نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

الدخول المدرسي الجديد: الآفاق والتطلعات

إنه دخول مدرسي جديد ذلك الذي يستقبله التلاميذ والطلبة في ظل استمرار ظلال الجائحة التي ما تنفك حديث الإعلام والناس أجمعين، ولعل المقبلين على السنوات الإشهادية هذا العام هم الفئات الأكثر تضررا مما مضى وما هو مرتقب، فالموسم الدراسي قبل الماضي شهد توقفا في منتصف شهر مارس عند ظهور أولى حالات (كوفيد 19) ببلادنا والتي كانت في الثاني من هذا الشهر، بينما أغلقت المؤسسات الدراسية أبوابها في الثالث عشر منه، وهو ما يعني إهدار شهرين ونصف من هذا العام الدراسي مع عدم اجتياز امتحانات آخر السنة والاكتفاء بنقط الدورة الأولى باستثناء تلاميذ الباكالوريا الذين امتُحنوا في الدروس الحضورية فقط.

أما الموسم الماضي فكان التعليم بالتناوب وذلك باعتماد التفويج إذ لا يتجاوز عدد تلاميذ كل فوج العشرين عنصرا تقريبا في كل فصل دراسي، وتقلص تبعا لذلك عدد الساعات التي يتم تدريسها، فتقلصت مثلا في السلك الإعدادي ساعات اللغتين العربية والفرنسية من أربع ساعات أسبوعيا لكل مادة إلى ساعتين فقط، والرياضيات من خمس ساعات إلى ساعتين... وحذفت من المقرر محاور وحصص كاملة ونتج عن هذا التفويج ضياع وإهدار دروس ومهارات بأكملها لم يتم تعويضها وإن كانت خارج نطاق التقييم والامتحانات في الموسم الدراسي المنصرم، لكن تأثير غيابها سيمتد ربما إلى مراحل وأسلاك تعليمية أخرى قادمة وقد تظهر نتائجها في السلك الجامعي والتعليم العالي ما لم يكن تكوين ذاتي من التلاميذ والطلبة لتدارك النقص والخلل الذي ساهمت فيه أيضا ضعف البنية التحتية ونقص الأطر التربوية لأن المطلوب كان دائما أن يتدارك المتعلمون هذا الاختلال في بيوتهم خاصة في ظل استعمال الزمن المخفف بالنسبة للتلميذ في الموسم الماضي.

بينما هذا الموسم الدراسي تشير وقائعه ومستجداته إلى اعتماد التعليم الحضوري دون تفويج، أي العودة لما قبل 13 مارس 2020 حيث سيختلط الذكور بالإناث بعد أن كان الفوج يقتصر غالبا على الإناث أو على الذكور (لأن اللوائح تكتب فيها أسماء الإناث أولا ثم يليها أسماء الذكور) في مشهد يحيل إلى سنوات خلت ـ قبل الاختلاط ـ سنوات السبعينات والثمانينات، فكنا في الموسم السابق نشهد أثناء عزف النشيد الوطني بالمؤسسات التعليمية حضور الإناث وحدهن أو حضور الذكور فقط قبل أن يتم دمج الأفواج في المؤسسة لا خلط الجنسين في الفصل الواحد، ولعل الواجب إجراء بحوث تربوية على التأثيرات النفسية لتمييز الجنسين وآثارها الجانبية في هذه الفترات وتبعاتها الآنية والمستقبلية. لكن سؤالا آخر يتوجب طرحه:

ـ هل العودة للوضع السابق ستعني حتما عودة مسار الدراسة إلى سكته المعتادة ورفع الضرر الذي وقع للمتعلمين في الموسمين الأخيرين؟ وهل سيبقى التقييم والامتحان خاضعا للمستجدات في نظام الامتحانات الإشهادية قبل ظهور الوباء؟ وكيف يمكن تعويض التلاميذ المتضررين خاصة في التعليم العمومي (لأن التعليم الخصوصي له آلياته التي تفرد بها في الجائحة)؟ وكيف للمدرس الذي قضى موسما كاملا يدرس فوجا أن يعود لقسم مكتمل العدد ويمارس دور الرقيب الصحي في ظل استمرار الوباء حسب المعطيات الرسمية على الأقل؟

إذن هي أسئلة عديدة وليس سؤال واحد تجعلنا نحاول استشراف الآفاق والتطلعات في انتظار تبيُّن الطريق وسط ضبابية الدخول المدرسي الجديد وعوائقه العديدة ما لم يستجد جديد في المشهد ككل.
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى