صاحب هذه الابيات الطريفة هو صَفِيِّ الدينِ الحِلِّي عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي. ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد سنة 675 - 750هـ / 1276 - 1349م، اشتغل بالتجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وغيرها من البلدان، وقد أغرق الشعر في الصنعة وألوان البديع. وله العديد من المؤلفات منها ديوان شعر، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والشعر العامي، و(الأغلاطي) معجم للأغلاط اللغوية، و(درر النحور) في مدح الملك منصور الأرتقي، ويحتوي على 29 قصيدة كل منها تتكون من 29 بيت تبدأ أبيات كل منها وتنتهي بأحد أحرف اللغة العربية. و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، (الخدمة الجليلة)، ونظم بيتا لكل بحر سميت "مفاتيح البحور" ليسهل حفظها، كما أن له قصائد معجّمة ليس فيها حرف مهمل، واخرى تسمّى بالشعر العاطل أو المهمل، الذي يتميز بخلو كلماته من النقط، واخرى كلُّ كلمة من كلماتها مُصَغّرة،
أكما طلق الحلّي مصطلح الحمضيات، وهو نبات فيه ملوحة تأكله الإبل كلّما ملَّت من أكلها المعتاد، ويعني به الغريب خارج العلاقة الجنسية الصريحة
ومن أشعاره الشهيرة التي لا تزال تتداول حتى أيامنا هذه:
سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا = واستشهدي البيضَ هل خابَ الرّجا فينا
وسائلي العُرْبَ والأتراكَ ما فَعَلَتْ = في أرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَّهِ أيدينا
لمّا سعَينا، فما رقّتْ عزائمُنا = عَمّا نَرومُ، ولا خابَتْ مَساعينا
يا يومَ وَقعَة ِ زوراءِ العراق وقَد = دِنّا الأعادي كما كانوا يدينُونا
بِضُمّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَة = إلاّ لنَغزوُ بها مَن باتَ يَغزُونا
وفتيَة ٍ إنْ نَقُلْ أصغَوا مَسامعَهمْ = لقولِنا، أو دعوناهمْ أجابُونا
قوم إذا أستخصموا كانوا فراعنـة = يوما وان حكموا كانـوا موازينـا
تدرعوا العقل جلبابا فـان حميـت = نار الوغي خلتهـم فيهـا مجانينـا
إن الزرازيرَ لمـا قـام قائمهـا = توهمت أنهـا صـارت شواهينـا
ظنّتْ تأنّي البُزاة ِ الشُّهبِ عن جزَعٍ = وما دَرَتْ أنّه قد كانَ تَهوينا
انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا = أن نبتدى بالاذى من ليس يؤذينـا
بيادقٌ ظفرتْ أيدي الرِّخاخِ به = ولو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا
ذلّوا بأسيافِنا طولَ الزّمانِ، فمُذْ = تحكّموا أظهروا أحقادَهم فينا
لم يغنِهِمْ مالُنا عن نَهبش أنفُسِنا = كأنّهمْ في أمانٍ من تقاضينا
أخلوا المَساجدَ من أشياخنا وبَغوا = حتى حَمَلنا، فأخلَينا الدّواوينا
ثمّ انثنينا، وقد ظلّتْ صوارِمُنا = تَميسُ عُجباً، ويَهتَزُّ القَنا لِينا
وللدّماءِ على أثوابِنا علَقٌ = بنَشرِهِ عن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا
فيَا لها دعوه في الأرضِ سائرة = قد أصبحتْ في فمِ الأيامِ تلقينا
إنّا لَقَوْمٌ أبَتْ أخلاقُنا شَرفاً = أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُن = خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا
لا يَظهَرُ العَجزُ منّا دونَ نَيلِ مُنى = ولو رأينا المَنايا في أمانينا
ومناسبة نظم قصيدة "إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ" ان بعضُ النقاد عابوا على صفيِّ الدين الحلي اختياره للسهلِ من الألفاظِ وعدم التقعر في اللغة، وبعدهِ عن الكلماتِ الصعبة، فقالوا في نقدِ ديوانهِ: ( إنهُ لا عيبَ فيهِ إلا أنهُ خالٍ منَ الألفاظِ الغريبةِ )، فدافع عن نفسهِ بهذه الطريقة الطريفة والظريفة.
و القصيدة في ظاهرها تعج بالالفاظ المعجمية التي تعتمد على الغريب والمبهم من الالفاظ والتعابير والكلمات، وفي باطنها ينافح عن اللغة العربية، ويعيد لها عنفوانها وألقها وسلطتها المستمدة من متون امهات الكتب التراثية، وينتقد هذه الكلمات الغريبة الغامضة، ويظهر مهاراته و قدراته على امتلاك ناصية القول ..
وقد ورد في كتب التراث العديد من القصائد المماثلة لهذه القصيدة مثل لمن طلل لامرئ القيس، وصفير البلبل، كما جاء في كتاب فوات الوفيات لمؤلفه محمد بن شاكر الكتبي قصيدة طويلة لضياء الدين القوصي تضم عددا كبيرا من غريب الكلام
قراءة ممتعة
اختيار وتقديم نقوس المهدي
******
إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ
صفي الدين الحلي
إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ، = والطَّخَا والنُّقاخُ والعَطلَبيسُ
والسّبَنتَي، والحَقصُ، والهِيقُ، = والهجرسُ والطرقسانُ والعسطوسُ
لغة ٌ تنفرُ المسامعُ منها = حينَ تُروى وتَشمَئزّ النّفوسُ
وقبيحٌ أن يذكرَ النافرُ الوحـ = ـشيءّ منها ويتركَ المأنوسُ
أينَ قَولي هذا كثيبٌ قَديمٌ، = ومَقالي عَقَنقَلٌ قَدمُوسُ
لم نجدْ شادياً يغني قفا نبـ = ـكِ على العُودِ، إذ تُدارُ الكؤوسُ
لا ولا مَن شَدا أقيمُوا بَني أُ = متي، إذا ما أُديرَتِ الخَندَريسُ
أتُراني إن قُلتُ للحِبّ يا عِلْـ = ـقٌ درَى أنهُ العزيزُ النفيسُ
أو إذا قلتُ للقِيامِ جُلوسٌ، = علمَ الناسُ ما يكونُ الجلوسُ
خَلّ للأصمَعيّ جَوبَ الفَيافي، = في نَشافٍ تَخِفّ فيهِ الرّؤوسُ
وسؤالَ الأعرابِ عن ضيعة ِ اللفـ = ـظِ إذا أُشكِلَتْ علَيهِ الأُسُوسُ
دَرَسَتْ تِلكُمُ اللّغاتُ وأمسَى = مَذهَبُ النّاسِ ما يَقولُ الرّئيسُ
إنّما هذِهِ القُلوبُ حَديدٌ، = ولَذيذُ الألفاظِ مِغناطيسُ
.
----------------------
- الحيزبون : العجوز من النساء.
- الدردبيس : الداهية والشيخ والعجوز.
- الطخا :الغشاء يغطَّي غيره.
- النفاخ : الورم من داء.
- العلطبيس :الأملس البرَّاق.
- السبنتي: النمر.
- الحقص :شبل الأسد.
- الهيق : ذكر النعام.
- الهجرس :ولد الثعلب.
- الطرفسان: قطعة من الرمل.
- العسطوس: شجر تقطع منه العصي.
- عقنقل : المكيال الضخم والرجل الثقيل الوطءِ واسم تاجٍ لكسرى.
- قدموس : القديم والملك الضخم.
- الفطاريس :جمع الفطرس, وهو السمك الضخم.
- الشقحطب :الكبش لهُ قرنان أو أربعة كلٌّ منها كشقِّ حطب.
- الصقب :العمودُ الأطولُ في وسط الخيمة.
- الحربصيص : أَي شيء من الحليّ.
- العيطموس: المرأةُ الجميلَةُ أو الحَسَنَةُ.
- العنفقس : الضخم.
- الطرقصان : كوكبانِ يقدمان الجبهة سُمِّيا بذلك لأنهما عينا الأسد ينزلهما القمر (يقصد الابراج).
- العسطوس: هو شجر يُشبه الخيزُران.
- كثيب :التلُّ من الرمل سُمّي بهِ لأنهُ انكثب أي انصبَّ في مكانٍ فاجتمع فيهِ.
- العيس: الناقَةَ يَعِيسُها ضَرَبَها وبالكسر.
- قفا نبك: يقصد معلقة امروء القيس
أكما طلق الحلّي مصطلح الحمضيات، وهو نبات فيه ملوحة تأكله الإبل كلّما ملَّت من أكلها المعتاد، ويعني به الغريب خارج العلاقة الجنسية الصريحة
ومن أشعاره الشهيرة التي لا تزال تتداول حتى أيامنا هذه:
سَلي الرّماحَ العَوالي عن معالينا = واستشهدي البيضَ هل خابَ الرّجا فينا
وسائلي العُرْبَ والأتراكَ ما فَعَلَتْ = في أرضِ قَبرِ عُبَيدِ اللَّهِ أيدينا
لمّا سعَينا، فما رقّتْ عزائمُنا = عَمّا نَرومُ، ولا خابَتْ مَساعينا
يا يومَ وَقعَة ِ زوراءِ العراق وقَد = دِنّا الأعادي كما كانوا يدينُونا
بِضُمّرٍ ما رَبَطناها مُسَوَّمَة = إلاّ لنَغزوُ بها مَن باتَ يَغزُونا
وفتيَة ٍ إنْ نَقُلْ أصغَوا مَسامعَهمْ = لقولِنا، أو دعوناهمْ أجابُونا
قوم إذا أستخصموا كانوا فراعنـة = يوما وان حكموا كانـوا موازينـا
تدرعوا العقل جلبابا فـان حميـت = نار الوغي خلتهـم فيهـا مجانينـا
إن الزرازيرَ لمـا قـام قائمهـا = توهمت أنهـا صـارت شواهينـا
ظنّتْ تأنّي البُزاة ِ الشُّهبِ عن جزَعٍ = وما دَرَتْ أنّه قد كانَ تَهوينا
انـا لقـوم أبـت اخلاقنـا شرفـا = أن نبتدى بالاذى من ليس يؤذينـا
بيادقٌ ظفرتْ أيدي الرِّخاخِ به = ولو تَرَكناهُمُ صادوا فَرازينا
ذلّوا بأسيافِنا طولَ الزّمانِ، فمُذْ = تحكّموا أظهروا أحقادَهم فينا
لم يغنِهِمْ مالُنا عن نَهبش أنفُسِنا = كأنّهمْ في أمانٍ من تقاضينا
أخلوا المَساجدَ من أشياخنا وبَغوا = حتى حَمَلنا، فأخلَينا الدّواوينا
ثمّ انثنينا، وقد ظلّتْ صوارِمُنا = تَميسُ عُجباً، ويَهتَزُّ القَنا لِينا
وللدّماءِ على أثوابِنا علَقٌ = بنَشرِهِ عن عَبيرِ المِسكِ يُغنينا
فيَا لها دعوه في الأرضِ سائرة = قد أصبحتْ في فمِ الأيامِ تلقينا
إنّا لَقَوْمٌ أبَتْ أخلاقُنا شَرفاً = أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا، سودٌ وقائِعُن = خِضرٌ مَرابعُنا، حُمرٌ مَواضِينا
لا يَظهَرُ العَجزُ منّا دونَ نَيلِ مُنى = ولو رأينا المَنايا في أمانينا
ومناسبة نظم قصيدة "إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ" ان بعضُ النقاد عابوا على صفيِّ الدين الحلي اختياره للسهلِ من الألفاظِ وعدم التقعر في اللغة، وبعدهِ عن الكلماتِ الصعبة، فقالوا في نقدِ ديوانهِ: ( إنهُ لا عيبَ فيهِ إلا أنهُ خالٍ منَ الألفاظِ الغريبةِ )، فدافع عن نفسهِ بهذه الطريقة الطريفة والظريفة.
و القصيدة في ظاهرها تعج بالالفاظ المعجمية التي تعتمد على الغريب والمبهم من الالفاظ والتعابير والكلمات، وفي باطنها ينافح عن اللغة العربية، ويعيد لها عنفوانها وألقها وسلطتها المستمدة من متون امهات الكتب التراثية، وينتقد هذه الكلمات الغريبة الغامضة، ويظهر مهاراته و قدراته على امتلاك ناصية القول ..
وقد ورد في كتب التراث العديد من القصائد المماثلة لهذه القصيدة مثل لمن طلل لامرئ القيس، وصفير البلبل، كما جاء في كتاب فوات الوفيات لمؤلفه محمد بن شاكر الكتبي قصيدة طويلة لضياء الدين القوصي تضم عددا كبيرا من غريب الكلام
قراءة ممتعة
اختيار وتقديم نقوس المهدي
******
إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ
صفي الدين الحلي
إنّما الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ، = والطَّخَا والنُّقاخُ والعَطلَبيسُ
والسّبَنتَي، والحَقصُ، والهِيقُ، = والهجرسُ والطرقسانُ والعسطوسُ
لغة ٌ تنفرُ المسامعُ منها = حينَ تُروى وتَشمَئزّ النّفوسُ
وقبيحٌ أن يذكرَ النافرُ الوحـ = ـشيءّ منها ويتركَ المأنوسُ
أينَ قَولي هذا كثيبٌ قَديمٌ، = ومَقالي عَقَنقَلٌ قَدمُوسُ
لم نجدْ شادياً يغني قفا نبـ = ـكِ على العُودِ، إذ تُدارُ الكؤوسُ
لا ولا مَن شَدا أقيمُوا بَني أُ = متي، إذا ما أُديرَتِ الخَندَريسُ
أتُراني إن قُلتُ للحِبّ يا عِلْـ = ـقٌ درَى أنهُ العزيزُ النفيسُ
أو إذا قلتُ للقِيامِ جُلوسٌ، = علمَ الناسُ ما يكونُ الجلوسُ
خَلّ للأصمَعيّ جَوبَ الفَيافي، = في نَشافٍ تَخِفّ فيهِ الرّؤوسُ
وسؤالَ الأعرابِ عن ضيعة ِ اللفـ = ـظِ إذا أُشكِلَتْ علَيهِ الأُسُوسُ
دَرَسَتْ تِلكُمُ اللّغاتُ وأمسَى = مَذهَبُ النّاسِ ما يَقولُ الرّئيسُ
إنّما هذِهِ القُلوبُ حَديدٌ، = ولَذيذُ الألفاظِ مِغناطيسُ
.
----------------------
- الحيزبون : العجوز من النساء.
- الدردبيس : الداهية والشيخ والعجوز.
- الطخا :الغشاء يغطَّي غيره.
- النفاخ : الورم من داء.
- العلطبيس :الأملس البرَّاق.
- السبنتي: النمر.
- الحقص :شبل الأسد.
- الهيق : ذكر النعام.
- الهجرس :ولد الثعلب.
- الطرفسان: قطعة من الرمل.
- العسطوس: شجر تقطع منه العصي.
- عقنقل : المكيال الضخم والرجل الثقيل الوطءِ واسم تاجٍ لكسرى.
- قدموس : القديم والملك الضخم.
- الفطاريس :جمع الفطرس, وهو السمك الضخم.
- الشقحطب :الكبش لهُ قرنان أو أربعة كلٌّ منها كشقِّ حطب.
- الصقب :العمودُ الأطولُ في وسط الخيمة.
- الحربصيص : أَي شيء من الحليّ.
- العيطموس: المرأةُ الجميلَةُ أو الحَسَنَةُ.
- العنفقس : الضخم.
- الطرقصان : كوكبانِ يقدمان الجبهة سُمِّيا بذلك لأنهما عينا الأسد ينزلهما القمر (يقصد الابراج).
- العسطوس: هو شجر يُشبه الخيزُران.
- كثيب :التلُّ من الرمل سُمّي بهِ لأنهُ انكثب أي انصبَّ في مكانٍ فاجتمع فيهِ.
- العيس: الناقَةَ يَعِيسُها ضَرَبَها وبالكسر.
- قفا نبك: يقصد معلقة امروء القيس