محمد سعد
كاتب
أرض خصبة لم تكن موعودة
طرق باب صديقه إبراهيم ، فتحت الخادمة الباب ، رحبت به ثم دلف وهو يسالها :
كيف صار ؟ هل تحسنت حالته ؟
أتى ردها مطمئنا، فعيناها الضاحكتان كانتا تختزلان كل ما يمكن ان يمنحه ثقة بأن صديقه يسير نحو الشفاء .
هي المرأة الوحيدة في البيت ، بعد أن فارقت زوجة إبراهيم الحياة ،اثر حملها الثاني، منذ سنة تقريبا ، رحلت ورحل معها مولودها ،وبقيت الخادمة معه تسهر عليه وعلى تربية ابنه البكر ذي الخمس سنوات.
تابعها بعينيه : أنثى لا تتجاوز العشرين ،أنيقة خفيفة الظل ،ضحوك ، مهتمة بلباسها ، شعرها الكستنائي لامع ،مسترسل الى الوراء ، ومشدود بمنديل صغير بلونين أحمر وابيض ، رائحة عطر هادئ ،فاحت من حركتها وهي تسد الباب بعد دخوله ..
قصد البهو حيث تمدد ابراهيم على سرير مغطى بازار رمادي ،ووسادتين بغلاف ابيض مطرز بالأصفر ، الخادمة هي من حولت السرير من غرفة النوم الى هنا حتى يستقبل ابراهيم زواره مرتاحا..
كان إبراهيم يجلس على سريره ، يسند ظهره الى احدى مخدات البهو الكبيرة المطرزة تطريزا رباطيا باللون الأزرق الفاتح ، نُشر عليها منديل أبيض بنفس لون وتطريز الازار ، رجلاه ممددتان ، وفوق فخديه صينية فضية ، عليها صحن طعامه ،ملعقة ،شوكة وسكين ،كأس ماء ومنديل ملفوف بأناقة الى جانبه.
انحنى على راس إبراهيم، قبل جبهته ثم قال : الحمد لله انت أحسن حالا بكثير ..
جلس على كنبة قريبة من السرير بعد أن دعا صديقه لاتمام أكله .
التفت يمينا ، انشدَّ بصره الى مجلة طفولية ،شرع يقرأ عبارات الغلاف الظاهرة ،هي غالبا مجلة الطفل إدريس ،مازال اسم المجلة مرسوما في ذهنه ، استغرب كيف انها لازالت تصدر ،بعد ان قرأها منذ عشرين عاما ،بنفس الغلاف ،ونفس الصور ،وغالبا بنفس المضمون ، تذكر قولة لا يعرف صاحبها:َ
"لاسلطة للزمان على العرب ،فهم أوفياء لسنهم، لا يكبرون ولا يتقدمون "
ضحك في سره، ثم أشاح بوجهه الى محتويات البيت ، كل شيء مرتب ، منظم ، نظيف ، كأن صاحبته لم تغادره منذ سنة ، فقط بعض اللوحات التي تغير وضعها وهي اليوم أحسن في تموضعها عما كانت عليه من قبل،
إنه استمرار لبصمات الخادمة حتى بعد موت صاحبة البيت .
بلغت الى أنفه رائحة قهوة تعدها الخادمة ، تغشته انتعاشة ،تناهت اليه خطواتها وهي قادمة ..أقبلت ضاحكة كعادتها تحمل صينية وعليها كاس القهوة ،وآخر كبير فيه ماء مثلج ، وصحن حلويات .. حين كانت تضع الصينية أمامه، سرق نظرة الى إبراهيم الذي كان يتابع حركة الخادمة أو ربما يتطلع الى اثر عملها على وجه الضيف ،ثم سرق نظرة أخرى الى الخادمة عن قرب ، كلما تقدمت في العمر ازدادت جمالا ، وجه قمحي دائري زانته غمازة على الجهة اليمنى ، عينان واسعتان بهما حَوَر مثير ، قد ممشوق ،متناسق ،كانها لاعبة رياضية ،شفاه مكتنزة اضافت للوجه اثارة .. شكرها :
ـ تبارك الله على للا زهور الله يكثر من أمثالك
عجبها الاطراء ، وعلت حمرة خجل وجهها القمحي ، فردت وقد افتر ثغرها عن بسمة واسعة :
عزيزي إبراهيم أبي ، وأخي ، زوجته الله يرحمها كانت أكثر من اخت، وما أحسست وأنا معها يوما بغبن ، عوضتني حنان الام ،وكانت عني تدافع حتى امام أقرب الناس اليها ، كما عوضني عزيزي إبراهيم حنو الأب ،هو أمانة بين يدي ، وهذا دور أبناء الأصول ، عزيزي إبراهيم عيوني ،ولن أتركه حتى يكبر سيدي ادريس ،ويصير رجلا مكتفيا بنفسه ..
كان الضيف يتابع كلماتها وعيناه تلتهمانها إعجابا :
وهل يستطيع إبراهيم أن يتركك ؟ من يترك أنثى بجمالك وقدك وأناقتك ، تعرف طبعه وتهتم به ، ثم يفكر في الزواج بغيرها ؟ هكذا كان يفكر في سره.
تحولت الخادمة الى إبراهيم ، همست له بشيء لم يسمعه الضيف ، هز إبراهيم رأسة إيجابا ..
حملت الصينية من فوق فخديه ،وتركت له كاس الماء قريبا منه على خزانة خشبية بجانب الدواء ،
قالت : الحمد لله.. هكذا نحب أن تتحسن .. اليوم أنت أحسن من أمس بكثير..
استدارت الخادمة متوجهة نحو المطبخ ،في حين اشرأب الضيف برأسه مرة أخرى الى صورة المجلة ، استعاد قصة الأعمى والأعرج التي قرأها في أحد أعداد المجلة حين كان طفلا صغيرا ، تذكر حادثة صديقه المريض ،والتي فقد فيها مشطة القدم ،
استعاده صديقه إبراهيم اليه : ـ كأن زينب لم تمت ،كل شيء يسير كما كانت هنا تديره بنفسها ،
لا ادري بما أجازي هذه البنت وكيف ؟ هي حقا بنت اصل ..
تبسم الضيف في أعماقه وقد حبس عبارة كادت تنفلت من بين شفتيه:
ـ لماذا لا تتزوجها ، صغيرة جميلة ،انيقة ـ متعلمة ، بإشارة منك ما تريده ، ما تحب وما تكره ....تربت في بيتك ،تحت نظرك مذ كانت طفلة لايتجاوز عمرها عشر سنوات
زم على شفتيه ، حابسا رايه في مخزن رأسه ، وكأنه يخشى أن يبوح بما في صدره
تحدثا في أكثر من موضوع ،في مقاطعة الناس لإحدى محطات الوقود ، ونوعية من الماء، وأخرى من الحليب قال :
لقد خيبت الحكومة ظن الناس فيها ، فتصريحات بعض أعضائها المتناقضة والمستفزة كشفت ، أنها لا تحكم وانما تسيِّر بأوامر فقط ..
رد إبراهيم : ومتى كان الحكم في يد حكوماتنا ؟فهل تتصور أن المخزن قد يتنازل يوما عن سلطاته ؟ ،لماذا لم يتصد المخزن لمن نعت المغاربة بالمداويخ والخونة ؟ .. أخشى ان تكون هذه المقاطعة بداية لما هو أكبر ...
زفر بقوة وقد أمن على كلام إبراهيم ثم قال:
ـ الاحداث تتسارع ، مقاطعة بعض المواد ، قطع العلاقات مع ايران ، مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي ، الجزائر التي تزداد عنادا ...
رن جرس الباب .. تناهى اليه صوت الخادمة :
- أهلا بالعزري ديالي رجع من المدرسة .
هو إدريس قد عاد من مدرسته ، تسلمت منه المحفظة ،ناولته نعلا بعد أن أزال حذاءه ..
دخل البهو، فسلم على الضيف بعناق وقبلة على الوجه قبل ان يستدير الى أبيه يعانقه ويقبل يده ثم يسأله :
كيف انت بابا ؟ الآن أحسن ،أليس كذلك ؟
رد الاب وهو يضم صغيره : فعلا أحسن ، الحمد لله ، الله يرضي على ولدي..
لاحظ الضيف على ادريس كل بصمات الإحساس بالراحة والطمأنينة ، يعبر بطلاقة لسان واعتزاز بالنفس ، كان نظيف الثياب ،ممشوط الشعر، اثر عطر طفولي يفوح منه .. قال لإ براهيم : تبارك الله على سيدي ادريس كبر وصار رجلا..
خرج ادريس من البهو ، قصد غرفة مجاورة .. تناهى اليهما صوت رسوم متحركة من التلفاز..
رد ابراهيم : الفضل يعود لزهور ،حريصة على نظافته وصحته ومساعدته في أعماله المدرسية ..هو يناديها "خيتي " وهي تحنو عليه كانه ابنها من بطنها ..
كان الضيف يعرف صديقه معرفة عميقة ، اصله وفصله، أصهاره : حتما إبراهيم متعلق بالخادمة ، لن يجد بديلا عنها لبيته وابنه وحياته ، لكن ربما يخشى سلطة اصهاره ويدهم الطويلة أن ينزعوا منه ابنه ، فهو لن ينسى ماعانته زوجته من تحريض لثنيها عن الزواج به لاعتبارات طبقية ، لكن حب زينب له وثقثها فيه جعلها تضع حبها فوق كل العراقيل التي كانت تحاول أمها خصوصا أن تضعها في طريق حبها لابراهيم ، لدرجة أن زينب هددت يوما بأن تكتب عقدها على إبراهيم في محكمة ،بعيدا عن أسرتها ،وهذا التهديد هو ما جعل اسرة زينب ترضخ خوفا من فضيحة لاترضاها
ربما هذا ما جعله دوما منشغلا بكثافة من القلق الذي صار يسلبه القدرة على التركيز ،فجميع من يعرف إبراهيم يقول عنه : ان موت زوجته صار حادثة تعايشه ما استطاع التحكم في تناسيها ، لكن الضيف يرى أبعد من ذلك، يرى حادثة زمنية تتجدد في عقل إبراهيم فتسبله نفسه ، تشل تفكيره ،وتفقده القدرة على الابصار أحيانا ، وهذا ما كان سبب حادثته
تشجع ثم سال صديقه : إبراهيم هل يزورك احد من اصهارك ؟
خفض إبراهيم رأسه، مسحت عيناه رجليه الممتدتين على السرير، مسدهما قليلا من فوق الإزار ،تنهد ثم قال : من يوم حادثتي لم يزوروني غير مرة واحدة ، لازالوا غاضبين عن حيازتي لادريس بعد موت أمه ، وانت تعرف أنهم كانوا ضد تربية ادريس خارج محيطهم الراقي ،فزهور عندهم ليست الا خادمة لا ترقى الى تربية يرضونها لحفيدهم ، فأم زوجتي أصرت ان يتربى ادريس في بيتها وتبقى زهور معه ، لكن زهور امتنعت و أصرت على السفر عند عمها للبادية اذا ما ذهب ادريس عند جدته ، وكما قالت :احتمل شراسة عمي، ولا أطيق عصبية حماتك وتسلطها، واحتقارها لمن دونها ، في الحقيقة، وامام رفض زهور فتر الإلحاح عن حيازة ادريس ، وظهر أن حماتي كانت تريد زهور لا ادريس .. وأنت طبعا تعرف لماذا ؟ فأين تجد حماتي بنتا مثل زهور في أناقتها ولباقة حديثها وقدرتها على إدارة أي بيت .. صمت قليلا ثم تابع:
ادريس نفسه كان متمسكا بزهور ويرفض ان يعيش مع جدته ، كان يكره أوامرها الكثيرة ،عصبيتها ، ويكره أكثر بيتها الذي يخلو ابدا من عزومات وضيوف . تنهد ومسح وجهه بكلتي يديه كأن غمامة قد غشيت عينيه ثم تابع :
لاشك قد لاحظت أدب إدريس ، نظافته وطريقة تعاملاته معنا ، لا اظن لو بقيت أمه أن يكون بأحسن مما هو عليه الآن ..
كان الضيف يصغي اليه ويفكر في كل كلمة يقولها .. ربما هي اللحظة المواتية التي يشحذ فيها عزم إبراهيم ويشجعه على الزواج من الخادمة ، صمت قليلا وفي لحظة امتدت يد إبراهيم الى علبة دواء قال له: لماذا لا تتزوجها ؟ ماذا تنتظر؟
بهت إبراهيم، امتقع وجهه ، وقال في عصبية ظاهرة وقد سقطت علبة الدواء من يده :
أرجوك لاتكرر مثل هذا الطلب ابدا ..أمر لا يمكن أن يكون..
قطب الضيف حاجبيه استغرابا وقال : لماذا؟ لا هي بنتك ولا أختك.. ولا رضعت من ثدي أمك ...
تململ إبراهيم في مكانه كانه يريد القيام ، بادر الضيف اليه ليساعده ثم رفع صوته بالنداء على الخادمة التي اقبلت راكضة :
ـ الى اين تريد الذهاب ؟ هل تريد الحمام ؟ تمهل!.. مابك ؟ لماذا تهتز هكذا ؟
قال بعصبية زائدة :للخلا ، لقبور ،للجايحة للي تضربني !!....
أحس الضيف أنه أخطأ في التقدير ، وانه ربما قد تدخل فيما لا يعنيه ، لكن هذا لا يمنع ان في الأمر سرا خطيرا ،والا لما كانت ردة فعل صديقه قوية الى هذه الدرجة
اسعفت الخادمة سيدها المريض ،ناولته مسكنا ،هدأ قليلا ثم ابدى رغبة في النوم،
وضع راسه على الوسادة حرك احدى رجليه بتثاقل ، رمت عليه ازارا ابيض ..
ثم نام..
أحست الخادمة أن الضيف مضطرب ويكاد يتفتت شظايا
وضعت يدها على كتفه وقالت : لا عليك لقد نام ،سيفيق وهو اكثر هدوءا ..
لم يجد كلمة يبرر بها الموقف ..احس بضيق في صدره
كان يريد الخروج عله يتنفس هواء يعيد اليه بعض الهدوء
عند الباب وهو يودعها سالته الخادمة : ماذا قلت له حتى غضب وفقد السيطرة على نفسه ؟
أخفى الضيف كل مادار بينه وبين صديقه ، قال لها لا شيء ، ربما آلمته قدمه حين أراد القيام
نظرت اليه الخادمة نظرة ذات معنى وقالت : لا ابدا ..الامر غير هذا .. أرجوك، صارحني ، فحالتك تقول غير ذلك ،
اصر على الانكار وقال : قلت لك لا شيء
قالت : الم تحدثه عن الزواج مني مثلا ؟
بهت وهو يسمع سؤالها ،،ربما هي نفسها كانت تخامرها نفس الأسئلة التي طافت بعقله ،لماذا لا يتزوجها ؟... زفر ثم قال : الحقيقة ما قلت :
قالت : سيدي الكريم!.. إبراهيم لا يستطيع الزواج بي ، ولا انا أريد منه زواجا .. أعرف أنه يتمنى ، ولو طلب فلن أمانع ، ولكن إبراهيم رجل متدين ، لن يغامر بدينه وقيمه ..هوذا مايؤرق ابراهيم ، وتلك معاناته التي تجعلني اسمع نحيبه الليلي فأبكي معه وكل منا في غرفة
أرادالضيف أن يسأل : لكنها وضعت يدها على فمها كأنها تطلب منه الصمت وقالت:
ـ ارجوك لا تقاطعني
ثم تابعت : سابوح لك بالسر لأنك صديق، بل اقرب أصدقاء ابراهيم ،هو يعدك اخا له ، ففي عز أزمته كان يوصيني، ويؤكد، على ان تكون وحدك مرجعي اذا وقع له شيء ....
انا فتحت عيني طفلة صغيرة على إبراهيم يسكن غرفة في سطح بيتنا ، كان من قبيلة والدي يرحمه الله ، آواه وإبراهيم طالب بالثانوي ،كان يعيش معنا كأخ كبير وكثيرا ماكان يشاركنا المائدة ،بعد شهور شرع أبي يتبرم منه ،ويأمر أمي ان تمنعه من الدخول عليه ، كانت أمي تدافع عنه وتفرض رأيها على والدي الذي لم يكن يستطيع حراكا ..كنت كلما قمت ليلا ابحث عن أمي لا أجدها ،كانت دوما في غرفة إبراهيم تنام معه ، لا ادري ان كان والدي يعلم ام لا يعلم ، فقد اقعدته حادثة سير مثل التي وقعت لابراهيم ونجا منها ، لكن كانت كلما خطرت أمي أمامه بكى ،فكأن البنت التي عشقها يوما وأنقدها من براتن التسول قد خانته يوم صارت أمرأة وصار هو عاجزا عن تحقيق رغباتها ، وكان كلما ظهر إبراهيم امامه ادار وجهه الى جدار البيت لا يريد أن يراه ، مرة سمعته يقول لأمي : لو لم أكن اعرف جذوره لقلت عنه لقيطا او ابن زنا ،لكن أفضال أسرته علي هو ما يجعلني ابث شكواي الى الله وأفوض اليه امري ...
ماتت أمي اثر انقلاب حافلة كانت من ضمن ركابها ، ثم تبعها ابي بعد اقل من شهر فكفلني إبراهيم وبقيت معه ..
رغم ما كنت اعرفه عن علاقته بأمي فلم يكن امامي خيار بين السفر الى عمي وهو خريج سجون وبين ابراهيم الذي كان يعاملني كأخت صغيرة، والحق أقول أن ابراهيم لم يحاول يوما ان ينظر الي بغير نظرة الأخت وقد كبر في نفسي حين ترك الدراسة بحثا عن عمل يسد حاجتنا ..فهو لم يتوقف عن صرف ما يلزمني لمتابعة دراستي ،كانت عبارته التي يرددها :انت اختي ، وإياك ان تفكري في غير هذا، وانا مسؤول عنك حتى تحققي ما عجزت عنه انا..
تزوج ولم افارقه ..احتضنتني زوجته اعتقادا منها وكما اوهمها أني بنت أخت له غير شقيقة ، لاعائل لي سواه ، كنت كابنة لهما ، تعلمت الى ان بلغت الباكالوريا ،لكن بعد موت زوجته توقفت عن متابعة الدراسة، فلا أحد كان قادرًا ان يمنح العناية لابراهيم كما سأمنحها له انا .. قاوم في البداية حتى لا انقطع عن دراستي لكن كان يخاف،بل معا كنّا نخاف من الحياة عن ضياع ادريس بلا عناية .. مسحت دمعتين نزلتا على خديها المتوردتين ،وقد زادها البكاء جمالا ، أخذت نفسا طويلا ثم قالت : الشقي شقي من المهد الى اللحد.
مسكها الضيف من كتفيها قال :اتقي الله ،فلا تدري نفس ما تكسبه غدا
ردت :له الحمد والشكر .. هل عرفت الآن لماذا لن يتزوجني إبراهيم ؟
أنا أرثي لحاله واقدر ماهو فيه وما يحسه .. ماضيه يعذبه ،هي ضريبة التهور والطيش والتعدي على حرمات الغير ، ربما كان مجبرا ، ربما أمي من اغرته بجمالها وسحرها الأنثوي هذا قدره ، وقدري أن أعيش له ولابنه وأطلب الغفران من الله للجميع ، إبراهيم انسان ولعل الله أراده أن يكفر عن سيئاته بما وقع له وما يعانيه
وجد الضيف نفسه مع سر أبهظه ،اغرورقت عيناه ، فكت منديل شعرها وقدمته اليه وهي تقول : أنت مؤتمن على ماسمعت ،هو سر في صدرك يجب أن يموت
تفاقم جرح قد م إبراهيم وصار يعاني أكثر مع الأيام وأمام مرض السكري الذي داهمه دون ان ينتبه غشيته غيبوبة طويلة لم يقم منها، وكانت وفاته
الخادمة زهور هي اليوم زوجة الضيف ،هي كأرض خصبة لم تكن له موعودة ولاخطرت له على بال ..
والطفل الصغير صار شابا يافعا يعيش بينهما كابن أنجباه من صلبهما
ومعه توأمان أنثى و ذكر ، يتنازعان عن مجلة لازالت تصدر منذ ثلاثين عاما بنفس الغلاف ونفس الصور وغالبا بنفس المضمون