللذيذ، أمسكت بردفيها العظيمين بقوة لأتأكد، استدارت نحوي باسمة، وقالت لي وقد رأت دهشتي لما التصق الكفان: أعد لي ردفي لما تشبع نهم فضولك الراهب، وواصلت سيرها على أنغام خسارتي.
تلك ..{ إلى أخي سندباد الإبداع، سيدي نورالدين، مع التقدير}
***
و... وأخيرا، تمكنت منها؛ ففي غمرة التدافع، كنت السباق في الوصل إليها والاستفراد بها، قدمت لها وردة، استنشقتها بعمق حتى تساقطت بتلاتها.
حدائق
***
أمر بين الصفوف
أطل من النافذة المفتوحة بأريحية على الحديقة الخلابة..
تثير شهيتي حبتا الرمان..
أشعر بتحلب فمي و بنشوة الخمرة تجتاحني
تعلو وجه الطفلة حمرة الورود..
ينهي الجرس ارتباكها.. وسقوطي.
تراتيل---
***
دخل قلبها فارسا على أنغام الفرح..
أخرجوه على محفة..
ورقة في مهب الريح
حلم بنفسه في جنان الروعة فراشة تحلق بحرية.
فجأة تحول الحلم كابوسا خانقا ، حاول أن يصرخ ، غير أن الخوف المفاجئ أخرس لسانه..
قطرات الدم جعلته ينكمش كورقة مهملة
حيلة
***
قلت لهم : اقتلوا كل مواطن يخرج من منزله.
بعد فترة .
لم لم تقتلوا أحدا؟
عفوا، هؤلاء رعايا.
تاريخ مجيد
***
يطير الرأس في الفضاء ضاحكا..
هل أنت مجنون؟
لا، أنا من أقسى العرب.
درس الحساب
خرجت نهى من القسم جذلى بعد درس الحساب..
في الطريق إلى المنزل شاهدت المعطلين مطوقين تنزل العصي عليهم بغير حساب..
بالمنزل سألها أبوها: ماذا درست؟
قالت :الحساب، و بلاغة الأعداد!
ثم حكت ما رأته، فتبسم الأب، و قال: بنيتي! كانوا فقط يطبقون ما درست، مجددا، رسما على العباد..
حلم
حلق بأجنحة الخيال بعيدا... ليصوغ حلما أغواه بأن يكون طبيبا..
قام الواقع ببعث أشعته الضاحكة، فذابت الخيوط الواهية...إلى الهاوية..
استفاق بغرفة الإنعاش محاطا بجمع من الناس..
تتويج
جردها من كل ملابسها..يسبق لعابه لهاثه..
و هو يهم بها، شم رائحة البصل..
زالت دوخته ، فجثا باكيا ..
رفع أكف الضراعة، فامتلأ كوب روحه بالدموع..
منحته صكوك الضحك..
غواية
لاحقها..
تضايقت..
زاد في تحرشه..
أهدته تبانها..
استنشق عطره عميقا..
فقد طريق العودة.
شهاب
رأوه مقبلا عليهم صارخا، و النار تأكل بعضه..
أغلقوا عليهم أبواب منازلهم، و تابعوه من النوافذ..
حتى إذا غاب..
توجهوا إلى المسجد لأداة صلاة الشكر !
عزاء
يشتد وهج البدر..يشع نوره قمرا..يغتسل العشاق بسنا ضوئه العطر..
ثم،يبدأ في الخفوت..إلى أن يغيب..
تنفطر القلوب..و إلى قبره ترافقه دمعة.
ضبابية
حط عصفور على كتفه..ارتعد فرقا..أراد إبعاده بلطف..خانته إرادة التحدي..استسلم لكآبة اللحظة المجنونة..
همس له بتغريد..، فتسلق جدار الصمت، و أعلن للملإ أن العصافير إذا ماتت فالقلوب مثواها..
سرب قذائف من لاجهة أتت سريعا ، طوقت المكان بسلاسة، و أعلنته منطقة منكوبة !
مخرج فني---
بعد حمام دافئ أعاد لي توازني، و كنت قد أفرغت طاقة زائدة كادت تعصف بعقلي، طفا على سطح وعيي شكواها من الحياة، و تذمرها من سوء حظها..
تذكرت، الآن ، يدي التي حنت عليها، و كلماتي الحالمة المليئة بالوعود..
و لأني أدركت الورطة التي وقعت فيها، فالمسؤولية ثقيلة، و أن لا مخرج لي منها، فقد ادعيت أن ما جرى لم يكن سوى حكاية خيالية.
غروب---
تستهلك النظرات أشياء العالم بشراهة كالنار..
يغيب المكان رويدا رويدا..
يتلاشى النبض قليلا.. قليلا..
و بسرعة ،
ينهش الليل العينين !
غمد
خرجت من منزلي مفعما بالسعادة و قد سربلتني زوجتي بالرضا..ما كدت أبتعد قليلا حتى سمعت صراخا منبعثا من منزل جارتنا الوحيدة..
اهتز قلبي فرقا و قد طرق سمعي نداء استغاثة..
سرعت خطوي ابتغاء الابتعاد..فجأة انفتح الباب بقوة و خرج منه شاب هائج يحمل سيفا داميا يبغي الهرب..غاض منسوب نشوتي و ارتفع ضغط دمي..
لم أحس إلا بظهري قد صار غمدا..
رغوة
...وهي تصب الشاي..رأت في الرغوة التي تزين هامة الكأس..رذاذ أبيها يمطرها بلعناته لا تتوقف إلا حين تغيب عن وعيه..
في ركن من قبوها الحقير..فركت جسدا بالماء الدافئ و الصابون..بقوة..تريد استعادة عطره الأول..
تذكرت بحزن تلك القبلات الخشنة توقظ فيها أنوثتها باكرا..
نزلت من عينيها دموع..فتحجرت..
جوعى
جاءه الخوف محمولا على أسنة الرعب ، فاختلج قلبه فرقا.
اصطكت ركبتاه ، أدرك بنباهة أنه لا يملك فضيلة الدفاع ، اختارت قدماه الهروب.
الصخرة البليدة حدت من فورة الجري فتشتت دماغه.
كسرة الخبز التي كانت بين يديه سقطت بين الأرجل.
تسابق الجوعى لحملها إلى السيد الغافي.
توضيب
لم يقبل عليه الناس كما كانوا يفعلون.
هل بارت تجارتي؟!
علم من أقرب مرآة السبب.
طبعا!
عاد إلى منزله سريعا لتصحيح الوضع.
تفسير
أحس بدغدغة في كفه فحكها...تولدت منها طيور مختلف أشكالها وألوانها...غطت السماء بألحان الفرح. لأول مرة شعر الناس بخفة قلوبهم.
بغتة، قدم رعد ، تبعه برق حاد كالسيف فأسقط اليد، غطا الأرض ماء بألوان الطيور.
تكدير
وهي تستمتع بحمام شمس يدفئها ويزيل برودة احتلت دواخلها فكادت الرطوبة تقضي على أي أمل في الشفاء من كآبة شتاء قارس، وقد تمددت على فوطة فوق رمال ذهبية تحت أنغام تدفق أمواج البحر، إذ قرع سمعها صوت حوافر خيل غاضبة، هز فؤادها وأرعب نفسها، فتحت عينيها لتجد السماء ملبدة بغابر ذري حجب متعة الاستمتاع بفصل الصيف، نظرت حوليها، فما كان من قلبها إلا أن تسلل من طوق الكراهية.
لعبة
رسم بقلم أحمر خطا عموديا، فتجند الطرفان لحماية الحد.
تمادى فرسم خطا أفقيا، فتكاثر المدافعون.
أعجبته اللعبة فبدأ يرسم خطوطا مجنونة؛ فانتعش دم الجزر.
خيبة وألم
وأنا أتابع المناظر المنفلتة من نافذة القطار، مأخوذا بجمالها الفتان، أحسست بألم حاد صير المناظر حمراء قانية،
وقبل أن تغيم الأشياء في ناظري، رأيت خلفي كاتبا مجنونا يقهقه، يمسح بكم جلبابه الوسخ لعابه السائل.
ميلاد...
وقفت ذات التسعة خريفا تنظر باندهاش إلى الطفلة التي نزلت من السيارة وهي تقلب المحل رأسا على عقب بحثا عن دمية مميزة.
كان المنظر يبعث على الضحك، بسرعة كفكفته لما التقت العينان. فقد أدركت بحاستها ميلاد التراجيديا.
انكسار
انفرج الجدار الأسود عن رجل غائم الملامح ذي رائحة غريبة. جلس إلى جانبي ونظر بإمعان إلى مكتبتي، مرر راحته عليها فامحت بعد أن قاس نبضي. عجبت وزاد عجبي حين أخرج من صدره كتابا مدني به.
شعرت بخفة وأنا أطالعه بإمعان.
وقف الأسد فوق الربوة حزينا وهو يرى مملكته وقد أتت عليها النيران.
سكن عينيه الفراغ المطلق.
وبقرار حكيم وخطوة مدروسة، قفز في وسطه ليمتلئ به.
تكسر الكرسي بفعل صديد العجيزة الرابضة عليه.
مواساة
دخلت إلى غرفتها هربا من صقيع الواقع..
نزعت ثيابها وارتمت على السرير تحضن وسادتها تبللها بالدمع الحار..
كفكفت عينيها يد القمر المطل من نافذتها .
فشل
رفعوا رؤوسهم، مسحوا السماء مسحا، بحثا عن الوهج المقدس. ظلوا على هذه الحال إلى أن داهمهم الصبح، عادوا إلى منازلهم يجرون
ذيول الخيبة.
يا ليتهم نظروا إلى قلوبهم!
خطأ فادح
القذيفة الذكية والموجهة بعناية خاب ظنها، فلم تدرك أن منزل الصعاليك سيصير قبر شهداء.
استرجاع
يضطجع على فراشه الوثير، يتأمل السقف، ويتابع حركة المروحة.
تتحرك ذاكرته ، تسترجع يوم فخره بامتلاكها، فقد استطاع انتزاعها من أشرس المنافسين، وليلة حفل الزفاف الباذخ وقد تناقلته الصحف والألسن، وحمله إياها بين يديه وإدخالها إلى غرفة النوم حيث طرحها فوق الفراش هذا...كل شيء واضح، ما لم يفهمه، سر برودة الجثة التي إلى جواره.
تحول زكي
في لحظة يأس رفع أكف الضراعة، قبل أن ينطق، نزل على راحتيه شخص عجيب، أشعل بخورا وانصرف، لحظتها تحول الرجل دوحة غناء تفيأ ظلالها السمر، وصاروا يتحدثون عن رجل في لحظة يأس تحول دوحة غناء.
صرخة ألم
حيرته تلك الفتاة الحسناء وهي تقف خلف قضبان السكة الحديد بعينيها الزائغتين وحركاتها المضطربة وقضمها لأظافرها. ومشيتها الغضبى..
شعر تجاهها بانجذاب. وأحس بال تضامن مع حالتها...اندمج في شخصيتها كليا...
فجأة؛
أطلقت صرخة مدوية هزت أركان النفس...
خطو الفتى لم يكن بفرامل.
رماد
قالت...:
بلغني أيها السعيد، أن رجلا كتب لزوجته، و هما يحتفلان بمرور عقد من الزمن على زواجهما ..:
كانت تجربة جميلة، و فترة حلوة، اقتسمنا فيها المتعة، و شاركنا في بناء السعادة...
ختاما،لقد فقدت، اليوم، مدة صلاحيتك، و أصبحت خارج التغطية..!
بللت الورقة بدمعها الساخن، ثم وضعتها بجيب بدلته الليلية..
(و ماذا حدث؟).
في المساء، كان بصحبة خلانه و خليلاته، يحتفل بعزوبيته الجديدة..
أما التعيسة، فقد أشعلت عود ثقاب..فاحترقت الحكاية.
دهشة
كانت حزمة النور التي غمرت روحه قادمة من تلك الساحرة الجالسة بركن المقهى وهي تتأمل فنجانه بكثير من الدقة. جال ببصره في أركان المكان، فأخذته رعشة جمال الطاولات وهي تسبح في نعيم العشق وأقداح الهوى.
أعاد بصره إلى الحسناء ينظر إلى تفاصيل جسدها المنحوت بإزميل الروعة والبهاء.
لما رأته منكبا عليها يتقرى جزئيات بهائها قامت تمشي باتجاهه بدلال وخفر. رجت ثمالة قدحه بكثير دربة ودراية، وراحت تقرأ العلامات.
اهتزت يدها فسقط منها القدح وتناثرت بقايا القهوة، فارتسمت على خد الطاولة سفن محترقة.
نفاد صبر
نظروا ببهجة إلى حقولهم الصغيرة وقد أطربتها خضرة بساط الفرح، و إلى تصدعات السد وجلين، فقالوا: لم يكن سوى شق صغير...
ونظروا إلى بعض متسائلين. قال حكيمهم: نجتمع مساء للحسم.
في المساء نظر المكان من النافذة تارة، وطورا إلى الكراسي الفارغة، عيل صبره، ولما غامت الأمور، جمع أشياءه وانصرف.
في الصباح، وقد استيقظ القوم، لم يجدوا حقولهم، لم يجدوا السد، لم يجدوا مكان الاجتماع، اعترتهم الحيرة.
ثم قالوا، مؤامرة حاكتها يد الظلام.
فسحة
كل شيء في حياته يسير رأسا على عقب.
فما إن يلمس شيئا حتى يختل
ما يئس أبدا، فبداخله فسحة أمل بشساعة السماء.
بإصرار رسم بقلبه باب الأمل
منه بزغت شمسه
بأشعتها الدافئة اعتدلت...
سقطت من عيونهم الدهشة وهو يرون:
سيرها على رجليها.
مشهد
جثا على ركبتيه جنب زوجته المتشحة بالبياض بقلب عامر بالحزن..
قال والدمع يخضب غيابها:
من سيرطب ليالي الباردة بعدك يا حبيبتي؟
نظر إلى الأعلى بقسوة؛ وأطلق صرخة احتجاج مدوية أسكرت الوجود.
نهض وسار بخطو ثمل باتجاه المخرج:
أهكذا كنت تحب أن تفعل؟
تخلق
رمى بسهم الخطيئة
فأجهض
قبلة بريئة كانت في رحم الغيب تتخلق.
رحلة بحث
قلت لحبيبتي:
أحب أن أرى الحقيقة عارية.
تدثرت وغابت عن ناظري
مذاك وأنا أغذ السير بحثا عنها.
لم أبلغها بعد.
هل سأبلغها؟
الحلم
الحلم الذي طالما راودني، و أسكن في عيني السهاد
رأيته اليوم في الحديقة، يخاصر حسناء بهية، ويسيران الهوينى، يتأملان بلذاذة مفاتن الورد.
الحسناء التي طالما راودت خيالي، وأسكنت قلبي الحلم
رأيتها اليوم تخاصر حلمي، و تنظر إلي ساخرة.
أنا الذي طالما بحثت عن نفسي، رأيتني اليوم جالسا إلى مقعد خشبي في حديقة غناء، أتأمل حلمي و حسنائي، يسيران مع بعض في أروقة قلبي.
مفاجأة
حلمت البارحة أني أطلقت نيران قنصي على حمامتي البيضاء
هذا الصباح، استيقظت لأجدك على سريري مضرجة الآهات.
قراءة
هنأ ضابط المباحث الفنان الذي أنجز لوحاته الرائعة دفعة واحدة لحظة انفعال على إبداعه الذي يعبر عن الواقع بفنية عالية.
الضابط تمكن من فك لغز الجرائم التي روعت البلد معتمدا بالأخص على اللوحة الأخيرة و هي تظهر ملامح مجرم في لحظة ارتكاب فظاعاته.
الصورة
وقف يتأمل بإمعان و خشوع الملصق الإشهاري العملاق و قد تماوج بفعل نسائم البحر الأزرق العميق. كانت صورة وجه امرأة مشرق ذات فم شبيه بحيوان غامض وصغير، حار الدم و قرمزي اللون.
شدته بقوة الشفتان الممتلئتان و قد انفرجتا، كانتا كدعوة ساخنة للقبل.
سار باتجاهها كالمسرنم.
لم تصدمه السيارة المسرعة بجنون، لا، و لا عمود الكهرباء و قد عجز عن هزم العتمة، كل ما حصل هو اشتباك الشفاه كما النصال، و سقوط في بحر الجوى.
تحكم
الطائرة التي تنفث غضبا فتلوث صفاء السماء ، واقفة في الفضاء تنتظر أمري.
أمرها لا يعنيني ؛ فأنا في غاية السعادة . أفكر في إخفائها في رأس ذلك الرجل الملتهم للكتب.
أخاف أن تصير أكثر خبثا.
سأتركها بين أشجار الغابة إلى حين.
مرارة
يوقفني مشهد فتاة ترفع يدها لتطوق حبيبها بقبلة.
أرى اليد سيفا يطعن الفضيلة.
أصيح منددا ، غير أن صوتي المبحوح تلجلج ؛ فصرخت :
واكبتاه !.
فاشل
تسلق الشجرة بخفة نسناس. لما بلغ قمتها رجها ليسقط ثمارها الشهية.
بدت له تزين أديم الأرض فأسرع في النزول.
بهت لما لم يعثر عليها ، كان ما تزال معلقة كالنجوم.
و بين صعود و نزول كل حلمه.
ارتفع أخيرا ، و أعلن كمؤذن صلاة سقوط العالم.
دمعة الحكاية
سقطت صريعة هواه من النظرة الأولى.
ناضلت من أجله و تجاوزت كل العقبات.
لما قتل ذرفت عليه دمعا غزيرا..
إلى آخر أنفاس الحكاية.
فخ
تجنبا للضياع ، بفعل تشابك الطرقات المنفتحة على مطلق الدهشة، نثر الحب و سار مطمئنا.
حين عاد كانت الغلة وفيرة.
ولع و حنين
ضمها إلى صدره بحنان ، و راقصها الليل كله إلى أن تصببا عرقا ..
حين طلع الصبح ،
عاد إلى أريكته ليلتقط أنفاسه المتقطعة ، رفع بصره ، و نظر إليها بحنين ، بانتظار ليلة جديدة.
سراب
نزل الجنود من أبراجهم لمعرفة هوية الجسم الغريب ، أصيبوا برجة قوية و هم يرون غادة في غاية الحسن تلاعب الريح شعرها اللعوب فيتماوج بإغراء ، تمسح عن جبينها عرق الحر . لم يصدقوا أعينهم و هم يبصرونها تتخفف من ملابسها تباعا..
ماج بعضهم في بعض.
سال الدم نافورة غطت ماء السراب
لما استيقظوا وجدوا أنفسهم تحت رمال العشق المتحركة.
ألم
لم يستطع الصاروخ المنطلق بعزم و إصرار على القيام بالمهمة الموكولة إليه ؛ ذلك أنه رأى من نافذة مجموعة من الأطفال يضحكون بسخرية و هم يتابعون صاروخا انطلق بعزم و إصرار ، و لأسباب مجهولة ، أصيب بخبل فسقط أنفه في التراب ، تمرغ قليلا ، ثم بدأ في أكل ذاته.
اندهاش
بقيت ممددا ، أمامها ، كصنم إلى أن شعرت بحوافر الليل العنيفة ، و بسوط البرد يلهب جسمي.
كانت شجرة عظيمة على اللوحة ..
و أنا أرتدي ثيابي بخشوع العشاق زاد من دهشتي سرب حمام يحط فوق أغصان تلك الشجرة المباركة.
لب الحكاية
اعترتني رعشة وحشة المكان ، فألقيت السلام لتعمني السكينة الخانقة.
بعد لأي عثرت على قبر أبي و إلى جواره حفرة حديثة العهد فارغة إلا من شاهدة مكتوبة بخط مغربي ، لم أهتم بفحواها.
تلوت ما تيسر على روح أبي الطاهرة... لم أتمالك فضولي فقرأت ما على لوح الشاهدة الرخامي. طار لبي و ارتجفت كورقة بائسة داهمها إعصار مباغت.. آن ذاك هبت ريح خفيفة رفعتني لأجد نفسي فوق ظهر طائر أبيض عظيم الهيئة، حملني إلى آخر نجمة مضيئة.
مقام التحول
اندهش لوجود سرب فراشات يحلق في الفضاء ينشر في السماء جمال ألوانه رغم نتانة المكان.
أخذ المنظر بلبه فلم يشعر بالنباتات تلتف حول قدميه ، صار شجرة ورد حطت عليها تلك الفراشات تلثم شفاه زهورها.
شرخ
نظر إلى الحسناء و هي في حوض الماء..تابع استحمامها و فقاقيع الصابون تتطاير من حول جسدها اللامع..تابع يديها تدلكان أعضاءها الدافئة.
انتقل إليها برغبة.
نظرت إلى الشاب المفتول العضلات..رأته فحلا.
تابعت جحوظ عينيه ، أحست بارتفاع نبضاته..شاهدت لعابه يكاد يسيل بسخاء..
انتقلت إليه برغبة.
بحث كل منهما عن الآخر..لما تعبا من دون جدوى ، أرادا العودة ، فشلا.
فالعبور أمنية واحدة.
جفاف نبع.
يجري هاربا من كلب شرس يريد الفتك به.
يتحول الكلب حية تسعى تبغي التخلص من وفرة سم نابها..فيه.
يفتح عينيه ليجد نفسه معلقا بين السماء و الأرض ، تظله شجرة رؤوسها كالشياطين.
التحليل أثبت أن اللوحة هي لفنان مهووس بالانتحار.
تم اغتياله.
أحد ما قطع حبل إلهامه.
انكسار
لا أعرف سببا لكسره جرتي..ليس الفضول طبعا.
كان يكفيه النظر إلى وجهي.
استئناس
خضع الذئب لدورة مكثفة في الوعظ و الإرشاد؛ اكتشف فظاعاته المقترفة، فتاب عنها توبة نصوحا..
ساد المدينة. سكون باذخ.
جحوظ
لم يكن في طول الشجرة..ألقى بالناي بعيدا:
ما عدت بحاجة إليه، انتهت أحزاني، و الأغنام ملكي و شساعة الحقول الممتدة حتى تعب العيون.
الحبل المدلى كذب الحكاية.
جحظت العينان.
بيد
***
اتفق الغزال مع الصياد على فترة هدنة يتمكن فيها من التوالد خوف الانقراض، وبعد فترة، شعر الصياد وكأنه استغفل، وأن طي الاتفاق فخ وقع فيه وهو يرى كثرة الطرائد تعمر المكان بحضورها المغري، سرى في جسمه سم المكيدة، حاصر قلبه، واستل منه الحياة، بيد أن البندقية اللعينة ركبتها شطحات الشيطان، فأطلقت زغاريد النسيان.
تضحية
يسيرون في صمت جلل. ينوؤون تحت حمل النعش المحمول. أرجلهم تغوص في الوحل. لا تصدر منهم سوى أناة صامتة. من تجرأ و رفع الغطاء يخر مصعوقا. يتوغلون.. إلى الركب، إلى الصدر، حتى النحر، فوقهم تعلو جثة وطن.
امتداد
دسستهما تحت إبطي..
لم أهتم بالعويل خلفي..و لا بامتداد الظلمة أمامي..
لم أهتم لوحشة الطريق ، فاليوم قلبي حديد ، و عزمي أكيد..
حين بلغت أطراف المدينة كان الليل قد أنهكه الحضور..
لحظتها سمعت الشجر بهمس قائلا : دسهما تحت إبطيه لم يهتم بالعويل..
أقفلت فم حكايتها بالنار..
و جلست أستمتع بشعرية الخراب.
رعب
في ركن النفس التعسة أقامت..هروبا من صخب السهام..
انكفأت على وحدتها تلعق بلسان الحزن جراحها..
انقضت على فرضتها، فأدت أدوارها بتميز جعل شهرتها تطبق الآفاق..
لحظتها، أصيبت المدينة بهستيريا ضحك يكتم الأنفاس.
صفاء
فاجأته الأمطار الطوفانية، غمرت الأرض، و بلغت حلقومه..
بقيت للحظة ثم غاضت بسرعة..
و هي مقبلة يسبقها نبض الفرح، شاهدت رأس رجل بفك قرش، و جسد أخطبوط..
ولت هاربة من الفأل السيء.
صحوة
الأرملة الشابة المتشحة بالبياض، كقرص فضي يقاوم الرماد، هي الآن، تسير إلى قبر زوجها، تميز من الغيظ على يد الغدر التي سرقته من أحضانها، و تركتها نهب الوساوس..
سأتركها لأصعد إلى سطح منزلي كي أعرض الغطاء على أحصنة الشمس العطشى لتشرب دموع البوح الليلي..
استنباط
إنه إنسان قاس، لا يحمل ذرة رحمة.
إحساسي لا يخذلني أبدا..
زرعت فيه خنجري، و فتحت صدره..
فلم أجد قلبه ..
حالة
حين استيقظ
مرن حروفا..درب كلمات..حتى تخرج من حنجرته سالمة..تأكد أن الحبال الصوتية ليست شبكة مسهمة..
انطلق إلى الساحة
،هتف عاليا،بملء رئتيه..انفجرت الكلمات فشعت في الأفق..بثت حماسا..انتشر عطرها فغسل الأرواح بأمل الخلاص...
بالمساء
وجد نفسه في قعر كأس خمر تسبح فوقه قطع ثلجية!
طوف
أحس بالنظرات المتحجرة تخترقه..تكاد تجمده..
لما أغلقت كل المنافذ..شعر باختناق.. حينها صنع من ابتسامتها الشريدة نافذة نجاة..
و ترك الحلم يكمل الباقي.
بحث
سأل عني النهار مستغربا : " أين أنت !"
أخبر أني سرت في ركب الليل راضيا منتشيا..
غير أن نجمة الصباح ترجلت، و حررت على أديم الأرض محضر الفضيحة..
تلك الإشارة
***
تمددت على بطني ووضعت أذني على الأرض وأصخت السمع، سمعت هديرا: أسنابك خيل؟ أهجوم وشيك؟ أعدت الاستماع، الأرض تهتز، قلبها ينبض بخوف: أسكاكين ذبح قادمة؟ أقتل غيلة آت؟ حاولت النهوض لأحمل النبوءة، وفي نفسي حيرة، كيف أخبر الناس بهول القادم؟ قطرة دم من صدري جعلتني أدرك مصدر النزف.
بياض
كنت مسحورا بالطاقة الشهوانية المنبعثة من عيني المرأة وقد التفت برشاقة حول الشجرة المثمرة،
وإذا بي أحس بلدغة سرى سمها في بدني كما الهواء.....غامت الأشياء وبدأت في الترنح، وفي لحظة السقوط الكبرى، رأيتها قادمة إلي بصدرها المقدس لتطعمني حليب الحياة.
احمرار
حلقت بفرحة الطائر إلى الغدير لأوقع صك براءتي.
توقف قلمي بإصرار عند النقطة الأخيرة.
صارت بقعة حمراء غطت اسمي، ثم الورقة فالقاعة، سرعان ما امتدت خارجا لتغرق العالم.
صار هذا العالم، نقطة متناهية الحمرة، في منظار قناص.
تلك النافذة
حين فتحت نافذتها لم تجد أمامها سوى نافذة مفتوحة تطل منها امرأة تشبهها تطل علي نافذة منها تطل امرأة تشبهها تطل عليها....
مرارة حلم
يداها تنفلتان من بين يديه فتنزلق إلى الهاوية تارة، و يداه تنفلتان من بين يديها طورا فينزلق إلى الهاوية، يستيقظ فيراها
تحمل حقيبتها و تعلن الرحيل.
سارع لمنعها فصدته المرآة، ارتد إلى الخلف، تدلى جذعه الأعلى من النافذة، فتبعه الأسفل، ليسقط فوق رأس زوجته الهاربة.
انفتحت الحقيبة، و لفتهما بكفن المحبة.
جرم
أحب الظلام، تدثر بالحلكة، و ترنم بالسواد، انتفخ حتى طالت قامته؛ صار بجناحين قويين يغطيان عين الشمس.
أذاقته شرارة نور كأس حمام.
هيت لك
اضطجع على فراشه الوثير، لم تأت الكواكب و النجوم.
لم تأت سوى الشمس الغاضبة... !
مارست عليه كل ألوان شهواتها.
لم يمانع فقد قبل أن يكرس أسطورة الرماد.
موسم
***
حين وجدت نفسها في قصيدتي الأخير أميرة، هزها الفرح فحلقت، كطائر حر، عاليا...
لحظتها، كنت منشغلا بنصب فخاخ المعنى.
آهات...
***
يرنو إلى الأفق ، قلبه يمور حنينا، ودمعة تسيل تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تعلو الجدار الغبي، تلامس تلك الصخرة الشامخة، من ثلم في الجدار تخرج رصاصة تسير معاكسة الرغبة، تسكن القلب، تنزع حنينه، فتسيل من العين دمعة تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تغلق عين الجدار الغبي.
تعود الرصاصة إلى صاحبها تشكو سوء الأحوال.
هكذا قرأت الصورة المعلقة على جدار صدري.
خرير
***
إلى صديقي البهي، السي حسام الدين نوالي، تقديري والمودة.
***
صدتني بعنف جرح قلبي فنبت مكان الدم حقد يطلب انتقاما.
بدأت أترصدها إلى أن حانت الفرصة؛ فقد شاهدتها تتجول بالغابة، اتحذت الشجر ظلا لي، أتبعها حيثما ذهبت إلى أن ابتعدت عنها باتجاه نهر صاخب، قرب شطه جلست، ومدت ساقها البضة ، هذه هي المناسبة الملائمة لأغرس فيها سيف حقدي، وأسيل دمها... لما غمستها، توقف جريان الماء، توقف الزمن، توقف نبض قلبي.
ليس غريبا أن صرت تمثالا قد من حجر بيده سكين، وعيناه على الساق المشعة متى ترتفع.
الكراسي
***
يحشو فمه بشهي الكلام، استعاره من عذب البيان. يصعد إلى المنصة، يطلقها على الجمهور الذي غصت به جنبات الملعب، فيرديه أرضا؛ وهو يفعل وجد أمامه كراسي فارغة، فقد احتشد الناس خلفه، وهم يوجهون إلى ظهره بناديقهم المحشوة سخرية.
دليل
***
طرقت الباب مترددا مضطربا، والليل في أوج سطوته..
أطلت علي من النافذة...
بزغ جذعها الأعلى، منه لاح قرصاها المشعان
أنارا حيرتي...وأذابا اضطرابي، فتوج الاطمئنان قلبي.
الآن، تأكدت من صدق العنوان.
النحات البارع
ركب صهوة الحصان، كان يبغي أن يحمل على العدو في هجمة هي الأخيرة، يحقق بها النصر الموعود..
النحات البارع لم ينفخ في الرئتين نار الصهيل.
2967
***
حلق في سماء قريتنا الوديعة سرب طيور من حديد في جوفه نار، كان حائرا يشعر بقلق حمى فظيع، وضع له كبيرنا حب قمح ودعاه لاقتسام الملح والطعام، ظنها مكيدة ، تجبنا للفخ خلق بعيدا بهدير...
كانت الأضرار طفيفة للغاية بحيث لا تستدعي انعقاد مؤتمر، ولا تنديد الأمم؛ كل ما حصل هو اختفاء القرية للأبد...
لتنبعث في ذاكرتي المشروخة.
فاكهة الليل
***
بعد أن مر القطار، حلقت بجناحي الأمل باتجاه قارعة الطريق حيث رمت بفردة حذائها الأيمن، واندست في جوف شجرة غابة قريبة، وبقيت تنتظر قدومه، إلى أن اشتد وهج الظلام.
كفن
***
حين هم بالخروج وجد قبالته قطا فاحم السواد متحفزا. ذاب منسوب تفاؤله. رماه بحجر فطار جهة اليمين، فاستعاد توازنه، حامدا الله على نعمة الحدس. أغلق الباب وسار بثبات، ثم إنه تذكر أن القطط لا تطير، نكص على عقبيه، ورام دخول منزله الآمن، فاصطدم رأسه بالباب ليسقط صريعا فوق فروة القط اللعين.
**
فتحة
***
استسلمت لليأس، واستلقت على فراشه الوثير تستعيد محطاتها المجهضة، والليل دامس، والأبواب مغلقة بإحكام. وحدها الشمس تمكنت من التسلل من خصاص النافذة.
معافاة
***
أهداها عقد لؤلؤ صاغه من معاناته الطويلة ليسكت فمها من سبابها الدائم، وهذيانها المتواصل، وتذمرها الكاسح؛ كان قد أدخله مرحاض المستشفى ليتخفف من ضغط أمعائه التي انتفخت بشكل غير طبيعي.
عناد
***
تسربت إلى قلبه بذرة حزن، نبتت فتحولت تشاؤما، صار سلما ، ارتقاه إلى أعلى الخيبة، ومن هنا، قفز بطريقة بهلوانية ناجحة بشكل ممتاز في الفراغ.
دفع الأبواب كلها، فصدته، آمن، لحظتها، أنه منحوس، ينبغي محوه لتصفو السماء.
ظل يفكر ويفكر .. ولما استعاد نشاطه .. عاد للدفع من جديد ..
لامبالاة
***
بقي وحيدا في المطار ينتظر بعد أن غادر الجميع.
داهمه نوم شديد المفعول فاستجاب مكرها. شعر بجوع غريب فالتهم كل ما حوله.
أقبلت طائرة وبدأت تحوم حول المكان كأنها تبحث عن نقطة ارتكاز، ولما أعياها الأمر قررت الرحيل غير عابئة بالرجل الواقف بخشوع يلوح بيديه رافعا رأسه في ضراعة.
عنف في المدينة
***
بيده المتعرقة والخشنة، مسح على رأسي، قم ضمني بقوة الهصر حتى بكيت، مسح دموعي بهدية، هي رجل آلي بشع، تحول إلى ذئب فأتى على كل ألعابي.
آه! ...
كم تألمت.
أكمام الورد
***
كلما طوقت خصر زوجتي ونحن على الفراش، نمارس قداستنا، أقبلت علي وهي تشعر بالأمان، فينتعش جسدها، ويحمر خداها وتلمع عيناها، وترتسم على محياها علامات الرضى.
ما بالها اليوم تنتفض، تتلوى، وتخمد ؟!
اللعنة !
يدي اللعوب مازالت تحمل أثر عطر كالسم تسرب إلى قلبها الحي ...
كان علي أن أستحم قبلا.
.
فداء
آلمني أن أرى الناس تعاني من ارتفاع الحرارة وضربات الشمس، وأنا أسير مرتاح البال تظللني غيمة طاهرة. كنت أسمع لهاثهم، وأرى عرقهم فتزداد ضربات قلبي تضامنا.
قررت أن أقف غير بعيد لأنسج لهم قبعات واقية.
يد سحرية أبت إلا أن تدخلني حرم النوم، فاستجبت.
وإذ نهضت، وجدت القوم يستمتعون، وفوقي الشمس قبعة.
نعش
يسير وسط الطريق
غير عابئ بالموت
غير عابئ بالعويل
في طريقه إلى المقبرة.
مواهب
***
على خشبة برنامج"اكتشاف المواهب الشابة"، صعد رجل عجوز ثمانيني يمسك بحرارة بيد زوجته العجوز التي التقاها بعد غياب دام سنين، وأمام اندهاش الجميع، قبلها قبلة الحياة حتى الموت.
تحسس الجمهور المشجع شفاهه.
.
برزح
***
فجأة، ومن دون مقدمات، رفع أكف الضراعة، وبقلب مفعم بالإيمان، وبدمع غزير، قال: رب! اغفر لي، فقد صرت ملحدا!
كان أول عهد له بالكفر.
ثم قام، توضأ، وصلى ركعتي شكر.
أخيرا..
***
وبعد بحث مضن في الزمان والمكان، كلفها شبابها...
وجدته، ممددا بكل أبهة، فوق فراش حلمها الوثير، ينزف بعنفوان دما.
جاءها صوت رخيم كعذوبة الماء في صحراء التيه: أنت صديقة.
مظلة
***
تتساقط أمطار غزيرة، وبرد يقصم العظام، يخرج مظلته، يفتحها بأريحية ليحميه من التشرد...
تنشأ صداقة بين ربة منزل صاحب المظلة والكلب الشريد، فيما يظل صاحب المظلة متسكعا باحثا عن وجبة أخرى.
كوميديا
***
هبت ريح غريبة ما ألفها الناس، ولا اعتادوها.
لما انقشع غبارها، وجدوها قد حملت المسدس إلى الكرسي الوثير من دون صاحبه.
قام حكيم الأمة بإسدال ستارة مسرحية سقوط الأقنعة.
قرار
تزينت، تحلت، و تعطرت، فبدت في أبهى حلة، كانت خريدة، بالألباب آخذة..
غفت و هي تنتظر مجيئ الزوج..سمعت صلصلة.. خصاما.. وخوارا..و اليد اليمنى تقبض بقوة على السكين..
رأت وجوها نضرة، لم تعد ترهقها قترة..
طرق سمعها صوت ساخر:".. حين يدخل الجمل في سم الخياط..!"
استدركت:
طريق الغبار يحتاج الى صهوة الرياح.. و لكل سبيل خطو..
نهضت من غفوتها، قررت ألا تذهب الى الحفل.. قررت أن تقيم احتفالا..
غرور
***
نآى عن الناس إلى صخرة عالية...
بدت له الخلائق صغيرة جدا...حشرات..
أخرج عبوة..رش المبيد..
فسقط جثة هامدة!
تشاؤم
***
صحت صيحة قوية، مأخوذا بالحراك العربي : وحدة عربية..
المزهرية التي أمامي، سمعت الصيحة، قهقهت بقوة إلى أن تناثرت ضحكا...
عفة
***
..و تابع الشيخ حديثه :
..و لما تكلم ضميرها و تعففت..انفض الرجال من حولها..و تركوها قاعدة..!
فتصاعدت من الجمع الآهات..!
انضباط
***
أطلقت قطيع غضبي إلى الشارع..
لما علمت حساسية أذنه الدقيقة..بعثت بكلب خوفي يعيدها..
إلى حضيرة فمي..!
حبة أسبرين
***
أيها الهمجي!
لا تبتلعني دفعة واحدة.
أين الحب؟
ساعة
***
قضى حياته يقرأ العلامات، يقلبها ذات اليمين وذات الشمال، كقارئة فنجان تعلم اليقين، بانتظار قيام الساعة؛ إلى أن قضى نحبه.
شغف "عادي"
***
كشاة مذبوحة:
ظل متعلقا به
عاضا عليه بالنواجذ
إلى آخر
ن
ف
س.
كأسك يا وطن
***
أخرج من محفظة أحلامه أقلام فرح
رسم وطنا بعبق الورد
على اللوحة ظهرت صورة خرابة وغربان وكثير رماد.
بغضب:
رسم ريحا صرصرا عاتية،{ كانت حصانا أخضر، فحمله إلى الغياب.}
تلميع
حزينا اتخذت لنفسي مقعدا بأحد المقاهي الشعبية، طلبت فنجان قهوة سوداء؛ بدأت أرتشفه متابعا طفلا صغيرا يحمل صندوق تلميع الأحذية وهو يمر بين الرواد، تابعته لأنفلت من قبضة الضجيج، فغفوت، أعاد إلي انتباهي طرق الصبي الصندوق بعقب فرشاة التلميع، كان مبتسما، شربت ما تبقى من فنجاني دفعة واحدة، ومددت إليه وجهي.
ورك
***
توجهت بعزم إلى صاحبة الدجين وهي تسير مختالة ، تتمايل بكشحها، تثني عطفها فتهتز القلوب، قلت في نفسي: البضاعة الزائفة إساءة لنزاهة السوق، وكنت قد شاهدت فيديو لفاتنة تتجول في الأسواق لا تلبس سوى وهم سروال، ولم يلحظ أحد الفخ اللذيذ، أمسكت بردفيها العظيمين بقوة لأتأكد، استدارت نحوي باسمة، وقالت لي وقد رأت دهشتي لما التصق الكفان: أعد لي ردفي لما تشبع نهم فضولك الراهب، وواصلت سيرها على أنغام خسارتي.
تلك ..{ إلى أخي سندباد الإبداع، سيدي نورالدين، مع التقدير}
***
و... وأخيرا، تمكنت منها؛ ففي غمرة التدافع، كنت السباق في الوصل إليها والاستفراد بها، قدمت لها وردة، استنشقتها بعمق حتى تساقطت بتلاتها.
حدائق
***
أمر بين الصفوف
أطل من النافذة المفتوحة بأريحية على الحديقة الخلابة..
تثير شهيتي حبتا الرمان..
أشعر بتحلب فمي و بنشوة الخمرة تجتاحني
تعلو وجه الطفلة حمرة الورود..
ينهي الجرس ارتباكها.. وسقوطي.
تراتيل---
***
دخل قلبها فارسا على أنغام الفرح..
أخرجوه على محفة..
ورقة في مهب الريح
حلم بنفسه في جنان الروعة فراشة تحلق بحرية.
فجأة تحول الحلم كابوسا خانقا ، حاول أن يصرخ ، غير أن الخوف المفاجئ أخرس لسانه..
قطرات الدم جعلته ينكمش كورقة مهملة
حيلة
***
قلت لهم : اقتلوا كل مواطن يخرج من منزله.
بعد فترة .
لم لم تقتلوا أحدا؟
عفوا، هؤلاء رعايا.
تاريخ مجيد
***
يطير الرأس في الفضاء ضاحكا..
هل أنت مجنون؟
لا، أنا من أقسى العرب.
درس الحساب
خرجت نهى من القسم جذلى بعد درس الحساب..
في الطريق إلى المنزل شاهدت المعطلين مطوقين تنزل العصي عليهم بغير حساب..
بالمنزل سألها أبوها: ماذا درست؟
قالت :الحساب، و بلاغة الأعداد!
ثم حكت ما رأته، فتبسم الأب، و قال: بنيتي! كانوا فقط يطبقون ما درست، مجددا، رسما على العباد..
حلم
حلق بأجنحة الخيال بعيدا... ليصوغ حلما أغواه بأن يكون طبيبا..
قام الواقع ببعث أشعته الضاحكة، فذابت الخيوط الواهية...إلى الهاوية..
استفاق بغرفة الإنعاش محاطا بجمع من الناس..
تتويج
جردها من كل ملابسها..يسبق لعابه لهاثه..
و هو يهم بها، شم رائحة البصل..
زالت دوخته ، فجثا باكيا ..
رفع أكف الضراعة، فامتلأ كوب روحه بالدموع..
منحته صكوك الضحك..
غواية
لاحقها..
تضايقت..
زاد في تحرشه..
أهدته تبانها..
استنشق عطره عميقا..
فقد طريق العودة.
شهاب
رأوه مقبلا عليهم صارخا، و النار تأكل بعضه..
أغلقوا عليهم أبواب منازلهم، و تابعوه من النوافذ..
حتى إذا غاب..
توجهوا إلى المسجد لأداة صلاة الشكر !
عزاء
يشتد وهج البدر..يشع نوره قمرا..يغتسل العشاق بسنا ضوئه العطر..
ثم،يبدأ في الخفوت..إلى أن يغيب..
تنفطر القلوب..و إلى قبره ترافقه دمعة.
ضبابية
حط عصفور على كتفه..ارتعد فرقا..أراد إبعاده بلطف..خانته إرادة التحدي..استسلم لكآبة اللحظة المجنونة..
همس له بتغريد..، فتسلق جدار الصمت، و أعلن للملإ أن العصافير إذا ماتت فالقلوب مثواها..
سرب قذائف من لاجهة أتت سريعا ، طوقت المكان بسلاسة، و أعلنته منطقة منكوبة !
مخرج فني---
بعد حمام دافئ أعاد لي توازني، و كنت قد أفرغت طاقة زائدة كادت تعصف بعقلي، طفا على سطح وعيي شكواها من الحياة، و تذمرها من سوء حظها..
تذكرت، الآن ، يدي التي حنت عليها، و كلماتي الحالمة المليئة بالوعود..
و لأني أدركت الورطة التي وقعت فيها، فالمسؤولية ثقيلة، و أن لا مخرج لي منها، فقد ادعيت أن ما جرى لم يكن سوى حكاية خيالية.
غروب---
تستهلك النظرات أشياء العالم بشراهة كالنار..
يغيب المكان رويدا رويدا..
يتلاشى النبض قليلا.. قليلا..
و بسرعة ،
ينهش الليل العينين !
غمد
خرجت من منزلي مفعما بالسعادة و قد سربلتني زوجتي بالرضا..ما كدت أبتعد قليلا حتى سمعت صراخا منبعثا من منزل جارتنا الوحيدة..
اهتز قلبي فرقا و قد طرق سمعي نداء استغاثة..
سرعت خطوي ابتغاء الابتعاد..فجأة انفتح الباب بقوة و خرج منه شاب هائج يحمل سيفا داميا يبغي الهرب..غاض منسوب نشوتي و ارتفع ضغط دمي..
لم أحس إلا بظهري قد صار غمدا..
رغوة
...وهي تصب الشاي..رأت في الرغوة التي تزين هامة الكأس..رذاذ أبيها يمطرها بلعناته لا تتوقف إلا حين تغيب عن وعيه..
في ركن من قبوها الحقير..فركت جسدا بالماء الدافئ و الصابون..بقوة..تريد استعادة عطره الأول..
تذكرت بحزن تلك القبلات الخشنة توقظ فيها أنوثتها باكرا..
نزلت من عينيها دموع..فتحجرت..
جوعى
جاءه الخوف محمولا على أسنة الرعب ، فاختلج قلبه فرقا.
اصطكت ركبتاه ، أدرك بنباهة أنه لا يملك فضيلة الدفاع ، اختارت قدماه الهروب.
الصخرة البليدة حدت من فورة الجري فتشتت دماغه.
كسرة الخبز التي كانت بين يديه سقطت بين الأرجل.
تسابق الجوعى لحملها إلى السيد الغافي.
توضيب
لم يقبل عليه الناس كما كانوا يفعلون.
هل بارت تجارتي؟!
علم من أقرب مرآة السبب.
طبعا!
عاد إلى منزله سريعا لتصحيح الوضع.
تفسير
أحس بدغدغة في كفه فحكها...تولدت منها طيور مختلف أشكالها وألوانها...غطت السماء بألحان الفرح. لأول مرة شعر الناس بخفة قلوبهم.
بغتة، قدم رعد ، تبعه برق حاد كالسيف فأسقط اليد، غطا الأرض ماء بألوان الطيور.
تكدير
وهي تستمتع بحمام شمس يدفئها ويزيل برودة احتلت دواخلها فكادت الرطوبة تقضي على أي أمل في الشفاء من كآبة شتاء قارس، وقد تمددت على فوطة فوق رمال ذهبية تحت أنغام تدفق أمواج البحر، إذ قرع سمعها صوت حوافر خيل غاضبة، هز فؤادها وأرعب نفسها، فتحت عينيها لتجد السماء ملبدة بغابر ذري حجب متعة الاستمتاع بفصل الصيف، نظرت حوليها، فما كان من قلبها إلا أن تسلل من طوق الكراهية.
لعبة
رسم بقلم أحمر خطا عموديا، فتجند الطرفان لحماية الحد.
تمادى فرسم خطا أفقيا، فتكاثر المدافعون.
أعجبته اللعبة فبدأ يرسم خطوطا مجنونة؛ فانتعش دم الجزر.
خيبة وألم
وأنا أتابع المناظر المنفلتة من نافذة القطار، مأخوذا بجمالها الفتان، أحسست بألم حاد صير المناظر حمراء قانية،
وقبل أن تغيم الأشياء في ناظري، رأيت خلفي كاتبا مجنونا يقهقه، يمسح بكم جلبابه الوسخ لعابه السائل.
ميلاد...
وقفت ذات التسعة خريفا تنظر باندهاش إلى الطفلة التي نزلت من السيارة وهي تقلب المحل رأسا على عقب بحثا عن دمية مميزة.
كان المنظر يبعث على الضحك، بسرعة كفكفته لما التقت العينان. فقد أدركت بحاستها ميلاد التراجيديا.
انكسار
انفرج الجدار الأسود عن رجل غائم الملامح ذي رائحة غريبة. جلس إلى جانبي ونظر بإمعان إلى مكتبتي، مرر راحته عليها فامحت بعد أن قاس نبضي. عجبت وزاد عجبي حين أخرج من صدره كتابا مدني به.
شعرت بخفة وأنا أطالعه بإمعان.
وقف الأسد فوق الربوة حزينا وهو يرى مملكته وقد أتت عليها النيران.
سكن عينيه الفراغ المطلق.
وبقرار حكيم وخطوة مدروسة، قفز في وسطه ليمتلئ به.
تكسر الكرسي بفعل صديد العجيزة الرابضة عليه.
مواساة
دخلت إلى غرفتها هربا من صقيع الواقع..
نزعت ثيابها وارتمت على السرير تحضن وسادتها تبللها بالدمع الحار..
كفكفت عينيها يد القمر المطل من نافذتها .
فشل
رفعوا رؤوسهم، مسحوا السماء مسحا، بحثا عن الوهج المقدس. ظلوا على هذه الحال إلى أن داهمهم الصبح، عادوا إلى منازلهم يجرون
ذيول الخيبة.
يا ليتهم نظروا إلى قلوبهم!
خطأ فادح
القذيفة الذكية والموجهة بعناية خاب ظنها، فلم تدرك أن منزل الصعاليك سيصير قبر شهداء.
استرجاع
يضطجع على فراشه الوثير، يتأمل السقف، ويتابع حركة المروحة.
تتحرك ذاكرته ، تسترجع يوم فخره بامتلاكها، فقد استطاع انتزاعها من أشرس المنافسين، وليلة حفل الزفاف الباذخ وقد تناقلته الصحف والألسن، وحمله إياها بين يديه وإدخالها إلى غرفة النوم حيث طرحها فوق الفراش هذا...كل شيء واضح، ما لم يفهمه، سر برودة الجثة التي إلى جواره.
تحول زكي
في لحظة يأس رفع أكف الضراعة، قبل أن ينطق، نزل على راحتيه شخص عجيب، أشعل بخورا وانصرف، لحظتها تحول الرجل دوحة غناء تفيأ ظلالها السمر، وصاروا يتحدثون عن رجل في لحظة يأس تحول دوحة غناء.
صرخة ألم
حيرته تلك الفتاة الحسناء وهي تقف خلف قضبان السكة الحديد بعينيها الزائغتين وحركاتها المضطربة وقضمها لأظافرها. ومشيتها الغضبى..
شعر تجاهها بانجذاب. وأحس بال تضامن مع حالتها...اندمج في شخصيتها كليا...
فجأة؛
أطلقت صرخة مدوية هزت أركان النفس...
خطو الفتى لم يكن بفرامل.
رماد
قالت...:
بلغني أيها السعيد، أن رجلا كتب لزوجته، و هما يحتفلان بمرور عقد من الزمن على زواجهما ..:
كانت تجربة جميلة، و فترة حلوة، اقتسمنا فيها المتعة، و شاركنا في بناء السعادة...
ختاما،لقد فقدت، اليوم، مدة صلاحيتك، و أصبحت خارج التغطية..!
بللت الورقة بدمعها الساخن، ثم وضعتها بجيب بدلته الليلية..
(و ماذا حدث؟).
في المساء، كان بصحبة خلانه و خليلاته، يحتفل بعزوبيته الجديدة..
أما التعيسة، فقد أشعلت عود ثقاب..فاحترقت الحكاية.
دهشة
كانت حزمة النور التي غمرت روحه قادمة من تلك الساحرة الجالسة بركن المقهى وهي تتأمل فنجانه بكثير من الدقة. جال ببصره في أركان المكان، فأخذته رعشة جمال الطاولات وهي تسبح في نعيم العشق وأقداح الهوى.
أعاد بصره إلى الحسناء ينظر إلى تفاصيل جسدها المنحوت بإزميل الروعة والبهاء.
لما رأته منكبا عليها يتقرى جزئيات بهائها قامت تمشي باتجاهه بدلال وخفر. رجت ثمالة قدحه بكثير دربة ودراية، وراحت تقرأ العلامات.
اهتزت يدها فسقط منها القدح وتناثرت بقايا القهوة، فارتسمت على خد الطاولة سفن محترقة.
نفاد صبر
نظروا ببهجة إلى حقولهم الصغيرة وقد أطربتها خضرة بساط الفرح، و إلى تصدعات السد وجلين، فقالوا: لم يكن سوى شق صغير...
ونظروا إلى بعض متسائلين. قال حكيمهم: نجتمع مساء للحسم.
في المساء نظر المكان من النافذة تارة، وطورا إلى الكراسي الفارغة، عيل صبره، ولما غامت الأمور، جمع أشياءه وانصرف.
في الصباح، وقد استيقظ القوم، لم يجدوا حقولهم، لم يجدوا السد، لم يجدوا مكان الاجتماع، اعترتهم الحيرة.
ثم قالوا، مؤامرة حاكتها يد الظلام.
فسحة
كل شيء في حياته يسير رأسا على عقب.
فما إن يلمس شيئا حتى يختل
ما يئس أبدا، فبداخله فسحة أمل بشساعة السماء.
بإصرار رسم بقلبه باب الأمل
منه بزغت شمسه
بأشعتها الدافئة اعتدلت...
سقطت من عيونهم الدهشة وهو يرون:
سيرها على رجليها.
مشهد
جثا على ركبتيه جنب زوجته المتشحة بالبياض بقلب عامر بالحزن..
قال والدمع يخضب غيابها:
من سيرطب ليالي الباردة بعدك يا حبيبتي؟
نظر إلى الأعلى بقسوة؛ وأطلق صرخة احتجاج مدوية أسكرت الوجود.
نهض وسار بخطو ثمل باتجاه المخرج:
أهكذا كنت تحب أن تفعل؟
تخلق
رمى بسهم الخطيئة
فأجهض
قبلة بريئة كانت في رحم الغيب تتخلق.
رحلة بحث
قلت لحبيبتي:
أحب أن أرى الحقيقة عارية.
تدثرت وغابت عن ناظري
مذاك وأنا أغذ السير بحثا عنها.
لم أبلغها بعد.
هل سأبلغها؟
الحلم
الحلم الذي طالما راودني، و أسكن في عيني السهاد
رأيته اليوم في الحديقة، يخاصر حسناء بهية، ويسيران الهوينى، يتأملان بلذاذة مفاتن الورد.
الحسناء التي طالما راودت خيالي، وأسكنت قلبي الحلم
رأيتها اليوم تخاصر حلمي، و تنظر إلي ساخرة.
أنا الذي طالما بحثت عن نفسي، رأيتني اليوم جالسا إلى مقعد خشبي في حديقة غناء، أتأمل حلمي و حسنائي، يسيران مع بعض في أروقة قلبي.
مفاجأة
حلمت البارحة أني أطلقت نيران قنصي على حمامتي البيضاء
هذا الصباح، استيقظت لأجدك على سريري مضرجة الآهات.
قراءة
هنأ ضابط المباحث الفنان الذي أنجز لوحاته الرائعة دفعة واحدة لحظة انفعال على إبداعه الذي يعبر عن الواقع بفنية عالية.
الضابط تمكن من فك لغز الجرائم التي روعت البلد معتمدا بالأخص على اللوحة الأخيرة و هي تظهر ملامح مجرم في لحظة ارتكاب فظاعاته.
الصورة
وقف يتأمل بإمعان و خشوع الملصق الإشهاري العملاق و قد تماوج بفعل نسائم البحر الأزرق العميق. كانت صورة وجه امرأة مشرق ذات فم شبيه بحيوان غامض وصغير، حار الدم و قرمزي اللون.
شدته بقوة الشفتان الممتلئتان و قد انفرجتا، كانتا كدعوة ساخنة للقبل.
سار باتجاهها كالمسرنم.
لم تصدمه السيارة المسرعة بجنون، لا، و لا عمود الكهرباء و قد عجز عن هزم العتمة، كل ما حصل هو اشتباك الشفاه كما النصال، و سقوط في بحر الجوى.
تحكم
الطائرة التي تنفث غضبا فتلوث صفاء السماء ، واقفة في الفضاء تنتظر أمري.
أمرها لا يعنيني ؛ فأنا في غاية السعادة . أفكر في إخفائها في رأس ذلك الرجل الملتهم للكتب.
أخاف أن تصير أكثر خبثا.
سأتركها بين أشجار الغابة إلى حين.
مرارة
يوقفني مشهد فتاة ترفع يدها لتطوق حبيبها بقبلة.
أرى اليد سيفا يطعن الفضيلة.
أصيح منددا ، غير أن صوتي المبحوح تلجلج ؛ فصرخت :
واكبتاه !.
فاشل
تسلق الشجرة بخفة نسناس. لما بلغ قمتها رجها ليسقط ثمارها الشهية.
بدت له تزين أديم الأرض فأسرع في النزول.
بهت لما لم يعثر عليها ، كان ما تزال معلقة كالنجوم.
و بين صعود و نزول كل حلمه.
ارتفع أخيرا ، و أعلن كمؤذن صلاة سقوط العالم.
دمعة الحكاية
سقطت صريعة هواه من النظرة الأولى.
ناضلت من أجله و تجاوزت كل العقبات.
لما قتل ذرفت عليه دمعا غزيرا..
إلى آخر أنفاس الحكاية.
فخ
تجنبا للضياع ، بفعل تشابك الطرقات المنفتحة على مطلق الدهشة، نثر الحب و سار مطمئنا.
حين عاد كانت الغلة وفيرة.
ولع و حنين
ضمها إلى صدره بحنان ، و راقصها الليل كله إلى أن تصببا عرقا ..
حين طلع الصبح ،
عاد إلى أريكته ليلتقط أنفاسه المتقطعة ، رفع بصره ، و نظر إليها بحنين ، بانتظار ليلة جديدة.
سراب
نزل الجنود من أبراجهم لمعرفة هوية الجسم الغريب ، أصيبوا برجة قوية و هم يرون غادة في غاية الحسن تلاعب الريح شعرها اللعوب فيتماوج بإغراء ، تمسح عن جبينها عرق الحر . لم يصدقوا أعينهم و هم يبصرونها تتخفف من ملابسها تباعا..
ماج بعضهم في بعض.
سال الدم نافورة غطت ماء السراب
لما استيقظوا وجدوا أنفسهم تحت رمال العشق المتحركة.
ألم
لم يستطع الصاروخ المنطلق بعزم و إصرار على القيام بالمهمة الموكولة إليه ؛ ذلك أنه رأى من نافذة مجموعة من الأطفال يضحكون بسخرية و هم يتابعون صاروخا انطلق بعزم و إصرار ، و لأسباب مجهولة ، أصيب بخبل فسقط أنفه في التراب ، تمرغ قليلا ، ثم بدأ في أكل ذاته.
اندهاش
بقيت ممددا ، أمامها ، كصنم إلى أن شعرت بحوافر الليل العنيفة ، و بسوط البرد يلهب جسمي.
كانت شجرة عظيمة على اللوحة ..
و أنا أرتدي ثيابي بخشوع العشاق زاد من دهشتي سرب حمام يحط فوق أغصان تلك الشجرة المباركة.
لب الحكاية
اعترتني رعشة وحشة المكان ، فألقيت السلام لتعمني السكينة الخانقة.
بعد لأي عثرت على قبر أبي و إلى جواره حفرة حديثة العهد فارغة إلا من شاهدة مكتوبة بخط مغربي ، لم أهتم بفحواها.
تلوت ما تيسر على روح أبي الطاهرة... لم أتمالك فضولي فقرأت ما على لوح الشاهدة الرخامي. طار لبي و ارتجفت كورقة بائسة داهمها إعصار مباغت.. آن ذاك هبت ريح خفيفة رفعتني لأجد نفسي فوق ظهر طائر أبيض عظيم الهيئة، حملني إلى آخر نجمة مضيئة.
مقام التحول
اندهش لوجود سرب فراشات يحلق في الفضاء ينشر في السماء جمال ألوانه رغم نتانة المكان.
أخذ المنظر بلبه فلم يشعر بالنباتات تلتف حول قدميه ، صار شجرة ورد حطت عليها تلك الفراشات تلثم شفاه زهورها.
شرخ
نظر إلى الحسناء و هي في حوض الماء..تابع استحمامها و فقاقيع الصابون تتطاير من حول جسدها اللامع..تابع يديها تدلكان أعضاءها الدافئة.
انتقل إليها برغبة.
نظرت إلى الشاب المفتول العضلات..رأته فحلا.
تابعت جحوظ عينيه ، أحست بارتفاع نبضاته..شاهدت لعابه يكاد يسيل بسخاء..
انتقلت إليه برغبة.
بحث كل منهما عن الآخر..لما تعبا من دون جدوى ، أرادا العودة ، فشلا.
فالعبور أمنية واحدة.
جفاف نبع.
يجري هاربا من كلب شرس يريد الفتك به.
يتحول الكلب حية تسعى تبغي التخلص من وفرة سم نابها..فيه.
يفتح عينيه ليجد نفسه معلقا بين السماء و الأرض ، تظله شجرة رؤوسها كالشياطين.
التحليل أثبت أن اللوحة هي لفنان مهووس بالانتحار.
تم اغتياله.
أحد ما قطع حبل إلهامه.
انكسار
لا أعرف سببا لكسره جرتي..ليس الفضول طبعا.
كان يكفيه النظر إلى وجهي.
استئناس
خضع الذئب لدورة مكثفة في الوعظ و الإرشاد؛ اكتشف فظاعاته المقترفة، فتاب عنها توبة نصوحا..
ساد المدينة. سكون باذخ.
جحوظ
لم يكن في طول الشجرة..ألقى بالناي بعيدا:
ما عدت بحاجة إليه، انتهت أحزاني، و الأغنام ملكي و شساعة الحقول الممتدة حتى تعب العيون.
الحبل المدلى كذب الحكاية.
جحظت العينان.
بيد
***
اتفق الغزال مع الصياد على فترة هدنة يتمكن فيها من التوالد خوف الانقراض، وبعد فترة، شعر الصياد وكأنه استغفل، وأن طي الاتفاق فخ وقع فيه وهو يرى كثرة الطرائد تعمر المكان بحضورها المغري، سرى في جسمه سم المكيدة، حاصر قلبه، واستل منه الحياة، بيد أن البندقية اللعينة ركبتها شطحات الشيطان، فأطلقت زغاريد النسيان.
تضحية
يسيرون في صمت جلل. ينوؤون تحت حمل النعش المحمول. أرجلهم تغوص في الوحل. لا تصدر منهم سوى أناة صامتة. من تجرأ و رفع الغطاء يخر مصعوقا. يتوغلون.. إلى الركب، إلى الصدر، حتى النحر، فوقهم تعلو جثة وطن.
امتداد
دسستهما تحت إبطي..
لم أهتم بالعويل خلفي..و لا بامتداد الظلمة أمامي..
لم أهتم لوحشة الطريق ، فاليوم قلبي حديد ، و عزمي أكيد..
حين بلغت أطراف المدينة كان الليل قد أنهكه الحضور..
لحظتها سمعت الشجر بهمس قائلا : دسهما تحت إبطيه لم يهتم بالعويل..
أقفلت فم حكايتها بالنار..
و جلست أستمتع بشعرية الخراب.
رعب
في ركن النفس التعسة أقامت..هروبا من صخب السهام..
انكفأت على وحدتها تلعق بلسان الحزن جراحها..
انقضت على فرضتها، فأدت أدوارها بتميز جعل شهرتها تطبق الآفاق..
لحظتها، أصيبت المدينة بهستيريا ضحك يكتم الأنفاس.
صفاء
فاجأته الأمطار الطوفانية، غمرت الأرض، و بلغت حلقومه..
بقيت للحظة ثم غاضت بسرعة..
و هي مقبلة يسبقها نبض الفرح، شاهدت رأس رجل بفك قرش، و جسد أخطبوط..
ولت هاربة من الفأل السيء.
صحوة
الأرملة الشابة المتشحة بالبياض، كقرص فضي يقاوم الرماد، هي الآن، تسير إلى قبر زوجها، تميز من الغيظ على يد الغدر التي سرقته من أحضانها، و تركتها نهب الوساوس..
سأتركها لأصعد إلى سطح منزلي كي أعرض الغطاء على أحصنة الشمس العطشى لتشرب دموع البوح الليلي..
استنباط
إنه إنسان قاس، لا يحمل ذرة رحمة.
إحساسي لا يخذلني أبدا..
زرعت فيه خنجري، و فتحت صدره..
فلم أجد قلبه ..
حالة
حين استيقظ
مرن حروفا..درب كلمات..حتى تخرج من حنجرته سالمة..تأكد أن الحبال الصوتية ليست شبكة مسهمة..
انطلق إلى الساحة
،هتف عاليا،بملء رئتيه..انفجرت الكلمات فشعت في الأفق..بثت حماسا..انتشر عطرها فغسل الأرواح بأمل الخلاص...
بالمساء
وجد نفسه في قعر كأس خمر تسبح فوقه قطع ثلجية!
طوف
أحس بالنظرات المتحجرة تخترقه..تكاد تجمده..
لما أغلقت كل المنافذ..شعر باختناق.. حينها صنع من ابتسامتها الشريدة نافذة نجاة..
و ترك الحلم يكمل الباقي.
بحث
سأل عني النهار مستغربا : " أين أنت !"
أخبر أني سرت في ركب الليل راضيا منتشيا..
غير أن نجمة الصباح ترجلت، و حررت على أديم الأرض محضر الفضيحة..
تلك الإشارة
***
تمددت على بطني ووضعت أذني على الأرض وأصخت السمع، سمعت هديرا: أسنابك خيل؟ أهجوم وشيك؟ أعدت الاستماع، الأرض تهتز، قلبها ينبض بخوف: أسكاكين ذبح قادمة؟ أقتل غيلة آت؟ حاولت النهوض لأحمل النبوءة، وفي نفسي حيرة، كيف أخبر الناس بهول القادم؟ قطرة دم من صدري جعلتني أدرك مصدر النزف.
بياض
كنت مسحورا بالطاقة الشهوانية المنبعثة من عيني المرأة وقد التفت برشاقة حول الشجرة المثمرة،
وإذا بي أحس بلدغة سرى سمها في بدني كما الهواء.....غامت الأشياء وبدأت في الترنح، وفي لحظة السقوط الكبرى، رأيتها قادمة إلي بصدرها المقدس لتطعمني حليب الحياة.
احمرار
حلقت بفرحة الطائر إلى الغدير لأوقع صك براءتي.
توقف قلمي بإصرار عند النقطة الأخيرة.
صارت بقعة حمراء غطت اسمي، ثم الورقة فالقاعة، سرعان ما امتدت خارجا لتغرق العالم.
صار هذا العالم، نقطة متناهية الحمرة، في منظار قناص.
تلك النافذة
حين فتحت نافذتها لم تجد أمامها سوى نافذة مفتوحة تطل منها امرأة تشبهها تطل علي نافذة منها تطل امرأة تشبهها تطل عليها....
مرارة حلم
يداها تنفلتان من بين يديه فتنزلق إلى الهاوية تارة، و يداه تنفلتان من بين يديها طورا فينزلق إلى الهاوية، يستيقظ فيراها
تحمل حقيبتها و تعلن الرحيل.
سارع لمنعها فصدته المرآة، ارتد إلى الخلف، تدلى جذعه الأعلى من النافذة، فتبعه الأسفل، ليسقط فوق رأس زوجته الهاربة.
انفتحت الحقيبة، و لفتهما بكفن المحبة.
جرم
أحب الظلام، تدثر بالحلكة، و ترنم بالسواد، انتفخ حتى طالت قامته؛ صار بجناحين قويين يغطيان عين الشمس.
أذاقته شرارة نور كأس حمام.
هيت لك
اضطجع على فراشه الوثير، لم تأت الكواكب و النجوم.
لم تأت سوى الشمس الغاضبة... !
مارست عليه كل ألوان شهواتها.
لم يمانع فقد قبل أن يكرس أسطورة الرماد.
موسم
***
حين وجدت نفسها في قصيدتي الأخير أميرة، هزها الفرح فحلقت، كطائر حر، عاليا...
لحظتها، كنت منشغلا بنصب فخاخ المعنى.
آهات...
***
يرنو إلى الأفق ، قلبه يمور حنينا، ودمعة تسيل تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تعلو الجدار الغبي، تلامس تلك الصخرة الشامخة، من ثلم في الجدار تخرج رصاصة تسير معاكسة الرغبة، تسكن القلب، تنزع حنينه، فتسيل من العين دمعة تخضب الخدين المتيبسين، والأرض المتشققة، تغلق عين الجدار الغبي.
تعود الرصاصة إلى صاحبها تشكو سوء الأحوال.
هكذا قرأت الصورة المعلقة على جدار صدري.
خرير
***
إلى صديقي البهي، السي حسام الدين نوالي، تقديري والمودة.
***
صدتني بعنف جرح قلبي فنبت مكان الدم حقد يطلب انتقاما.
بدأت أترصدها إلى أن حانت الفرصة؛ فقد شاهدتها تتجول بالغابة، اتحذت الشجر ظلا لي، أتبعها حيثما ذهبت إلى أن ابتعدت عنها باتجاه نهر صاخب، قرب شطه جلست، ومدت ساقها البضة ، هذه هي المناسبة الملائمة لأغرس فيها سيف حقدي، وأسيل دمها... لما غمستها، توقف جريان الماء، توقف الزمن، توقف نبض قلبي.
ليس غريبا أن صرت تمثالا قد من حجر بيده سكين، وعيناه على الساق المشعة متى ترتفع.
الكراسي
***
يحشو فمه بشهي الكلام، استعاره من عذب البيان. يصعد إلى المنصة، يطلقها على الجمهور الذي غصت به جنبات الملعب، فيرديه أرضا؛ وهو يفعل وجد أمامه كراسي فارغة، فقد احتشد الناس خلفه، وهم يوجهون إلى ظهره بناديقهم المحشوة سخرية.
دليل
***
طرقت الباب مترددا مضطربا، والليل في أوج سطوته..
أطلت علي من النافذة...
بزغ جذعها الأعلى، منه لاح قرصاها المشعان
أنارا حيرتي...وأذابا اضطرابي، فتوج الاطمئنان قلبي.
الآن، تأكدت من صدق العنوان.
النحات البارع
ركب صهوة الحصان، كان يبغي أن يحمل على العدو في هجمة هي الأخيرة، يحقق بها النصر الموعود..
النحات البارع لم ينفخ في الرئتين نار الصهيل.
2967
***
حلق في سماء قريتنا الوديعة سرب طيور من حديد في جوفه نار، كان حائرا يشعر بقلق حمى فظيع، وضع له كبيرنا حب قمح ودعاه لاقتسام الملح والطعام، ظنها مكيدة ، تجبنا للفخ خلق بعيدا بهدير...
كانت الأضرار طفيفة للغاية بحيث لا تستدعي انعقاد مؤتمر، ولا تنديد الأمم؛ كل ما حصل هو اختفاء القرية للأبد...
لتنبعث في ذاكرتي المشروخة.
فاكهة الليل
***
بعد أن مر القطار، حلقت بجناحي الأمل باتجاه قارعة الطريق حيث رمت بفردة حذائها الأيمن، واندست في جوف شجرة غابة قريبة، وبقيت تنتظر قدومه، إلى أن اشتد وهج الظلام.
كفن
***
حين هم بالخروج وجد قبالته قطا فاحم السواد متحفزا. ذاب منسوب تفاؤله. رماه بحجر فطار جهة اليمين، فاستعاد توازنه، حامدا الله على نعمة الحدس. أغلق الباب وسار بثبات، ثم إنه تذكر أن القطط لا تطير، نكص على عقبيه، ورام دخول منزله الآمن، فاصطدم رأسه بالباب ليسقط صريعا فوق فروة القط اللعين.