نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

رجاء عزاوي

الميلاد
فبراير 19
الموقع الالكتروني
https://lunadias.wordpress.com/
الإقامة
المغرب
نموذج من كتاباتك
نظرت إليه وهي تحاول جاهدة أن تفهمه أنها لا تعتب عليه إنما تلفت انتباهه إلى أنه يتفحص هاتفه أكثر مما ينظر لوجهها، هذه تجعيدتها الأولى أزهرت على خدها الثلاثيني و قد أغفل أن يداعبها ،و تلك شعرة بيضاء استلقت كخيط ذهب في شعرها الاجعد، تختبئ خلف ألف شعرة تستعد للسقوط . ينظر إليها في استغراب كأنها فراغ يتجشأ في وجهه ، كان عليها أن تتوقف عن الحديث لكنها لا تفقد الأمل تحاول مجددا أن تفهمه حاجتها لصوته ،و ماهية كونها كائنا كلاميا يتننفس عبق الكلمات .

لحظة غاب في مقعده كانت تخبره أن البومة تبتسم ، “أراها تبتسم و استغرب أنك لم تلحظ تلك الرهافة التي تتجاوز فكرة الشؤم العالقة في مخيلتك”-لكنه لم يلق بالا لما تقوله كان قد غاب في مقعده الخشبي حتى ظنت انه لم يعد هناك-
“أعتقد أني أشبهها وهذا أكثر ما ساعدني على احتمال هذا العدم الذي زرعته حولي، وهذا الصمت الذي لا أتقنه.”

لكنه لم يكن بعيدا تماما ،هو أيضا يشعر بالوحدة ،الكثيرمن الكلام يختنق داخله ، لم يعتد يوما أن يقسم خبز همه مع أحد.كان يكدس استياءه و يكتفي بالمشاهدة . يرتب عواطفه بحذر كما لو أنه يخشى الانغماس في هذا الأمر، يخشى أن يترك لقلبه حرية الكلام فيعود من معركة الحب كسيرا. الآن يحاول أن يجد كلمة ليخفف حدة صوتها و دراما الحديث الذي استأنفته مجددا ،فهو الذي لم يعتد قط عن التعبير بما يخالجه يجد نفسه طيلة الوقت مطالبا أن يبرهن عن صدق عاطفته ،جريمته الوحيدة صمته “ماذا جهزت الغذاء اليوم؟”

نظرت إليه بحدة ، وهو لازال منغمسا في مقعده . وابل من الكلمات المختلطة بفمها ،لم يفهم نصفها تناثرت هكذا أمامه وهو يحاول بهيئته اللامبالية جمعها من فوق رأسه ليتسنى له أن يجيب هذه المرة (الإجابة المناسبة)”ماذا سنأكل ،هذا كل ما استطعت قوله؟ “.يعلم يقينا أنه أخطأ التعبير مرة أخرى،ولا يملك من المفردات ما يعينه على التبرير .

تضع الغذاء على طاولة، يعتدل في جلسته أخيرا. يمسك يدها بلطف ، كل ذلك الغضب بوجهها يذوب فجأة ،ثم تأتي كلمة أحبك من فمه كبلسم ،ويسود الصمت أخيرا .
أعلى