جوزيف مكير مجوك
كاتب
صباح ذلك اليوم الممطر وفي جو يضفيها السكينة وإنخفاض في درجات حرارة، حيث يتسلل إلى مسامعنا شذرات حفيف أشجار تحركها رياحٍ طفيفٍ تهب بخفة وكأنها تخشي إفساد السكينة والشمس قليل الإرتفاع وفي جانب الشرقي من السماء، يكاد لا يظهر ( محجوب جزئياً بغيوم زرقاء باهتة ) وكأنها عروسة حديثة قلقة أن يكشف الرياح ستار وجهها ليلة زفافها, وخجلة من نظرات عريسها الفاحصة، فتختلس نظرات خاطفة مراقبة أي تحرك محتمل ممسكةٌ ستارها بإحكام.
تحركنا من منزلنا أخي توتو ، وإختي أجاك إلى المدرسة لم يكن جميع إخواني يدرسون فبعضهم كان يبقون في المنزل لمساعدة أمي أختي كاكا كانت تقوم بأعمال المنزل، وسهير تحرس أخي الصغير، وأخي الكبير كوكو يعمل في الجيش وأخي أحمد مطيع قليل الكلام لهذا كان يستوجب عليه أن يرعي أغنام التي إشتريناه بأموال محاصيل أرسلها لنا أبي من أرض الوطن البعيد في الجبال الشرقية لعلها يساعدنا عند الحوجة،
وكانت مدرستنا بعيدة نسبياً أي حوالي 45 دقيقة سيراً على الأقدام من منزلنا
وصلنا المدرسة ولم نقف كثيراً حتى دخل جميع التلاميذ إلى الفصول لان الطابور الصباحي كان على وشك الإنتهاء فدعانا الأستاذ كافي إلى المكتب وجلد كل منا 3 جلدات ساخنة يكاد يريك النجوم نهاراً لتاخرنا ،
دخل كل منا فصله و رن جرس بداية الدروس ،ثم دخل علينا المعلم سمعان حاملاً معه كتاباً عتيقاً ممزق الغلاف ولم يكن الكتب المدرسية متاحة إلا عند قليل ممن يرسل اليهم اقرباءهم من المدن الكبيرة ، بدا يكتب الدرس في السبورة : #المادة_جغرافيا ، #فصلي2
[نحن نحب فصلنا، لأنه مريح وإضاءته كافية.وهو يساعد على مرور الهواء لأن به عدد كاف من الشبابيك وبه باب واسع يسمح بمرور الهواء ودخول وخروج التلاميذ، وجدرانه جميلة تكسوها الصور والوسائل التي نقوم برسمها بمساعدة المعلم ]
و بعد ان قرأ لنا رفعت يدي وقلت له غاضباً: لكن فصلنا ليس كما ذكرته، لان فصلناً كان(مجرد راكوبة) مكون من العيدان مفتوحة الأطراف مسقوفة بالقنا والقش، نغادرها ان هطل المطر نهاراً، فرد علي :ٌ لاننا غربة هنا
ولكن طالما شعرنا دوما ً ان مخيم إيدا للاجئين في فارينق بجنوب السودان منزلنا بل ملاذنا و مأوينا من دوى الإنفجارات و أزيز الطيران ،و منقذنا من معاناة حربٍ لا ذنب لنا فيها ولا نعرف حتى اسبابها سوى قليل مما نسمعها من نمائم تتطاير من ونسات الكبار، فنختطفها على العجل خلسة غير مباليين بها،
فرد سليمان على المعلم قائلاً: لكن أمي قالت لي ان الوطن (جبال الشرقية) لم يعد فيها مدارس إلا قليل جداً لا تختلف كثيراً عما ندرس فيها هنا فهل نحن غربة هناك ،
صمت المعلم سمعان ولم يجب أسئلتنا و كأنه مدرك بما يدور في أذهاننا.
لم يكن المرة الأولى التي يتحدث فيها المعلم عما يغاير واقعنا قال المعلم كافي ذات مرة ان الأسرة المثالية تتألف من {الأم فاطمة، الأب أحمد، الإبن خالد، الإخت زينب، الأخ أمين) وعندما سألته لماذا لم يذُكر إسم أخي كوكو او إختي كاكا ولا أيٍ من أسماء التي أعتدنا سمعاها في محيطنا كان إجابته الدائم ، إنه مجرد إسرة مثالية او فصل نموذجي او ... الخ
و كأن كل ما يحيطنا يفتقر إلى سمة المثالية .
و لكن أين سنجد مكاناً نضع فيه واقعنا و نتطرق لها و كأنه المثالي ؟
ما فائدة المنهج ان كان لا يعير الواقع إهتماماً ؟
تحركنا من منزلنا أخي توتو ، وإختي أجاك إلى المدرسة لم يكن جميع إخواني يدرسون فبعضهم كان يبقون في المنزل لمساعدة أمي أختي كاكا كانت تقوم بأعمال المنزل، وسهير تحرس أخي الصغير، وأخي الكبير كوكو يعمل في الجيش وأخي أحمد مطيع قليل الكلام لهذا كان يستوجب عليه أن يرعي أغنام التي إشتريناه بأموال محاصيل أرسلها لنا أبي من أرض الوطن البعيد في الجبال الشرقية لعلها يساعدنا عند الحوجة،
وكانت مدرستنا بعيدة نسبياً أي حوالي 45 دقيقة سيراً على الأقدام من منزلنا
وصلنا المدرسة ولم نقف كثيراً حتى دخل جميع التلاميذ إلى الفصول لان الطابور الصباحي كان على وشك الإنتهاء فدعانا الأستاذ كافي إلى المكتب وجلد كل منا 3 جلدات ساخنة يكاد يريك النجوم نهاراً لتاخرنا ،
دخل كل منا فصله و رن جرس بداية الدروس ،ثم دخل علينا المعلم سمعان حاملاً معه كتاباً عتيقاً ممزق الغلاف ولم يكن الكتب المدرسية متاحة إلا عند قليل ممن يرسل اليهم اقرباءهم من المدن الكبيرة ، بدا يكتب الدرس في السبورة : #المادة_جغرافيا ، #فصلي2
[نحن نحب فصلنا، لأنه مريح وإضاءته كافية.وهو يساعد على مرور الهواء لأن به عدد كاف من الشبابيك وبه باب واسع يسمح بمرور الهواء ودخول وخروج التلاميذ، وجدرانه جميلة تكسوها الصور والوسائل التي نقوم برسمها بمساعدة المعلم ]
و بعد ان قرأ لنا رفعت يدي وقلت له غاضباً: لكن فصلنا ليس كما ذكرته، لان فصلناً كان(مجرد راكوبة) مكون من العيدان مفتوحة الأطراف مسقوفة بالقنا والقش، نغادرها ان هطل المطر نهاراً، فرد علي :ٌ لاننا غربة هنا
ولكن طالما شعرنا دوما ً ان مخيم إيدا للاجئين في فارينق بجنوب السودان منزلنا بل ملاذنا و مأوينا من دوى الإنفجارات و أزيز الطيران ،و منقذنا من معاناة حربٍ لا ذنب لنا فيها ولا نعرف حتى اسبابها سوى قليل مما نسمعها من نمائم تتطاير من ونسات الكبار، فنختطفها على العجل خلسة غير مباليين بها،
فرد سليمان على المعلم قائلاً: لكن أمي قالت لي ان الوطن (جبال الشرقية) لم يعد فيها مدارس إلا قليل جداً لا تختلف كثيراً عما ندرس فيها هنا فهل نحن غربة هناك ،
صمت المعلم سمعان ولم يجب أسئلتنا و كأنه مدرك بما يدور في أذهاننا.
لم يكن المرة الأولى التي يتحدث فيها المعلم عما يغاير واقعنا قال المعلم كافي ذات مرة ان الأسرة المثالية تتألف من {الأم فاطمة، الأب أحمد، الإبن خالد، الإخت زينب، الأخ أمين) وعندما سألته لماذا لم يذُكر إسم أخي كوكو او إختي كاكا ولا أيٍ من أسماء التي أعتدنا سمعاها في محيطنا كان إجابته الدائم ، إنه مجرد إسرة مثالية او فصل نموذجي او ... الخ
و كأن كل ما يحيطنا يفتقر إلى سمة المثالية .
و لكن أين سنجد مكاناً نضع فيه واقعنا و نتطرق لها و كأنه المثالي ؟
ما فائدة المنهج ان كان لا يعير الواقع إهتماماً ؟