نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

الرصيف

الرصيف ...
مد قدميه على بلاطات الرصيف الباردة .سحب دثارا خلقا ليلقيه عل نصفه العلوي ، تاركا قدميه معرضتين للبلل بقطرات المطر التي تسللت من ثقوب في صفيح الزنك الذي يظلل مدخل حانوت العطارة ..لم يهتم بكلب متشرد يشم جوربيه الممزقين عند الكعبين ويلعق الجزء المكشوف من القدمين ..غطيط متقطع يصدر من تحت الدثار يتخلله صفير وهمهة قصيرة يتلوها سعال جاف ..لا يغير جسمه من الجنب الأيمن إلى الأيسر او العكس كأهل الكهف ..ربما استولى عليه رقاد عميق في بيات شتوي لن يتجاوز ليله ليطرده صاحب المحل في الصباح ..هل يحلم !؟ ..بماذا سيحلم ؟ ..بذكريات يقتصها من ماض جميل أو طفولة عابرة ، أم بكوابيس الحاضر البئيس ؛ وأشباح تتكالب عليه لافتراس ما تبقى لديه من كرامة ..وجوه كالمسخ تحاصره وتشده إلى الأرض للمزيد من الإذلال وقتل أي رغبة في الانعتاق ..كان يسمع عن " بوغطاط" الذي ينيخ ويجثم على صدر ضحيته لبعض الوقت ثم يتركه متعرقا سريع النبضات ..أما
أحلامه اليوم فقد تحالفت مع بوغطاط لتجعل نومه حصصا من التنكيل والرعب ...
أكثر ما كان يزعجه ويرفع عنه الدثار لاستقصاء الأمر : صوت بوق سيارة لثمل لم يعجبه صمت ما بعد منتصف الليل ، أو متشردو السيلسيون والقرقوبي الذين يجدون متعة للعبث مع هذا الجسد المسجى كشهيد بلا مجد ...
فقد القدرة على السؤال بل واستغنى عن التساؤل ومزق لائحة الأجوبة المعطلة في دماغه ..حتى جسمه المسحوب كالشاة المسلوخة على الرصيف م
من طرف العطار لابعاده عن مدخل حانوته يعتبره جسد شخص آخر انته٧ى زمنه وأصبح
فائضا عن حاجة المجتمع ....
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى