نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

غرق في السرير

غرق في السرير

راح في نوم عميق..رفع عنه القلم والدثار ، وفقد الإحساس بالبرد كالبطريق.. قرر ألا يحلم هذه الليلة حتى لا يهب مفزوعا وهو يتصبب عرقا باردا كالليلة الفائتة .. الحلم عملية متعبة ، خصوصا إذا تخللها كابوس ثقيل..لا يدري إن كانت الرؤى يتم تواترها ذهنيا أم أن رغبات معتقلة في سرداب مظلم طويل تتحايل على العقل لتصنع الفرجة ..؟ ..على كل قرر ألا يحلم ..رفض أن يعيش الأوهام أو أحلام اليقظة ..وهذا البحر الهادر الذي يعانق الأفق هل هو حلم أم واقع بلا بعد محسوس ؟...ومع ذلك فهو يغرق فيه ..جسده بطوله يتجه نحو القاع كأنه مشدود إلى مرساة تجره باصرار.. مسلوب الإرادة ..مخدر الحواس..لا يستطيع أن يمد أطرافه للتشبت بكل ما يصادفه في طريقه ..ماذا يتفاعل في داخله..؟ ..ألم يقرر التوقف عن الحلم دون الاستغناء عن النوم ..؟ ..هل يفكر الآن أم يحلم ..؟ ..إنه يسبح في لجة زرقاء تزداد قتامة كلما ابتعد عن السطح ..عجيب أن يداخله إحساس بكونه يتنفس داخل الماء ..!..لم يختنق ولم يشرق؛ بل لم يبتل حتى ......
حورية البحر تمد له يدها فلا يصلها كأكتع محروم من كل المتع..تبتعد عنه يتبعها بنظرات متحسرة جافة، بماقي لم يسبق لها أن خبرت البكاء ولم تجرب ملوحة العبرات على خدود خدشها الزمن وترك فيها ندوبا لا تنمحي...
إنه يغور بدون توقف ، وتتحول الزرقة الداكنة إلى حلكة ..عقله ينفك من أسره ويخاطبه من داخله : أنت لا تحلم فبالأحرى أن تفكر ..أنت تهذي وتهلوس ..سيتم انتشالك في نهاية المطاف مهزوما منهكا..عندما يصحو عقلك ستنجبذ إلى زرقة فاتحة تتراءى لك فيها تفاصيل حياة أولية بئيسة ..سينسحب الخدر من أطرافك وتلمس كل ما تصله يدك..لم يتغير شيء..لم يرتفع الواقع...ضوء السطح يزداد سطوعا لتمتلئ به العين وتضيق الحدقة وتنكمش ء لتستقبل حالة الصحوة التي ولدت قيصريا..يجلس وسط السرير تائه البوصلة، يدك رأسه صداع أفقده توازنه..نظر حوله كغريب في الدار ، تلمس أطرافه المنقبضة ..فتح قبضته اليمنى ليحملق في قرص صغير أحمر كاد أن يذوب في عرق كفه ..تذكر مثيله الذي شربه قبل نومه بلحظات ..لقد أخبره صديقه المشبوه بأنه سينام قرير العين كالطفل الرضيع في حضن أمه ..لن يفكر ولن يحلم ولكنه سيهلوس ثم يعود ليفكر ويحلم من جديد بقناعات أخرى وتنهي الحكاية ...

2018 : القنيطرة
 

محمد فري

المدير العام
طاقم الإدارة
نص جميل؛ يجعل من الحلم فوبيا تؤرق الشخص
يرتبط الأمر طبعا بخصوصية الحلم الذي ينتمي هنا إلى نوع الكابوس
حبكة جيدة استغلت لحظة زمنية تمددت بما يكفي لتعرفنا على ما يروج
داخل وجدان الشخص
تحيتي السي حسن
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى