عبد الإله فؤاد
كاتب
تح.ش.. القصة التي لا تنتهي.
رفقة الممرض با إدريس، دخل الأب إلى مكتبي. لم يكن في لباسه ولا مظهره ما يثير الانتباه، جلباب مغربي أبيض بخطوط رمادية و"بلغة" صفراء. شعره ضعيف، لكن مرتب بعناية.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل آسيدي، اجلس.
مشيرا إلى الباب المفتوح، قال با إدريس:
- سأنتظر في الخارج، مع إبن السي عبد السلام.
أشرت موافقا برأسي، والتفتت للرجل السيتيني الجالس أمامي:
-مرحبا السي عبد السلام، كيف حالك وحال الأسرة والعائلة؟
- الحمد لله، دكتور، أنا والأسرة والعائلة بخير، المشكلة غير مع هاد المسخوط (مشيرا بيده إلى الخارج).
- ياك لاباس آسيدي؟
- راه كيتحشش حتى يشبع، ويبدأ يخلق لي في المشاكل في الدار.
على الورقة سجلت عبارة : تحشش..
واصل الأب، بغضب:
- الحياة في الدار ولات جهنم، دبا لمرا ما بقاتش كتحملو، ديما الحرب في الدار. المشكلة هي منين كنكون في الدار ما كيخرجش من البيت ديالو حتى للصباح.
واصلت الاستماع للأب مع تدوين بعض الملاحظات على الورقة الموضوعة أمامي، وبعد عشر دقائق ناديت على با إدريس، طالبا منه إدخال المريض.
بطقم "جين" أنيق، من الماركات العالمية الأولى، وحذاء رياضي، أيضاً، للماركة العالمية الأشهر، وشعر مجعد cheveux bouclés، يلمع من أثر "الجيل Gel" المثبت للشعر، دخل الشاب مبتسما في وجهي ابتسامة عريضة بدون تكلف. مد يده ليصافحني، قائلا:
- Bonjour docteur, j'espère que vous allez bien ?
- Bonjour.
مشيراً إلى الكرسي الثاني، طلبت منه الجلوس قبالة أبيه، ونظرت إلى با ادريس، الذي بادر الأب بقوله:
- آجي معايا آلسي عبد السلام..
نهض الأب خارجا من غرفة الفحص، دون أن ينظر إلى ولده الذي كان يتابعه بنظرة يشوبها حزن غير معلن.
أغلق با إدريس الباب خلفه، فيما بقي الشاب ينظر إليه وقال: - لست يوسف يادكتور..
نظرت إلى الورقة التي سجلت فيها، حسب إفادة الأب:
*الإسم: يوسف اليعقوبي. *السن: 28 سنة. *المهنة: أستاذ.
إلتفت إلي وتابع، مركزا نظراته علي:
- لست يوسف يادكتور، وليس لي إخوة ليكيدوا لي. وما أعيشه ليس رؤيا ولا أحلام يقظة، بل هو كابوس لا يمكن الاستيقاظ منه.
عدت إلى ورقة الملاحظات وسجلت عبارة: هذيان.
كان يوسف ينظر إلى الجدار الأبيض، حين واصل:
- كان عمري 18 سنة عندما توفيت والدتي، بعد معاناة طويلة- مع قلبها الضعيف. لم أبك يومها. كنت تمثالا يتحرك بلا قلب ولا عواطف. لكن بعد ثلاثة أيام إنفجر البركان، في اللحظة التي لا ينتظرها أحد. فقد كنت أداعب أختي الصغيرة.
على الورقة دونت: صدمة عاطفية- حدث صادم - تطهير.
رسم على و جهه ابتسامة بين دمعتين تنسابان على وجنتيه المحمرتين من غضب مكتوم، تظهر علاماته من ذلك الارتجاف الذي يعتري شفتيه الدقيقتين.
- بعد ثلاث سنوات، تزوج أبي بزليخة، وجاء بها إلى البيت.
- زليخة هو إسم زوجة أبيك؟
- هو كذلك بالنسبة لي. إذ بعد أسبوع واحد بدأت الإشارات والعلامات.
سألته: - أي إشارات وعلامات؟
- بدأ الأمر بالاهتمام الزائد بغرفتي وأغراضي الشخصية: ملابسي، كتبي، عطوري، فراشي..و..وكل شيء يخصني..ومن حسن حظي أني نجحت في امتحان الالتحاق بالمدرسة العليا الأساتذة في مدينة الرباط، والتحقت بها مسرعا.. كان علي أن أهرب مما يحدث وراء ظهر أبي المسكين. أبي الذي تزوج امرأة تصغره بخمسة عشر سنة.
أطلق تنهيدة طويلة ثم واصل:
- مرت أربع سنوات بسرعة، وتم تعييني بمدينتي، لأنني حصلت على أعلى معدل بالمدرسة. ظنوا أنهم يكافئون اجتهادي الذي لم يكن كذلك. وهنا بدأت ورطتي تتعمق..
إلتفت إلي محدقا في بكل حزم:
- دكتور، لن أطيل عليك بالتفاصيل المملة: زوجة أبي تطاردني وتتحرش بي.. إنها تغازلني وتدعوني إلى أن أخون أبي معها..
أمام العبارة الأولى التي دونتها من حديث الأب السي عبد السلام أضفت عبارة: تحرش..
تحشش/تحرش..
أصيلة: 16/06/2021
رفقة الممرض با إدريس، دخل الأب إلى مكتبي. لم يكن في لباسه ولا مظهره ما يثير الانتباه، جلباب مغربي أبيض بخطوط رمادية و"بلغة" صفراء. شعره ضعيف، لكن مرتب بعناية.
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور.
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل آسيدي، اجلس.
مشيرا إلى الباب المفتوح، قال با إدريس:
- سأنتظر في الخارج، مع إبن السي عبد السلام.
أشرت موافقا برأسي، والتفتت للرجل السيتيني الجالس أمامي:
-مرحبا السي عبد السلام، كيف حالك وحال الأسرة والعائلة؟
- الحمد لله، دكتور، أنا والأسرة والعائلة بخير، المشكلة غير مع هاد المسخوط (مشيرا بيده إلى الخارج).
- ياك لاباس آسيدي؟
- راه كيتحشش حتى يشبع، ويبدأ يخلق لي في المشاكل في الدار.
على الورقة سجلت عبارة : تحشش..
واصل الأب، بغضب:
- الحياة في الدار ولات جهنم، دبا لمرا ما بقاتش كتحملو، ديما الحرب في الدار. المشكلة هي منين كنكون في الدار ما كيخرجش من البيت ديالو حتى للصباح.
واصلت الاستماع للأب مع تدوين بعض الملاحظات على الورقة الموضوعة أمامي، وبعد عشر دقائق ناديت على با إدريس، طالبا منه إدخال المريض.
بطقم "جين" أنيق، من الماركات العالمية الأولى، وحذاء رياضي، أيضاً، للماركة العالمية الأشهر، وشعر مجعد cheveux bouclés، يلمع من أثر "الجيل Gel" المثبت للشعر، دخل الشاب مبتسما في وجهي ابتسامة عريضة بدون تكلف. مد يده ليصافحني، قائلا:
- Bonjour docteur, j'espère que vous allez bien ?
- Bonjour.
مشيراً إلى الكرسي الثاني، طلبت منه الجلوس قبالة أبيه، ونظرت إلى با ادريس، الذي بادر الأب بقوله:
- آجي معايا آلسي عبد السلام..
نهض الأب خارجا من غرفة الفحص، دون أن ينظر إلى ولده الذي كان يتابعه بنظرة يشوبها حزن غير معلن.
أغلق با إدريس الباب خلفه، فيما بقي الشاب ينظر إليه وقال: - لست يوسف يادكتور..
نظرت إلى الورقة التي سجلت فيها، حسب إفادة الأب:
*الإسم: يوسف اليعقوبي. *السن: 28 سنة. *المهنة: أستاذ.
إلتفت إلي وتابع، مركزا نظراته علي:
- لست يوسف يادكتور، وليس لي إخوة ليكيدوا لي. وما أعيشه ليس رؤيا ولا أحلام يقظة، بل هو كابوس لا يمكن الاستيقاظ منه.
عدت إلى ورقة الملاحظات وسجلت عبارة: هذيان.
كان يوسف ينظر إلى الجدار الأبيض، حين واصل:
- كان عمري 18 سنة عندما توفيت والدتي، بعد معاناة طويلة- مع قلبها الضعيف. لم أبك يومها. كنت تمثالا يتحرك بلا قلب ولا عواطف. لكن بعد ثلاثة أيام إنفجر البركان، في اللحظة التي لا ينتظرها أحد. فقد كنت أداعب أختي الصغيرة.
على الورقة دونت: صدمة عاطفية- حدث صادم - تطهير.
رسم على و جهه ابتسامة بين دمعتين تنسابان على وجنتيه المحمرتين من غضب مكتوم، تظهر علاماته من ذلك الارتجاف الذي يعتري شفتيه الدقيقتين.
- بعد ثلاث سنوات، تزوج أبي بزليخة، وجاء بها إلى البيت.
- زليخة هو إسم زوجة أبيك؟
- هو كذلك بالنسبة لي. إذ بعد أسبوع واحد بدأت الإشارات والعلامات.
سألته: - أي إشارات وعلامات؟
- بدأ الأمر بالاهتمام الزائد بغرفتي وأغراضي الشخصية: ملابسي، كتبي، عطوري، فراشي..و..وكل شيء يخصني..ومن حسن حظي أني نجحت في امتحان الالتحاق بالمدرسة العليا الأساتذة في مدينة الرباط، والتحقت بها مسرعا.. كان علي أن أهرب مما يحدث وراء ظهر أبي المسكين. أبي الذي تزوج امرأة تصغره بخمسة عشر سنة.
أطلق تنهيدة طويلة ثم واصل:
- مرت أربع سنوات بسرعة، وتم تعييني بمدينتي، لأنني حصلت على أعلى معدل بالمدرسة. ظنوا أنهم يكافئون اجتهادي الذي لم يكن كذلك. وهنا بدأت ورطتي تتعمق..
إلتفت إلي محدقا في بكل حزم:
- دكتور، لن أطيل عليك بالتفاصيل المملة: زوجة أبي تطاردني وتتحرش بي.. إنها تغازلني وتدعوني إلى أن أخون أبي معها..
أمام العبارة الأولى التي دونتها من حديث الأب السي عبد السلام أضفت عبارة: تحرش..
تحشش/تحرش..
أصيلة: 16/06/2021