حسن الولهازي
كاتب
قراءة في رواية "بان الصبح" لعبد الحميد بن هدّوقة
1.تعريف الكاتب
كاتب جزائري (1925/1996) درس بالجزائر وتونس شغل مدير الإذاعة والتلفزة الجزائرية. يتقن العربية والفرنسية والأمازيغية. من روايته: ريح الجنوب، نهاية الأمس، بان الصبح، غدا يوم جديد.
2.تقديم الكتاب
النسخة المعتمدة في هذه القراءة هي من نشر دار سيراس بتونس في نوفمبر 2006. وهي النسخة عدد47 من سلسلة "المكتبة المفتوحة". هي قصّة من الحجم الصغير 18صم/13صم. عدد صفحاتها 308 باعتبار ملحق المطالعة المسيّرة المصاحب لها، وهو ملحق من إعداد محمّد الغزّي وصلاح الدين بوجاه.
3.موضوع الرواية
تطرح رواية "بان الصبح" محوريْن هما:
1.الصراع بين الأجيال. يتجلّى ذلك من خلال انعدام التجانس في طرق التفكير بين شخصيات القصّة وخاصّة بين أفراد أسرة الشيخ علاوة. التناقض البارز يظهر بين الشيخ علاوة وابنته دليلة. الشيخ علاوة يمثّل الجيل الذي يتميّز بعقلية تقليدية وثقافة سلفية بينما ابنته دليلة تمثّل الجيل الجامعي المولود في عهد الاستقلال المؤمن بالحرّية إلى أبعد الحدود والذي عادت ما يذهب ضحية لهذا الإيمان. ينتصر الكاتب للجيل الجديد لأنّه يجعل صورة الشيخ علاوة تهتزّ في عين أبنائه، فيفقد تلك الزعامة التاريخية.
2. وضعية المرأة. تمثّل دليلة المرأة العصرية على النمط الأوروبّي. تريد أن تتحرّر من سلطة العائلة والتقاليد والمجتمع والدين وتكتسب حرّيتها. تريد أن تكون مساوية للرجل في الحقوق والواجبات.
4.الفضاء القصصي
البيئة التي اختارها الكاتب لروايته هي المدينة. هناك حديث عن الجامعة والشوارع والأنهج والساحات والحمّامات والبيوت العتيقة. كما نجد مقارنة بين المعمار القديم والحديث. في هذا الإطار الزماني تحدّث الكاتب عمّا هو سلبي مثل مشكل المواصلات والسرقة في الحافلات، والخصومات في الأماكن العمومية وعبث الأطفال في الشوارع، وانعدام الذوق في البنايات...
في الرواية هناك أزمنة متنافرة. هناك من مازال يقيم في عصور سالفة (علاوة)وهناك من هو مواكب للعصر (عمر، مراد...) وهناك من قفز على عصره (دليلة، رضا...)
5. أهمّ شخصيات القصّة
الشيخ علاوة بن خليل: رجل عمره 65 سنة. شخص متمسّك بالأصالة والدين ويكره الإشتراكية. ويعتبرها المسؤولة عن فساد أخلاق سكّان المدينة.
العجوز كلثوم: زوجة الشيخ علاوة
عمر: الابن البكر لعلاوة. مدير لأحد البنوك. له 4 أبناء.
مراد: ابن علاوة، وهو طبيب جرّاح.
زبيدة: البنت الكبرى لعلاوة. فتاة عانس عمرها 38سنة.
اليامنة: ابنة علاوة متزوّجة.
رضا: ابن علاوة عمره 28 سنة أعزب. طالب متحصّل على ليسانس آداب. له ميول يسارية.
دليلة: تدرس الحقوق عمرها 22 سنة فتاة ثائرة على العادات والتقاليد والدين. تدخّن وتشرب الخمر.
هالة: ابنة علاوة عمرها 16 سنة
منى: كنّة علاوة زوجة عمر.
نعيمة: ابنة صالح أخ علاوة. عمرها 20 سنة . مقيمة عند عمّها علاوة.
عبد الكبير بن عبد الجليل: صديق علاوة
نصيرة: صديقة دليلة. طالبة في كلية الآداب
كريمو بن عبد الكبير: عشيق دليلة
6.تلخيص القصّة
ف1. قامت دليلة في الصباح وذهبت إلى كلية الحقوق في الطريق ركبت مع رئيس مصلحة إدارية بإحدى الشركات الذي قرّبها من الكلّية.
ف2. الشيخ علاوة يحضر اجتماعا حزبيا ويخرج غاضبا. في محطّة الحافلات يتشاجر مع بعض المسافرين. وفي الحافلة يشاهد مشاهد مخلّة بالآداب. لمّا وصل إلى منزله أخذ يتجسّس على بعض أفراد عائلته من خلال رسائل وصلتهم. ويكتشف من رسالة موجّهة إلى نعيمة ابنة أخيه من عشيقها يعلمها فيها بضرورة القيام بالإجهاض. (في الأصل الرسالة موجّهة لدليلة).
ف3. العجوز كلثوم وابنتها زبيدة وابنة سلفها نعيمة يذهبن إلى الحمّام. في الحمّام تتحاور زبيدة ونعيمة على الزواج. طلبت الأم كلثوم من إمرأة مسنّة أن تبحث عن عريس لإبنتها زبيدة.
ف4. دليلة تتقابل مع كريمو عشيقها في شقّته للحديث في موضوع حملها، وهناك يتخصمان. فتخرج دليلة غاضبة وتقرّر قطع العلاقة بينهما.
ف5. دليلة تلتقي بنصيرة صديقتها. تضايقت نصيرة من سلوك دليلة لأنّها كانت مخمورة. نصيرة تحدّث دليلة عن ذهابها إلى غرفة كريمو. بالصدفة دليلة تشاهد عمر أخاها في سيّارته مع امرأة غريبة. تقوم دليلة بجولة مع نصيرة في السيّارة وتعود إلى بيتها لتسأل عن الرّسالة التي بعثها إليها كريمو، وتعلم أمّها بأنّها ستنام في بيت نصيرة.
ف6. رضا وابنة عمّه نعيمة يحضران اجتماعا سياسيا حول "الميثاق الوطني" وموضوعه، اللغة الوطنية للجزائر.
ف7. الحياة داخل فيلا الشيخ علاوة. نقاش حول الحضور لعرس ابنة عبد الكبير صديق علاوة. في السهرة شعرت نعيمة أن عمر يلاحقها بنظراته.
ف8. حوار بين نصيرة ودليلة في بيت نصيرة حول مواضيع مختلفة من بينها حرّية المرأة والجنس والثورة واليمين واليسار...
ف9. علاوة يحضر حفلا موسيقيا في منزل صديقه عبد الكبير بمناسبة زواج ابنته دنيا.
ف10. حوار في منزل علاوة حول ما حصل في الحفل الذي حضره الشيخ. تناول الحوار رغبة أفراد الأسرة في تزويج الطبيب مراد من وهيبة بنت عبد الكبير.
ف11. الأم كلثوم وابنتها زبيدة تذهبان للعرس. عمر يتحرّش بنعيمة وتتفطّن له زوجته منى التي ظنّت أنّهما يتعاشقان. يقف الشيخ علاوة إلى جانب ابنه ويتّهم نعيمة ابنة أخيه بالفجور ويطلب من أخيه "صالح" المجيء. دليلة ورضا يقفان إلى جانب نعيمة ويخفّفان عنها.
ف12. في حفل الزواج يحصل تقارب بين الطبيب مراد ووهيبة بنت عبد الكبير. الأم كلثوم عثرت على عريس لابنتها زبيدة. بعد العودة من العرس يحصل خصام وصياح في العائلة بسبب تحرّش عمر بنعيمة. بعد ذلك يقرّر رضا ودليلة وهالة السهر مع نعيمة للتخفيف عليها بعد شتم زوجة عمّها لها. أثناء السهرة يقع نقد سلوك الأب علاوة. تتفطّن الأم كلثوم لهذا الاجتماع وتفسد عليهم السهرة وتتّهم دليلة بالاعتداء عليها. نعيمة تحلم بأن أباها يقتلها. جاء الأب صالح وأخذ ابنته نعيمة وقد وقع إعلامه بما اعتقدوا أن نعيمة فعلته.
ف13. سافرت نعيمة مع أبيها. اكتشفت دليلة أن المنزل الذي اكترته مهدّد بالانهيار وهناك أمرٌ بغلقه. دليلة فكّرت في الانتحار. أثناء التفكير يطلّ عليها الشخص الذي أوصلها إلى الكلية سابقا ويحملها إلى مطعم ويقترح عليها السكن مع أخت صديقه.
ف14. صالح يعرض ابنته نعيمة على الطبيب ليكتشف أنّها عذراء. ويذهب إلى منزل أخيه ويوبّخهم على كذبهم على ابنته. دليلة تغادر منزل أبيها وتذهب لتقيم مع صديقتها نصيرة.
7.نصوص حول وصف المدينة
1)"كانت أنهج المدينة كالأمعاء المصابة بالحصر. وكانت الحافلة التي يستقلّها الشيخ علاوة ومن يتوجّه وجهته قد توقّفت بأحد الشوارع في وسط الطريق، وأنزل منها ركّابها لخلل طرأ عليها... ولو وجد الشيخ علاوة سيارة أجرة لاكتراها، ولكن أين هي؟ عشرات ينتظرون في موقف سيّارات الأجرة."(ص22)
2)"الحافلة تمخض النّاس مخضا، لا تشفق على كبير ولا ترفق بعاجز. الأقدام تدوس الأقدام، والأجسام تضغط على الأجسام. الركّاب يترنّحون كالسكارى. الحر ّ أفسح المجال للآباط أن تنفث ما عطن فيها من عرق وأوساخ. الرئات تتنفّس البنزين وأدخنة الزيوت المحترقة في مشقّة" (ص23)
3)"لقد بنيت أسوار عالية في معظم الفيلات لتحول بين النهج والنوافذ المطلّة عليه مبالغة في الاحتجاب فصارت الفيلات أحواشا، ضاعف من قبحها" (ص107)
4)"كان النهج قد تجاوز الحياة العادية إلى درجة التلوّث بالضجيج، شأن أغلب أنهج العاصمة وأحيائها" (ص108)
8.سلبيات المدينة
1.انتفاء الرّوابط الأخوية بين سكّان المدينة: الفرد في المدينة يشعر بالغربة، بانعدام الإطمئنان...
2.كثرة الجرائم: السرقة، النشل، العنف، الخداع، والكذب...
3.التحرّش الجنسي: في وسائل النقل، في الحدائق العمومية، في الشارع...
4.الاكتظاظ: الاكتظاظ في الأماكن العمومية يولّد الضجر والقلق والشجار.
5.الضغط النفسي: كثرة الواجبات، وضرورة احترام المواعيد يجعل الفرد في توتّر دائم.