المصطفى سالمي
كاتب
كانوا كديدان الأرض ، مهمتهم اختيار العناصر الفنية التي ستشكل أطر التدريس بمعهد الفنون الجميلة المزمع افتتاحه بمدينة (العجيلات)، دخلوا بحقائبهم السميكة العريضة يختالون كأنهم سيفصلون بين العباد هذا سعيد وذاك شقي، تركوا المترشحين ينتظرون بالخارج في جو بارد شتوي يكاد يشل أطرافهم، أغلبهم شباب ينتظرون تفجير طاقاتهم التي راكموها من قراءات ومهارات ذاتية في بلد أطرافه مترامية وخيراته الطبيعية تصل لأقاصي الدنيا، أجريت القرعة لتحديد أرقام دخول المترشحين للمقابلة الشفوية، فجأة جاءت ورقة تعيد الترتيب بناء على معايير أخرى، ومع ذلك لم يبد أحد اعتراضا.
كانت اللقاءات تتم في مكان معزول لا يسمع منه لا همس ولا بنت شفة، وحدهم الخارجون الأوائل كانوا يتداولون أسئلة غريبة، أحدهم طُلب منه أن يغني مقطعا لفنانة مصرية محدثا موسيقى بيديه، وآخر طلب منه تمثيل مقطع مسرحي على إيقاع الصفير الحزين، وثالث طلب منه أداء وصلة إشهارية مؤثرة، بعض المجدين انزعجوا من الأسئلة البليدة التي لا تمت بصلة لعمق الفن ومدارسه، (سعيد) طالب مميز درس المسرح وتخصص فيه أثناء المرحلة الجامعية، وحين كان بصدد بسط تجربته تم إيقافه عن الاسترسال في شرح مشروعه المسرحي، خرج صاحبنا غير مصدق لنفسه، إنهم لا يولون أي اهتمام للمواهب وكأنهم زمرة موظفين من القطاع الزراعي لا يفقهون في الفن وأصنافه وأهدافه.
وحدها الطالبة (مهجة الروح) كانت تقفز من الفرح عند خروجها، لقد طلبوا منها تمثيل مشهد ميمي مصحوب بالرقص والضرب على الدف، وهو ما أطرب رئيس لجنة التحكيم، والذي زعم أن المترشحة أدت المطلوب بتفوق كبير، فضلا على أن اسمها مهجة الروح ووجهها مثل شمس الصبوح.
انكمش باقي المترشحين على أنفسهم، فحين يظهر السبب يبطل العجب في بلدة العجيلات، فالإنسان يعاني هنا حتى في رزقه الذي يسعى للتضييق عليه نوع آخر من الديدان فما بالك بالفن والأدب الذي يراد له أن يكون على مقاس السوق والعرض والطلب.
خرج ديدان الأرض بعد أن ملأوا بطونهم العريضة بأطباق شهية من الشاي والحلوى في انتظار وجبة الغداء وهم يعرضون بوجوههم عن الخلق، تزهو أنفسهم بنصر شامخ بعد أن أدوا المطلوب وأشروا على من اختير حتى قبل انطلاق المسابقة الشكلية، ففي بلدة العجيلات تتم خنشلة كل شيء من خشخاش الأرض إلى المناصب، وفي مركز البلدة كانت أم (مهجة الروح) تصيح في ابنتها الكبرى: زغردي يا انشراح..!!
كانت اللقاءات تتم في مكان معزول لا يسمع منه لا همس ولا بنت شفة، وحدهم الخارجون الأوائل كانوا يتداولون أسئلة غريبة، أحدهم طُلب منه أن يغني مقطعا لفنانة مصرية محدثا موسيقى بيديه، وآخر طلب منه تمثيل مقطع مسرحي على إيقاع الصفير الحزين، وثالث طلب منه أداء وصلة إشهارية مؤثرة، بعض المجدين انزعجوا من الأسئلة البليدة التي لا تمت بصلة لعمق الفن ومدارسه، (سعيد) طالب مميز درس المسرح وتخصص فيه أثناء المرحلة الجامعية، وحين كان بصدد بسط تجربته تم إيقافه عن الاسترسال في شرح مشروعه المسرحي، خرج صاحبنا غير مصدق لنفسه، إنهم لا يولون أي اهتمام للمواهب وكأنهم زمرة موظفين من القطاع الزراعي لا يفقهون في الفن وأصنافه وأهدافه.
وحدها الطالبة (مهجة الروح) كانت تقفز من الفرح عند خروجها، لقد طلبوا منها تمثيل مشهد ميمي مصحوب بالرقص والضرب على الدف، وهو ما أطرب رئيس لجنة التحكيم، والذي زعم أن المترشحة أدت المطلوب بتفوق كبير، فضلا على أن اسمها مهجة الروح ووجهها مثل شمس الصبوح.
انكمش باقي المترشحين على أنفسهم، فحين يظهر السبب يبطل العجب في بلدة العجيلات، فالإنسان يعاني هنا حتى في رزقه الذي يسعى للتضييق عليه نوع آخر من الديدان فما بالك بالفن والأدب الذي يراد له أن يكون على مقاس السوق والعرض والطلب.
خرج ديدان الأرض بعد أن ملأوا بطونهم العريضة بأطباق شهية من الشاي والحلوى في انتظار وجبة الغداء وهم يعرضون بوجوههم عن الخلق، تزهو أنفسهم بنصر شامخ بعد أن أدوا المطلوب وأشروا على من اختير حتى قبل انطلاق المسابقة الشكلية، ففي بلدة العجيلات تتم خنشلة كل شيء من خشخاش الأرض إلى المناصب، وفي مركز البلدة كانت أم (مهجة الروح) تصيح في ابنتها الكبرى: زغردي يا انشراح..!!