نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

عايشة

عايشة ....
تفرست في وجه الصبي لاكتشاف بعض عناصر الشبه بينه وبين أحد زبناء المتعة الذين كانوا يرتادون منزلها الصغير . بكاء الصغير لم يترك لها فرصة تركيب أوجه الشبه .. فالكل يمتلكون نفس التعابير في الحزن والفرح . أرهقها شراء حليب الصيدليات بعد أن تأكدت من فقر ثدييها من الحليب الطبيعي ..ما كان يحز في نفسها نفور الصبي من امتصاص حلمتيها مما يشعرها بتاكل الحنا ن ورابطة الامومة وتعبير ضمني على احتجاج عميق من الصغير على المصير المجهول .. إحساس بالذنب سيرافقها طيلة حياتها ..غدا سيحمل الصبي آلاف الأسئلة الثاوية في لا وعيه ، وتنغص عليه حياته مع كل نبضة من نبضات قلبه ..عليها أن تجيب على نظرات الناس في مجتمع غير متسامح ؛ وأن تقنع الطفل بأنه كسائر الناس.. وببلوغه مرحلة التمييز
وصل اليوم الذي كانت تخشاه .. كانت نظرات طفل في مراحل مراهقته الأولى حادة ولسانه يلح للحصول على جواب مقنع :- يقولون عني ولد الحرام ..ما معنى ذلك ..؟ ..آه..كم هي " إنسانية " كلمة لقيط على القلب ..مجتمع قاسي لا يتورع من إلصاق الذنب والمسؤولية بالكل ، بما فيه الطفل البريء ..في المدرسة يكتوي بمنظر آباء و اولياء التلاميذ..لمن سيقول بابا ؟ وكيف سيرد على مناداته من طرف بعض " المدرسين " بولد عايشة ..! ..قد يكون أحدهم أبوه..من يدري ..؟ ..الحياة ماكرة وسبحة مفاجئات غير منتظر.ة.....رغم تركها العمل في " الحانة"بعد..سنوات من مجاملة السكارى والمتحرشين ، وانتقالها للعمل في " مرجان " بقيت سيرتها الأولى هي " هويتها " عند كل معارفها القدماء ؛ وحتى المسؤولين عن حالتها ...
كلما تذكرت والدها الذي تركته يذبل في البادية رفقة أمها ..بكتهما بحرقة ..ماذا ستفعل ..؟ ..الكل لفظها كعاهة مزمنة أو خوفا من عدوى مرض خطير... ر
وللهروب من الأسئلة الموجعة والتحديات الهائلة سجلت ابنها بعد " ماراطون " لاستخراج الحالة المدنية في إحدى الداخليات تحت اسم " وحيد " ..وكلما سألها بعض المعارف الذين تقلص عددهم بشكل كبير ..كيف حالك يا عايشة ؟ ..أجابت بلازمة حزينة ذات دلالة :- عايشة

طنجة : 2012
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى