جريح في حضن أمه ينزف، يتأوه، يتلوى من شدة الألم. إخوته يطوفون حوله مذعورين.
الأب مرتبك، تائه، أخذ سكينا، اقترب منه، فابتعد. ثم عاد بوسادة، اقترب منه، ثم توارى، فغادر المنزل مسرعا إلى الملهى الليلي.
الأم المكلومة نادت على أحد أطفالها: بنيّ! ناولني السكين من المطبخ؟ فغرسته في مكان جرح الجريح! تنفست الصعداء... وبصوت رحيم قالت: "الآن تستطيع النوم يا بني" ثم استمرت في توجيه الطعنات إلى بعض أبنائها. والأصحاء، الأحياء منهم طفقوا يمرحون، كلٌ يلطخ ثوب الأخر بالدم
...
جلست تراقب في هدوء، أبناءها يمرحون، فشعرت بانشراح، إذ بدلت حزنهم فرحا، وضحكات، ملأت البيت الكئيب؛ حيوية.
فجأة، تذكرت قطتها، لم تطعمها طول اليوم! قامت بسرعة وقدمت لها قطعا صغيرة من لحم ابنها القتيل...
سمعت نباح كلاب بعيدة، تأسفت: مساكين، ربما يصرخون جوعا، فشرعت تقطع الجثث قطعا متساوية، وضعتها في أكياس، خرجت في الظلام تبحث عن الكلاب، فجأة، شعرت بأياد خشنة تتلمس شعرها ، التفتت، فرأت مشردين، تتطاير من نظراتهم لهفات، ورغبة مسعورة، توسلتهم : أرجوكم ابحثوا معي عن الكلاب الجائعة، أطعمها أولا، ولكم ما شئتم، عدوني أولا ولن أقاوم، بل سأستسلم لكل واحد منكم على حدة.
انطلقوا نحوها يركضون، يتدافعون... فانقضوا على الأكياس، ثم غربوا في الظلام.
عادت إلى منزلها تجر الأسف مع الإحباط، سمعت آذان الفجر، دخلت مباشرة إلى الحمام، وقفت أمام المرآة تأملت جسدها، تلمست تضاريسه فتساءلت لم اختاروا الأشلاء، وتركوا هذا الجمال، لحم بض طري، فعلا أغبياء.
اغتسلت ثم توجهت إلى المسجد لم تجد ولا امرأة، صلت وحدها وراء بضعة رجال، في المكان المخصص للنساء.
عادت إلى بيتها، فلم تجده، بل وجدته استحال حطاما، كومة أحجار، صدمت لهول ما رأت، فصاحت: قطتي... ملابسي...أثاثي...فشرعت تصرخ، تمزق تيابها، تلطم خذها...رمقت زوجها هناك متعبا، تتقادفه الأرصفة المهترئة، بمشقة يقاوم المشي، وبين خطوة و أخرى يركع يتهادى، رفع رأسه بجهد إلى الأعلى، وجه وجهه إلى السماء، وصرخ بكل ما تبقى له من قوة متسائلا: من زارنا اليوم؟: أمريكا أم فرنسا!؟ أجابه جمع غفير: لا، بل روسيا، همهم، روسيا !!من روسيا؟ وما سبب زيارتها؟. أجابوه: لا عليك اليوم روسيا غدا الصين!
الأب مرتبك، تائه، أخذ سكينا، اقترب منه، فابتعد. ثم عاد بوسادة، اقترب منه، ثم توارى، فغادر المنزل مسرعا إلى الملهى الليلي.
الأم المكلومة نادت على أحد أطفالها: بنيّ! ناولني السكين من المطبخ؟ فغرسته في مكان جرح الجريح! تنفست الصعداء... وبصوت رحيم قالت: "الآن تستطيع النوم يا بني" ثم استمرت في توجيه الطعنات إلى بعض أبنائها. والأصحاء، الأحياء منهم طفقوا يمرحون، كلٌ يلطخ ثوب الأخر بالدم
...
جلست تراقب في هدوء، أبناءها يمرحون، فشعرت بانشراح، إذ بدلت حزنهم فرحا، وضحكات، ملأت البيت الكئيب؛ حيوية.
فجأة، تذكرت قطتها، لم تطعمها طول اليوم! قامت بسرعة وقدمت لها قطعا صغيرة من لحم ابنها القتيل...
سمعت نباح كلاب بعيدة، تأسفت: مساكين، ربما يصرخون جوعا، فشرعت تقطع الجثث قطعا متساوية، وضعتها في أكياس، خرجت في الظلام تبحث عن الكلاب، فجأة، شعرت بأياد خشنة تتلمس شعرها ، التفتت، فرأت مشردين، تتطاير من نظراتهم لهفات، ورغبة مسعورة، توسلتهم : أرجوكم ابحثوا معي عن الكلاب الجائعة، أطعمها أولا، ولكم ما شئتم، عدوني أولا ولن أقاوم، بل سأستسلم لكل واحد منكم على حدة.
انطلقوا نحوها يركضون، يتدافعون... فانقضوا على الأكياس، ثم غربوا في الظلام.
عادت إلى منزلها تجر الأسف مع الإحباط، سمعت آذان الفجر، دخلت مباشرة إلى الحمام، وقفت أمام المرآة تأملت جسدها، تلمست تضاريسه فتساءلت لم اختاروا الأشلاء، وتركوا هذا الجمال، لحم بض طري، فعلا أغبياء.
اغتسلت ثم توجهت إلى المسجد لم تجد ولا امرأة، صلت وحدها وراء بضعة رجال، في المكان المخصص للنساء.
عادت إلى بيتها، فلم تجده، بل وجدته استحال حطاما، كومة أحجار، صدمت لهول ما رأت، فصاحت: قطتي... ملابسي...أثاثي...فشرعت تصرخ، تمزق تيابها، تلطم خذها...رمقت زوجها هناك متعبا، تتقادفه الأرصفة المهترئة، بمشقة يقاوم المشي، وبين خطوة و أخرى يركع يتهادى، رفع رأسه بجهد إلى الأعلى، وجه وجهه إلى السماء، وصرخ بكل ما تبقى له من قوة متسائلا: من زارنا اليوم؟: أمريكا أم فرنسا!؟ أجابه جمع غفير: لا، بل روسيا، همهم، روسيا !!من روسيا؟ وما سبب زيارتها؟. أجابوه: لا عليك اليوم روسيا غدا الصين!