نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

بوح مدينة

بوح مدينة
تهت كدرويش تقطعت به السبل في مدينة كانت يوما مدينتي . خطواتي المتثاقلة تتلمس بقايا وشم لهويتي . أتعثر على أرصفة متهاوية عبثت بها أيادي جبانة أضاعت فرحتي وعمقت من غربتي..مقاهي جحظت بكراسيها لتقضم من الطريق وتضيف إلى ملكياتها بعض علامات التشوير.. أسير و ألتفت محدقا في كل اتجاه كمن يبحث عن عنوان ضاع منه في زحمة الحياة . د
أمد يدي أتحسس الفراغ لأتلمس موقع شجرة كتبت اسمي واسم حبيبتي على ساقها العريض ..نقشنا اسمينا وأشهدنا شجرة العشق على حبنا ..أكرهت مخيلتي على إعادة تركيب فضاء طفولتي وشبابي ؛ وتمنيت انفصاما في شخصيتي يعيدني إلى غصني وعشي في الشجرة ..هنا ولدت أحلامي وشغب طفولتي قبل أن ..
. أن يئدها العبث ..تجاوزت
عن مد البحر وجزره عندما كان يمسح آثار عشقي على الرمال المبللة ، وكنت أقسم له بأن حبيبتي واعدتني أن نعيد رسم خطواتنا كلما قدم الصيف مع اللقالق المنهكة في سماء لوثتها الأدخنة ..أسراب تائهة وضائعة
في فوق سقوف المدينة المهربة. ..ولكن من تجرأ على قطع دابر شجرة نبتت على أطراف أفنانها ذكرياتنا كثمار يانعة تختصر
كل الفصول؟ ، وشهدت أشجار كل الطرقات التي سلكناها على انتمائنا لمدينة كانت يوما مدينتنا ؛ لن أذوي كريحانة في الهجير ..سأظل أبحث في عيون الناس عن أحياء كانت مرتعي ؛ و أبحث عن ظلال حضنتني لعقود من الزمن ..و سأدعو كل الطيور التي كانت تروح عند الغسق لتبيت في ضيافة مدينتي ؛ ثم تبكر لتعيد تفاصيل حكايات لا تنتهي ..وجوه اختفت وأخرى ذبلت ونهر أشاح بوجهه عن شط مدينة هجره الشابل والصيادون وبدأ يحتضر ؛ لكنه أصر على ألا يلفظ أنفاسه ......ا
عدت أدراجي وقد مر ت ساعات من الزمن .. لم أدر أين كنت ..ولم أعد الحفر التي كنت أنط فوقها ككنغر هجر قسرا من وطنه الأصلي ..كل ما أذكره أني عدت سعيدا من الماضي أعانق ذكرياتي وأحاول
أن أتسلق الشجرة التي شهدت أول حب في
حياتي ، و أحضن جذورها ؛ ثم أ رسم على تربة مدينتي تفاصيل حياتي من جديد ..
2018 . ......
 

محمد فري

المدير العام
طاقم الإدارة
السي حسن فيرداوس، صديق مهووس بالكتابة، وهذا لايعني أن كتابته هوس، بل انطباع وإحساس ينقله بعفوية ويصوغه بأسلوب ممتع يشدك إلى آخر سطر.
شدته الكتابة منذ السبعيينات، وكتب نصوصا قصصية كثيرة، ونشر الكثير منها في بعض الجرائد، لكنه لم يوثقها في مطبوع، أو مجموعة قصصية محددة ,, ربما لايهمه التوثيق بقدر ما يهمه أن يكتب، الكتابة لديه توازي حديثه أو حواره معك، لم أكن قادرا على متابعة كتاباته سابقا، لقلة نشرها في جرائد معينة، لكن بفضل النت والفيسبوك الذي دفعناه إليه دفعا، انفتحت أمامي نوافذ أطل منها عليه وعلى ما ينشره، وكنت أتابع ذلك مترقبا باستمرار ما سيخطه في الغد أو بعد الغد ..
النص أمامنا لا يشدك بحكايته، فالحكاية هنا ليست مهمة، لأنه يصور لقطة من الحياة، في مكان ارتبط به ارتباطا وثيقا، مكان نشترك فيه جميعا، فكأننا كتبناه كلنا، لأنه بأسلوبه التلقائي يحملنا معه، ويسافر بنا عبر الزمن، الزمن القريب طبعا، لأنه زمن الحياة التي عشناها وتقاسمنا فيها ذكرياتنا ..
قيمة النص هنا إذن، تكمن في صياغته لا في متنه بالدرجة الأولى، فالمتن لنا جميعا، لكن الصياغة له وحده، وهي التي تجرنا أكثر من المتن، ولو جردنا هذا الأخير من صياغته لبدا مبتذلا عاديا لا نكهة فيه، لأنه متاح للجميع، لكل من يمر بدروب المكان، وقد لا يلفت نظر أحد ولا اهتمامه .. لكن الصياغة هنا كانت بمثابة البذلة الجميلة والأنيقة التي جرت الأعين، وشدت الذهن .. فقلنا لصاحبها، دعنا نتجول معك .. وتجولنا ... وتخيلنا أننا نلبس جميعا البذلة نفسها
تحياتي السي حسن
ومرحبا بك في مطر
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى