المصطفى سالمي
كاتب
تشهد بلادنا هذه الأيام أزمة كبيرة في مجال التعليم أثارت وما زالت تثير كثيرا من النقاشات، فكيف تعاملت الحكومة مع هذا المأزق؟ وكيف تحرك المسؤولون الحكوميون لمعالجة هذا الأمر، سنستعرض إذن مجموعة من الأقوال لأعضاء حكومتنا يرى كثير من المتتبعين أنها ستظل خالدة في ذاكرة المغاربة لأمد طويل جدا ، فلنتناول هذه الأقوال كما وردت بالعامية قبل نقلها للعربية الفصحى حتى نكون أمناء جهد الإمكان في التعامل معها .
ـ السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة: (هاد العقوبات اللي جاو ماشي باش نعاقبوهم، جينا باش نخففوا عليهم ما يبقاوش في العقوبات الأخرى)
ترجمتها للفصحى: هذه العقوبات الحالية ليس لمعاقبة المدرسين، ولكن للتخفيف عليهم حتى لا يبقوا تحت طائلة العقوبات الأخرى).
هل فهمتم شيئا في العامية المغربية أو حتى في العربية الفصيحة؟ إليكم التالي إذن:
ـ السيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية: (كاين أيضا بعض الأنشطة بحال تصحيح الامتحانات اللي مؤَدِّي عليه، اللي يمكن تحسن الدخل ديال الأستاذ).
ترجمتها الفصيحة: (هناك أيضا تصحيح الامتحانات التي يمكن أن تحسن دخل الأستاذ).
هل استوعبتم كيف أن أربعين أو خمسين درهما في السنة ـ وليس في الشهر أو الأسبوع ـ يمكن أن تحسن الوضعية المادية للأستاذ في زمن الكيلو بطاطس باثني عشر درهما.
عبارة أخرى للسيد أخنوش: (في إطار حوار اجتماعي، كيقول ليك أودي غادي تعطيو اللي عاد ابدا جديد، والناس اللي خدامين هادي سنوات ما غادي يوْصلهم حتى شي حاجة، وفْهمنا بأنهم ما بغاوهاش في الدخلة بغاوها في الخرجة)
وترجمتها بالفصحى ـ لمن هو مسلح بعلوم اللسان المغربي ـ كالآتي: (في إطار الحوار الاجتماعي يقول البعض: كيف تكون الزيادات للجدد في حين أن قدامى المدرسين لا يستفيدون من الزيادة، وفهمنا أنهم يريدون الزيادة بالنسبة للفئة الأخيرة عوض تقديمها للجدد).
فهل من المنطق تقسيم المدرسين إلى فئات لضرب البعض بالبعض الآخر وخلق جماعات حانقة على أخرى ؟ ! إنها سياسة فرق تسد.
وإليكم عبارات أخرى لرئيس الحكومة: (... حديثي الولادة، الولاية، داخل الأسر في وضعية هشاشة، من حقنا أن نكون فخيرين معتزين... لن تُدخر، تَدَخّر جهدا في سبوب، سبول...)
الترجمة للفصحى تتعذر هنا في تحويل العامي إلى فصيح، حتى الذكاء الصناعي يعجز عن فعل ذلك ليبقى المترجم صامتا واجما.
إنها مهازل العصر الذي نعيشه في بلاد المغرب أرض العلماء والأمجاد والبطولات، والتي تقزمت مع هؤلاء المسؤولين الذين أصبحوا مثار سخرية العالم أجمع، ومعهم اختلت علامات التذكير والتأنيث، يقول السيد رئيس الحكومة: (أيتها المناضلين، أيها المناضلات).
ها نحن نرى جحافل الظلام تهاجم الضياء والنور والعلم، وبأية أساليب تعبيرية، هكذا تصر حكومة بلدنا على تحدي جزء كبير من الشعب بأساليب الكيد واللؤم مع الإصرار على نظام أساسي مجحف منبوذ من كل فئات المدرسين، ولسان حالها يقول: (اقبلوه معاشر المدرسين وإلا فاقتطاعات ظالمة في انتظاركم)، هل رأيتم وقاحة أكبر من هذا؟ حتى المسيرات السلمية والوقفات الاحتجاجية أمام المديريات تم منعها كليا، إنه الفشل المبين في معالجة المشكل، فتارة هو العنف الأعمى اتجاه مدرس الأجيال، وتارة هو المنع من مجرد التفوه بكلمة احتجاج، فلنفترض أن قام مدرس بتعنيف تلميذ، لرأيت وقتها كيف تهب جحافل الإعلام المأجور للتنديد بسلوك الأستاذ على أنه سلوك لا تربوي ولهبت جمعيات (ما تقيش ولدي)، أين هي جمعيات المجتمع المدني التي ابتلعت لسانها اليوم إزاء ثمانية ملايين تلميذ مغربي محروم من حقه في التعلم؟
ها هي إذن سياسة تكميم الأفواه تعود إليكم أيها المغاربة مغلفة بشعارات السلم والنظام وغيرها من العناوين الكاذبة الفارغة، أي سلم يكون في ظل تجويع المدرسين باقتطاع الجزء الأكبر من رواتبهم؟ كيف تريد من المدرس أن يقدم ذرة من الجهد في تعليم وتربية النشء بينما نفسيته أصبحت قاتمة مكهربة مظلمة حاقدة؟ دون شك ستصبح نزعة آلاف المدرسين ألغاما تزرع الكراهية والأحقاد، والنتيجة قتل الأمل في مستقبل مشرق لهذه الأمة، وستكبر أجيال وأجيال من كارهي البلاد، أمواج بشرية مُفرغة من الحس الوطني، ستكون مستعدة لبيع الوطن بأثمان بخسة، وبالتالي تفكك الوطن وانهياره، هذا ما يريده الفاشلون الذين يلعبون بالنار من أجل مناصبهم وامتيازاتهم. قد يطرح البعض سؤالا عن جدوى ذكر هذه العبارات المفككة لأعضاء الحكومة، وهي الجمل التي لا تساوي الحبر الذي كتبها، لقد استعرضناها لنُظهر الخواء والفراغ عند مسؤولي هذه البلاد، وكم يثيرون السخرية والضحك في مجالس الناس حول كؤوس الشاي بربوع هذه البلاد، لقد وجد الكثيرون ما يملؤون به أيامهم ولياليهم، فما أضيق العيش لولا فسحة السخرية التي يثيرها هؤلاء الفاشلون.
تهافت المسؤولين عندنا ليس فقط في أقوالهم المهزوزة، بل كذلك في مواقفهم المتذبذبة في التعاطي مع الأزمة للخروج من المأزق، فمجرد الإصرار على التحاور مع النقابات التي هي جزء من المشكل عوض التحاور مع التنسيقيات التي تمثل المدرسين عبر عملية انتخاب ديمقراطية أفرزت هذا الشكل التمثيلي المحرك لجموع الأساتذة، هذا التعنت وحده هو عنوان للفشل الكبير لتستمر الأزمة ما لم يتخلص المغرب من هذه الديناصورات التي لا تريد الانقراض.
وتبقى الطامة الكبرى وأم المهازل هي ما سمي بأسبوع الدعم، حيث تفتقت عبقرية مسؤولينا على استقدام غرباء لتقديم دروس دعم لبعض التلاميذ خلال العطلة البينية (الأسبوع الأول من دجنبر)، ودون الخوض في أهلية وكفاءة هؤلاء الغرباء عن المدرسة العمومية بدليل أخطائهم الكارثية المثبتة على اللوح، فالمعروف أن الدعم يتم بعد أن يتلقى المتعلمون المكتسبات الأولية وليس قبلها، فالدعم أشبه بوصفة علاج ينبغي أن تأتي بشكل بعدي لا قبلي، وإلا فكيف يصبح العلاج قبل التشخيص بالنسبة للطبيب؟! لكنه الغباء المستحكم الذي ورط هؤلاء في أخطاء جسيمة وثقها هؤلاء الدخلاء أنفسهم بكاميراتهم والتي ترقى لجرائم بيداغوجية يُراد بها هدم ما ترسّخ من جهود سنوات سابقة ولتحطيم ما تبقى من صرح التعليم في بلادنا، ولعل مبتغى هؤلاء المتحكمين يتحقق بأن يتم في المستقبل استنساخ نماذج أحفورية لأجيال قادمة تكون بدورها متبلدة حتى تستعيد وتُنتج هي أيضا العبارات الساخرة التي قدمنا أمثلة لها في بداية المقال، وقتها تصبح الصورة قاتمة سوداء بالمطلق، فلا يجد الفارغون من يتهكم عليهم، فالكل وقتئذ سواء في الخواء.
ـ السيد عزيز أخنوش رئيس الحكومة: (هاد العقوبات اللي جاو ماشي باش نعاقبوهم، جينا باش نخففوا عليهم ما يبقاوش في العقوبات الأخرى)
ترجمتها للفصحى: هذه العقوبات الحالية ليس لمعاقبة المدرسين، ولكن للتخفيف عليهم حتى لا يبقوا تحت طائلة العقوبات الأخرى).
هل فهمتم شيئا في العامية المغربية أو حتى في العربية الفصيحة؟ إليكم التالي إذن:
ـ السيد شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية: (كاين أيضا بعض الأنشطة بحال تصحيح الامتحانات اللي مؤَدِّي عليه، اللي يمكن تحسن الدخل ديال الأستاذ).
ترجمتها الفصيحة: (هناك أيضا تصحيح الامتحانات التي يمكن أن تحسن دخل الأستاذ).
هل استوعبتم كيف أن أربعين أو خمسين درهما في السنة ـ وليس في الشهر أو الأسبوع ـ يمكن أن تحسن الوضعية المادية للأستاذ في زمن الكيلو بطاطس باثني عشر درهما.
عبارة أخرى للسيد أخنوش: (في إطار حوار اجتماعي، كيقول ليك أودي غادي تعطيو اللي عاد ابدا جديد، والناس اللي خدامين هادي سنوات ما غادي يوْصلهم حتى شي حاجة، وفْهمنا بأنهم ما بغاوهاش في الدخلة بغاوها في الخرجة)
وترجمتها بالفصحى ـ لمن هو مسلح بعلوم اللسان المغربي ـ كالآتي: (في إطار الحوار الاجتماعي يقول البعض: كيف تكون الزيادات للجدد في حين أن قدامى المدرسين لا يستفيدون من الزيادة، وفهمنا أنهم يريدون الزيادة بالنسبة للفئة الأخيرة عوض تقديمها للجدد).
فهل من المنطق تقسيم المدرسين إلى فئات لضرب البعض بالبعض الآخر وخلق جماعات حانقة على أخرى ؟ ! إنها سياسة فرق تسد.
وإليكم عبارات أخرى لرئيس الحكومة: (... حديثي الولادة، الولاية، داخل الأسر في وضعية هشاشة، من حقنا أن نكون فخيرين معتزين... لن تُدخر، تَدَخّر جهدا في سبوب، سبول...)
الترجمة للفصحى تتعذر هنا في تحويل العامي إلى فصيح، حتى الذكاء الصناعي يعجز عن فعل ذلك ليبقى المترجم صامتا واجما.
إنها مهازل العصر الذي نعيشه في بلاد المغرب أرض العلماء والأمجاد والبطولات، والتي تقزمت مع هؤلاء المسؤولين الذين أصبحوا مثار سخرية العالم أجمع، ومعهم اختلت علامات التذكير والتأنيث، يقول السيد رئيس الحكومة: (أيتها المناضلين، أيها المناضلات).
ها نحن نرى جحافل الظلام تهاجم الضياء والنور والعلم، وبأية أساليب تعبيرية، هكذا تصر حكومة بلدنا على تحدي جزء كبير من الشعب بأساليب الكيد واللؤم مع الإصرار على نظام أساسي مجحف منبوذ من كل فئات المدرسين، ولسان حالها يقول: (اقبلوه معاشر المدرسين وإلا فاقتطاعات ظالمة في انتظاركم)، هل رأيتم وقاحة أكبر من هذا؟ حتى المسيرات السلمية والوقفات الاحتجاجية أمام المديريات تم منعها كليا، إنه الفشل المبين في معالجة المشكل، فتارة هو العنف الأعمى اتجاه مدرس الأجيال، وتارة هو المنع من مجرد التفوه بكلمة احتجاج، فلنفترض أن قام مدرس بتعنيف تلميذ، لرأيت وقتها كيف تهب جحافل الإعلام المأجور للتنديد بسلوك الأستاذ على أنه سلوك لا تربوي ولهبت جمعيات (ما تقيش ولدي)، أين هي جمعيات المجتمع المدني التي ابتلعت لسانها اليوم إزاء ثمانية ملايين تلميذ مغربي محروم من حقه في التعلم؟
ها هي إذن سياسة تكميم الأفواه تعود إليكم أيها المغاربة مغلفة بشعارات السلم والنظام وغيرها من العناوين الكاذبة الفارغة، أي سلم يكون في ظل تجويع المدرسين باقتطاع الجزء الأكبر من رواتبهم؟ كيف تريد من المدرس أن يقدم ذرة من الجهد في تعليم وتربية النشء بينما نفسيته أصبحت قاتمة مكهربة مظلمة حاقدة؟ دون شك ستصبح نزعة آلاف المدرسين ألغاما تزرع الكراهية والأحقاد، والنتيجة قتل الأمل في مستقبل مشرق لهذه الأمة، وستكبر أجيال وأجيال من كارهي البلاد، أمواج بشرية مُفرغة من الحس الوطني، ستكون مستعدة لبيع الوطن بأثمان بخسة، وبالتالي تفكك الوطن وانهياره، هذا ما يريده الفاشلون الذين يلعبون بالنار من أجل مناصبهم وامتيازاتهم. قد يطرح البعض سؤالا عن جدوى ذكر هذه العبارات المفككة لأعضاء الحكومة، وهي الجمل التي لا تساوي الحبر الذي كتبها، لقد استعرضناها لنُظهر الخواء والفراغ عند مسؤولي هذه البلاد، وكم يثيرون السخرية والضحك في مجالس الناس حول كؤوس الشاي بربوع هذه البلاد، لقد وجد الكثيرون ما يملؤون به أيامهم ولياليهم، فما أضيق العيش لولا فسحة السخرية التي يثيرها هؤلاء الفاشلون.
تهافت المسؤولين عندنا ليس فقط في أقوالهم المهزوزة، بل كذلك في مواقفهم المتذبذبة في التعاطي مع الأزمة للخروج من المأزق، فمجرد الإصرار على التحاور مع النقابات التي هي جزء من المشكل عوض التحاور مع التنسيقيات التي تمثل المدرسين عبر عملية انتخاب ديمقراطية أفرزت هذا الشكل التمثيلي المحرك لجموع الأساتذة، هذا التعنت وحده هو عنوان للفشل الكبير لتستمر الأزمة ما لم يتخلص المغرب من هذه الديناصورات التي لا تريد الانقراض.
وتبقى الطامة الكبرى وأم المهازل هي ما سمي بأسبوع الدعم، حيث تفتقت عبقرية مسؤولينا على استقدام غرباء لتقديم دروس دعم لبعض التلاميذ خلال العطلة البينية (الأسبوع الأول من دجنبر)، ودون الخوض في أهلية وكفاءة هؤلاء الغرباء عن المدرسة العمومية بدليل أخطائهم الكارثية المثبتة على اللوح، فالمعروف أن الدعم يتم بعد أن يتلقى المتعلمون المكتسبات الأولية وليس قبلها، فالدعم أشبه بوصفة علاج ينبغي أن تأتي بشكل بعدي لا قبلي، وإلا فكيف يصبح العلاج قبل التشخيص بالنسبة للطبيب؟! لكنه الغباء المستحكم الذي ورط هؤلاء في أخطاء جسيمة وثقها هؤلاء الدخلاء أنفسهم بكاميراتهم والتي ترقى لجرائم بيداغوجية يُراد بها هدم ما ترسّخ من جهود سنوات سابقة ولتحطيم ما تبقى من صرح التعليم في بلادنا، ولعل مبتغى هؤلاء المتحكمين يتحقق بأن يتم في المستقبل استنساخ نماذج أحفورية لأجيال قادمة تكون بدورها متبلدة حتى تستعيد وتُنتج هي أيضا العبارات الساخرة التي قدمنا أمثلة لها في بداية المقال، وقتها تصبح الصورة قاتمة سوداء بالمطلق، فلا يجد الفارغون من يتهكم عليهم، فالكل وقتئذ سواء في الخواء.