المصطفى سالمي
كاتب
محترفو الإحباط |
ـ ما هذه الشخبطة؟!
ـ إنها لوحتي التي أوشك على الانتهاء منها.
ـ ولكنها رسوم وألوان لا معنى لها، والرسم نفسه مجرد مضيعة للوقت، وهو حرام شرعا ودينا.
ـ لا يفهم الفنَّ إلا أصحابُهُ.
انطلق (حتربة) كسلة متدحرجة لا يلوي على شيء. وإذا به يلتقي بالأديب السيد (الرامي) فقال له:
ـ ما هذا الذي تحمله في يدك يا صديقي؟!
ـ إنها روايتي الأخيرة (تراب واغتراب).
ـ ولكن دون شك فما تكتبه يحتاج لمراجعة لتصحيح الأخطاء الكثيرة المحتملة.
ـ ألا تعلم يا صديقي قول الشاعر:
إذا لم تنفع فضر فإنما # خُلق المرء كيما يضر وينفعا
ـ عموما لا وقت لدي لكتابة أدب هو دائما في متناولي.
ـ احذر أن تكون مثل السيد (عاشور)!
ـ وما قصة هذا (العاشور)؟
ـ إنه يزعم إجادة لعبة كرة القدم، وحين أعطِيَ الكرة هشم الزجاج، وزعم إجادة السباحة، وحين رمى بنفسه في بركة ضحلة أوشك على الغرق، وزعم أنه يجيد ركوب الدراجة، ولكنها أوقعته أرضا بمجرد أن اعتلاها.
انطلق السيد (حتربة) ككرة متحرجة في هاوية، تذكر أنه مطالب بإنجاز بعض الأوراق على أن تكون مكتوبة على الحاسوب، ولكنه لا يجيد الكتابة الرقمية، انطلق من فوره باتجاه الرسام (أمجد) الذي يمتلك حاسوبا لعله يساعده في هذه المهمة، قال له (أمجد):
ـ رسومي غير مفهومة، وكذلك كتابتي لن تكون كذلك!
ـ كنت أمزح يا صديقي حين ظهر أني قللت من شأن رسوماتك.
ـ لقد كانت كلماتك محبطة، ولكنني لن أحبطك بأن أدعوك لتعلم أسلوب التعامل مع الحاسوب حتى تصبح عالما، فالجهل به أمية في هذا العصر.
تدحرج (حتربة) باتجاه السيد (الرامي)، لكنه كان مشغولا بقصة جديدة، ورد عليه:
ـ يا سيد (حتربة)! لا تنس أنني كثير الأخطاء، وأنا أتعلم من أخطائي، وأدعوك أنت أيضا للتعلم من أخطائك، لقد مضى زمن الطيبة الخادعة، أمثالك إما أن يوقظوا النائم أو يحبطوا الهش.
هوى (حتربة) باتجاه بيته خائبا، إنه الآن يجني ثمار حماقات الغل والحسد والجهل التي أقام ذاته فيها لأعوام، لعله يرى كم هي العلل الخبيثة قاتلة لأصحابها، ولكن هل يستفيق من ضلالاته حقا؟!