نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

فصل ووصل

أقبل علي شاب في مقتبل العمر واستأذن بالجلوس، أفسحت له مكانا، وكنت أتطلع إلى الأفق، نظر إلي مستغربا وقال: إلى أين يمتد بصرك؟
قلت له:: إلى أبعد نقطة...
رد قائلا، ومنذ متى وأنت على هذه الحال؟
قلت: مذ كنت في سنك...
استغرب وقال: كيف ذلك؟ لا أصدق!
قلت له: بل صدق، فالأفق أمل يبقينا منتظرين..
وهل مازال في حياتنا ما يستوجب أمل الانتظار؟ قال.
قلت: أجل، الأمل وقود الحياة، إن زال انطفأت..
انظر إلى تلك الشجرة، رغم تساقط أروارقها تبقى متشبثة بالأمل إلى أن تستعيدها خضراء طرية، فلو استسلمت للريح لظلت عارية، جافة العود إلى أن يقضي عليها اليأس.
قال بحماسة: تحرر من انتظارك البليد، فلن يتحقق شيء..! الأفق أسود لا يسقط سوى جمر الحزن..!
بل سيتحقق الجمال، يا بني! عليك بالصبر وإن طال الانتظار، فغودو لا يخيب مجيئه..
ومن غودو؟
غودو، يا بني؟ هو الحرية للسجين، هو السعادة للمحزون، هو الحب للعاشقين، هو الحرية لكل ثائر..هو ..
ثم وضعت بين يديه مسرحية بيكيت، وقلت له: اقٍرأ الكتاب...
بعد تردد أقبل عليه، واتسغرق في القراءة، وحين فرغ منها، نظر إلى مكاني فلم يجدني، ووجد كومة رماد، مسحها ليجد تحتها كتاب كافكا "المحاكمة"..
فتحه، وبقي يطالعه إلى أن أذنت الشمس بالمغيب...
بقي تحت سطوة سحرها، يراقب غروبها وشروقها، لم يخرجه من ذهوله سوى صوت شاب يستأذنه بالجلوس..
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى