نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

دُمْيَة ضحكة النيل

صعوداً و نزولاً تتقاذف الأَتْرِبَة وتتراقص مَعَهَا بُذور الشَّرّ مُطْلَقَة إيقاعاتٍ تشبه لحدٍ ما مقطوعات عبقري الغناء الأحمق(شوبرت) وهو يشدو بأتعاب عضلاته كمن يسابق الريح. يشق الزمان ويضرب الصمت الرمادي الصاخب بصريف خطؤاته الهائجة كالنسور الجائعة في سماء ممصرة بأمل أسمانجوني تائه في رحلةٍ أقرب إلى البحث عن موطن ماضٍ مسروق منها إلى حفظ ذات الإستنشاق والزفير.
يعتلي جبال محاولته اليائسة بغية إنتشال أُنثي عالقة بين حيطان تخوم خوفها الممتعة، حلت مكان الأكياس في المنفى، سابقة البرق بعواؤها التي تفوق خاتمة سيمفونية بيتهوفن التاسع وهي تحاول أن تحافظ على آخر ما تبقي من نفخة أنصبتها المتشظية، وبأعجوبة تنقذ عظمة باهتة من دميتها، مخلفة وراءها غبار مهج عائلتها لعنان النيل، لتعبث بهم زوبعة الزمهرير كيفما رغب .
تنشر الطفلة نزيف وجهها في حبال الإنسانية المجعدة لعل يفوّق أحدهم سهم الرحمة، ويتضح إن معرض الإنسانية عتيد لا يحتمل مثل هذه المشاهد (الميلودرامية). وأجزم إنه لو اطلع عليها صغار رهبان آلهة المؤامرة عند مجتمعات الدينكا اليدائية لإنتفض حاسداً الفاعل على براعته.
يتمايل النيل، يتراقص ، ويتفرس مصغياً للإجرار النفوس الذين تبول فيهم التاريخ . ضاحكاً لمحاولاتهم المستحيلة ويجتر جماحه طامساً أثار تخومهم الخائفة.
ويمسك المنقذ الطفلة منصتاٌ لهذئها، و يختطف هَدب مِنْ لَغْوِ أنشودتها اللادغة لِلرِّيح .
أَيُّهَا النِّيلُ لِمَا الْغَدْر
لِمَا الْغَضَب
لِمَا الضَّرْب
لَسْت بِمُذْنِب
أتظنني مِن أَبْكِي السَّمَاء.
كَفَى الضَّحِك .
وتِئن السَّمَاء وتَزْدَاد بكاءً وتَنفَتَّح فَاه النِّيل وَيَزْدَاد بِدَوْرِه ضحكاً، فيتمدد نَزيف ضحكته في قِسط تقيؤ الزمان (الوطن) ، وكَأَنَّمَا يَحْتَفِل بِحُزْن السَّمَاء.
ويسمع المنقذ بدوره إبتهالاً أو ربما أنذاراً من الهة الغرق. في لحظة قُرضت فيها أثار الجغرافيا.
"تحرر! أنت أسمى من أن تكون شجراً"
فيتحرر كما يتحرر أغصان القصب من قطرات الندى فجُراً، ممكساً الطفلة.
تجتر الطفلة، صانعة من خبزها دُمية ومركبة،
ويغوصان بلا جدوى في دماء النيل دون وجهة. . . . . . إلى اللا مأوى.
و تتابع الطفلة قرارها.
أيها النيل لما الضيق.
أتظنك تثبت ولائك لالطيب صالح بفعلتك؟
خاضعاً لنصوصه القابضة للريح. تباً!
أحقاً تنوي أن تقول شيئاً للتاريخ؟ كما ذكره أديبك الطيب صالح؟



 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى