كفاح الزهاوي
كاتب
وسط جزر متفرقة من السحب، أرسلت الشمس شعاعًا أضاء واجهات المحال التجارية بلونها الأحمر. نزل من شقته الواقعة في الطابق الثالث وهو يركض على السلالم ويقفز بنقلات سريعة بحيث يخطو كل سلمين بخطوة واحدة، حتى خرج إلى الشارع واختلط بصخب السيارات وحركة المارة، يدس يديه عميقًا في جيبه وكأنه يبحث عن شيء تذكره للتوّ. استقل هادي الحافلة رقم ٢٨ كالعادة ذاهبا إلى العمل.
جلس في مقعده ويتأمل، ومن جوف الحافلة اخترقت نظراته زجاجة النافذة، تطفو في فضاء الكون باحثةً في أدغال الأمازون الكثيفة تحت السماء المفتوحة، عن ذلك الكنز الغائب الذي يكمن في بئر النسيان. غمرته المشاعر وأحاطتَه هالة من الذكريات المشرقة والمؤلمة معا.
شعر بعاطفة متجددة، لا شك في أول لقاء له بها وهي تستند الى حاجز طويل تحت النجوم الساهرة وأكاليل الزهور المتناثرة في ساحة الحمراء ذات مساء قبل أعوام. عاش سفرات العشق المترعة بالآمال والطموحات، وبذل قصارى جهده للحفاظ على أواصر تلك النبتة الفتية التي بدأت تنمو وتكبر في أحشائهما.
وفي ذلك اللقاء الدافئ المملوء بحنين الشوق وارتواء ضوء القمر، طافت على شفتيها ابتسامة عذبة وفي عيونها برقت ضياء زاهي كعبير القرنفل المنعشة للروح، بينما كان شعرها الكستنائي يتموج في الريح. احتسى خمر العشق من نهديها، وانتشى من سكر أريجها حتى ثمالة الكأس.
خُمدت الأصوات في منتصف الليل والكون رقد إلى النوم واختفى الأفق في السواد. وفجأة ارتفع حفيف الأجنحة، بعد أن أقلق صفير الريح الطيور في أعشاشها، واخترق أغصان الأشجار التي سقطت منها بعض الأوراق الذابلة.
إحساس أليم كسحابة سوداء تحجب القمر عن الطلوع. هل كان يجهل شيئًا خافيًا عن مشاعرها؟ تبادر هذا السؤال الثقيل إلى ذهنه .
مرافئ الحياة ليست مفروشة بالورود، فالطريق وعر والعقبات هرمة، وينبثق في خطواتها عبء غير مرئي يجعلك، تفكر بجهد أكبر في الخطوة التالية، وأن تلتمس جهدًا عظيمًا في ردع كل ما يصرف الوعي عن تحقيق أمنياتك وتطلعاتك.
وفجأة داهمه الفراق في لحظة الوداع الحزينة، عندما اختفى ضوء القمر في ليلة باردة تخنقه الدجى، وعلى أوراق الأشجار تجمدت قطرات الندى، أتعبه الانتظار وهو في تأمل مخيب من ظهور النجمة المتوارية القاصدة سبيلها نحو مضجعه لتخفف عنه وطأة الاكتئاب وتنير الظلام من حوله.
وصلت الحافلة إلى محطتها المحددة وتوقف الذهن عن إرسال موجات الذكريات. فُتحتْ باب الحافلة، وطأتْ قدمه الأرض وساد الضجيج ثانية.
جلس في مقعده ويتأمل، ومن جوف الحافلة اخترقت نظراته زجاجة النافذة، تطفو في فضاء الكون باحثةً في أدغال الأمازون الكثيفة تحت السماء المفتوحة، عن ذلك الكنز الغائب الذي يكمن في بئر النسيان. غمرته المشاعر وأحاطتَه هالة من الذكريات المشرقة والمؤلمة معا.
شعر بعاطفة متجددة، لا شك في أول لقاء له بها وهي تستند الى حاجز طويل تحت النجوم الساهرة وأكاليل الزهور المتناثرة في ساحة الحمراء ذات مساء قبل أعوام. عاش سفرات العشق المترعة بالآمال والطموحات، وبذل قصارى جهده للحفاظ على أواصر تلك النبتة الفتية التي بدأت تنمو وتكبر في أحشائهما.
وفي ذلك اللقاء الدافئ المملوء بحنين الشوق وارتواء ضوء القمر، طافت على شفتيها ابتسامة عذبة وفي عيونها برقت ضياء زاهي كعبير القرنفل المنعشة للروح، بينما كان شعرها الكستنائي يتموج في الريح. احتسى خمر العشق من نهديها، وانتشى من سكر أريجها حتى ثمالة الكأس.
خُمدت الأصوات في منتصف الليل والكون رقد إلى النوم واختفى الأفق في السواد. وفجأة ارتفع حفيف الأجنحة، بعد أن أقلق صفير الريح الطيور في أعشاشها، واخترق أغصان الأشجار التي سقطت منها بعض الأوراق الذابلة.
إحساس أليم كسحابة سوداء تحجب القمر عن الطلوع. هل كان يجهل شيئًا خافيًا عن مشاعرها؟ تبادر هذا السؤال الثقيل إلى ذهنه .
مرافئ الحياة ليست مفروشة بالورود، فالطريق وعر والعقبات هرمة، وينبثق في خطواتها عبء غير مرئي يجعلك، تفكر بجهد أكبر في الخطوة التالية، وأن تلتمس جهدًا عظيمًا في ردع كل ما يصرف الوعي عن تحقيق أمنياتك وتطلعاتك.
وفجأة داهمه الفراق في لحظة الوداع الحزينة، عندما اختفى ضوء القمر في ليلة باردة تخنقه الدجى، وعلى أوراق الأشجار تجمدت قطرات الندى، أتعبه الانتظار وهو في تأمل مخيب من ظهور النجمة المتوارية القاصدة سبيلها نحو مضجعه لتخفف عنه وطأة الاكتئاب وتنير الظلام من حوله.
وصلت الحافلة إلى محطتها المحددة وتوقف الذهن عن إرسال موجات الذكريات. فُتحتْ باب الحافلة، وطأتْ قدمه الأرض وساد الضجيج ثانية.
التعديل الأخير: