المصطفى سالمي
كاتب
انطلق السيد (الراضي) نحو المؤسسة الإعدادية في صبيحة يوم صيفي هادئ جميل لتوقيع محاضر الخروج بعد عام دراسي طويل مرهق، كانت جدران المؤسسة وادعة ساكنة وقد ارتاحت من شقاوة التلاميذ وصخبهم البريء، اقترب (الراضي) من قاعة الأساتذة لعله يجد زملاءه هناك مجتمعين، لمح من وراء الزجاج طفلين يلعبان ويقفزان، توقع أن يكون معهما أحد أولياء أمور التلاميذ، توجه مباشرة نحو مكتب المدير، وجد زميلين يوقعان قبله، انتظر حتى وقعا ثم تسلم محضر الخروج، فجأة أطل وجه مكشر لمدرسة من المؤسسة، كانت في قمة الغضب وقالت للسيد المدير:
ـ أتسمح لهم أن يوقعوا قبلي وتتركني مع أولادي أنتظر.
رد السيد المدير بأدب:
ـ لا بأس فلم يقع تأخر يذكر.
تسلمت المُدرّسة المحضر وخرجت لتوقيعه، عيناها زائغتان جاحظتان، منظرها يخيف الكبار قبل الصغار، تساءل السيد (الراضي) مع نفسه: (هذه يخيفون بها المواليد الصغار فيرتعبون وينامون قبل الأوان، ويندسون في الفراش وربما يتبولون على السرير ليلا، فكيف تكون هذه كائنا معطاء للتربية والحب ودفء المعرفة في الفصول الدراسية؟!).
عادت المُدرسة بعد ثوان لترمي محضر الخروج على الطاولة المستديرة أمام مكتب المدير بعجرفة ثم تنصرف بصلف فج، أحس السيد المدير بحرج كبير، فهذه المُدرسة قضت موسما دراسيا مع وقف التنفيذ كما يقولون، كانت موظفا شبحا بحكم كواليس خفية تحت شعار الفائض المدرسي مستندة لسلطة زوجها المدير في مؤسسة أخرى. ولها سوابق أخرى مع مُدرّسة بالمؤسسة في بداية سنة دراسية سابقة حين انتفضت في وجهها بزعم إساءة الاستقبال حين طلبت منها اقتسام الجدول الزمني للحصص، وكأنما أصبح العمل واقتسام الواجب عقوبة وسوء معاملة و انعدام أدب، وأنه ينبغي اقتسام الكعك والحلوى بدل جداول الحصص، وقتئذ قال أحد الظرفاء بدعابة: (النسوة الموظفات حين تحدثهن عن الواجب يقلن لك كفانا واجب تربية أبنائنا في البيت وليذهب أبناء الآخرين للجحيم، إنهن يردن الأجرة فقط من وراء الوظيفة)
اكتفى السيد المدير بمهاتفة زوج المُدرسة الشمطاء لعل في ذلك عزاء وسلوى عن سلوك مشين من مُدرسة مربية فاقدة للتربية.
استنشق السيد (الراضي) في الخارج هواء نقيا ملء رئتيه، أحس الآن أن شقاوة التلاميذ الصغار وشغبهم الجميل موسيقى عذبة مقارنة بوجه البومة الكالح الجلف الذي رمى المحضر منذ قليل، والذي يمثل سوسا ينخر في قطاع تعليمي لا يحتمل مزيدا من السوس والدود والبذاءات والتعفن.
ـ أتسمح لهم أن يوقعوا قبلي وتتركني مع أولادي أنتظر.
رد السيد المدير بأدب:
ـ لا بأس فلم يقع تأخر يذكر.
تسلمت المُدرّسة المحضر وخرجت لتوقيعه، عيناها زائغتان جاحظتان، منظرها يخيف الكبار قبل الصغار، تساءل السيد (الراضي) مع نفسه: (هذه يخيفون بها المواليد الصغار فيرتعبون وينامون قبل الأوان، ويندسون في الفراش وربما يتبولون على السرير ليلا، فكيف تكون هذه كائنا معطاء للتربية والحب ودفء المعرفة في الفصول الدراسية؟!).
عادت المُدرسة بعد ثوان لترمي محضر الخروج على الطاولة المستديرة أمام مكتب المدير بعجرفة ثم تنصرف بصلف فج، أحس السيد المدير بحرج كبير، فهذه المُدرسة قضت موسما دراسيا مع وقف التنفيذ كما يقولون، كانت موظفا شبحا بحكم كواليس خفية تحت شعار الفائض المدرسي مستندة لسلطة زوجها المدير في مؤسسة أخرى. ولها سوابق أخرى مع مُدرّسة بالمؤسسة في بداية سنة دراسية سابقة حين انتفضت في وجهها بزعم إساءة الاستقبال حين طلبت منها اقتسام الجدول الزمني للحصص، وكأنما أصبح العمل واقتسام الواجب عقوبة وسوء معاملة و انعدام أدب، وأنه ينبغي اقتسام الكعك والحلوى بدل جداول الحصص، وقتئذ قال أحد الظرفاء بدعابة: (النسوة الموظفات حين تحدثهن عن الواجب يقلن لك كفانا واجب تربية أبنائنا في البيت وليذهب أبناء الآخرين للجحيم، إنهن يردن الأجرة فقط من وراء الوظيفة)
اكتفى السيد المدير بمهاتفة زوج المُدرسة الشمطاء لعل في ذلك عزاء وسلوى عن سلوك مشين من مُدرسة مربية فاقدة للتربية.
استنشق السيد (الراضي) في الخارج هواء نقيا ملء رئتيه، أحس الآن أن شقاوة التلاميذ الصغار وشغبهم الجميل موسيقى عذبة مقارنة بوجه البومة الكالح الجلف الذي رمى المحضر منذ قليل، والذي يمثل سوسا ينخر في قطاع تعليمي لا يحتمل مزيدا من السوس والدود والبذاءات والتعفن.