نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

طعام جنازتي

على ضفاف نهر القصة


في الساحة العمومية عرضت قلبي للبيع، فأعرض الناس عنه..في الوقت الذي اعتقدت أنه بضاعة بائرة، ظهر مجموعة من الشباب الطائش من مختلف الأعمار، وبدأوا يتقاذفونه بفرح جنوني..تبسمت..
نهضت منتعش الروح والجسد، وتوجهت لشقتي خفيفا كظل، وفي غرفة نومي كنت أستخرج، كل ليلة، شاعرا من الذين جعلوني أسبح في نهر الحب والخيال، وأقوم بتعذيبه قبل أن أجهز عليه..
في عملي، لم أكن أعبأ بصراخ المدير وشتائمه، وتهديداته، كنت أؤدي عملي بميكانيكية وأنصرف، مديرا ظهري للرجل الذي لطالمها استمتع بسبي وبالاقتطاعات التي كانت تطال أجرتي الهزيلة أصلا. أدير له ظهري وأستمتع بغرقه في وحل تسلطه الباهت، وأمشي ضاحكا لأزيد من منسوب غيظه..
وأنا في شقتي، سمعت طرقا سرعان ما تسارع ليصير قويا، فتحت الباب لأجدني أمام امرأة تبسمت لي، وطوقتني بذراعيها وادعت أنها زوجتي، ودلفت إلى الداخل وقالت لي: أعتذر منك عن تأخري، فقد كنت إلى جانب زوجي المريض إلى أن مات ودفناه بحرقة.. تنبهت إلى أنها كانت ترتدي جلبابا أبيض وتضع على راسها خرقة بيضاء، وتنتعل بلغة بيضاء..سرت في جسمي رعشة باردة..
وفي الغرفة، تخففت من جلبابها، ومن بطنها أخرجت دزينة أطفال مختلفي الأعمار، وقالت لي: إنهم أبناؤك. سرعان ما أحاطوا بي باكين، وأنا أنظر إليهم ببلاهة، نهرتهم أمهم وأبعدتهم عني، وقالت لهم بحزم: سنذهب يوم الجمعة للترحم على قبره. ثم مدتني بصحن به عسل وسمن، وبقطعة خبز، وقالت لي آمرة: هذا ما تبقى من جنازتك فكله..!
خرجت من شقتي مسرعا كملسوع وتوجهت إلى الساحة لا ألوي على شيء..
**
تنبيه واجب التنفيذ:
يمكنك، أيها القارئ النبيل، أن تقلب الورقة، ستجدني قد تركت لك على ظهرها كفنا، لف قصتي فيه، وألق به في أقرب سلة نفايات. بذلك ستحرمني من لذة تعذيبك.
 
التعديل الأخير:
"على ضفاف نهر القصة"

على ضفاف النهر قد نجد رواسب، أو ركام...وقد نجد الاخضرار يعانق الزهور..
لكنه هنا نهر القصة، فماذا عسانا نجد؟ ربما نجد الأجناس التي لفظتها القصة، وقد نجد أقلام غير صالحة للكتابة كأنها فارغة من الحبر، أو مكسورة

"في الساحة العمومية عرضت قلبي للبيع، فأعرض الناس عنه..في الوقت الذي اعتقدت أنه بضاعة بائرة، ظهر مجموعة من الشباب الطائش من مختلف الأعمار، وبدأوا يتقاذفونه بفرح جنوني..تبسمت: على الأقل هو ذو فائدة..
نهضت منتعش الروج والجسد، وتوجهت لشقتي خفيفا كظل، وفي غرفة نومي كنت أستخرج، كل ليلة، شاعرا من الذين جعلوني أسبح في نهر الحب والخيال، وأقوم بتعذيبه قبل أن أجهز عليه..."

"الساحة العمومية" جزء من هذا "الضفاف"، وكأن البطل ترك السباحة مع النهر، أو في النهر، ومال إلى الضفة، كأنه يقول: أنا متواضع جدا، هذا "قلبي" أغلى ما عندي، أرجح أنها "أعماله"، أو "حضوره" ها هي ذي أبيعها في الساحة...وليس في المتاجر الفخمة كما يليق بي وأنا من أنا
ولكننا حينما نراه يخرج، يعذب، يقتل فيه شعراء الحب والخيال..نقول ربما تعمد عمدا تقديم التنازلات تلو التنازلات كي يرضي شريحة ما أو مؤسسات ما وكأنه هنا يقتل فيه قيمه.

"في عملي، لم أكن أعبأ بصراخ المدير وشتائمه، وتهديداته، كنت أؤدي عملي بميكانيكية وأنصرف، مديرا ظهري للرجل الذي لطالمها استمتع بسبي وبالاقتطاعات التي كانت تطال أجرتي الهزيلة أصلا. أدير له ظهري وأستمتع بغرقه في وحل تسلطه الباهت، وأمشي ضاحكا لأزيد من منسوب غيظه.."


هذا هو المقطع الثاني فهل تربطه علاقة بالمقطع الأول؟
إذا نظرنا بمنظار العنوان أي "على ضفاف أعماله" يكاشفنا بطريقة تعامله مع النقاد: لا يبالي، بل يعمل جاهدا بكل الطرق، لإيغاظهم.
هذه هي الرسالة لكن الكاتب عبر عنها بطريقة قصصية يحكي قصته مع مديره...



"وأنا في شقتي، سمعت طرقا سرعان ما تسارع ليصير قويا، فتحت الباب لأجدني أمام امرأة تبسمت لي، وطوقتني بذراعيها وادعت أنها زوجتي، ودلفت إلى الداخل وقالت لي: أعتذر منك عن تأخري، فقد كنت إلى جانب زوجي المريض إلى أن مات ودفناه بحرقة.. تنبهت إلى أنها كانت ترتدي جلبابا أبيض وتضع على راسها خرقة بيضاء، وتنتعل بلغة بيضاء..
وفي الغرفة، تخففت من جلباباها، ومن بطنها أخرجت دزينة أطفال مختلفي الأعمار، وقالت لي: إنهم أبناؤك. سرعان ما أحاطوا بي باكين، وأنا أنظر إليهم ببلاهة، نهرتم أمهم وأبعدتهم عني، وقالت لهم بحزم: سنذهب يوم الجمعة للترحم على قبره. ثم مدتني بصحن به عسل وسمن، وبقطعة خبز، وقالت لي آمرة: هذا ما تبقى من جنازتك فكله..!
خرجت من شقتي مسرعا كملسوع وتوجهت إلى الساحة لا ألوي على شيء.."

هذ هو المقطع الثالث،
هنا لعب جميل بالضمائر...وسرد فني فريد...وتوظيف للشخصيات فيه كثير إبداع.....

توجهه إلى الساحة لأخذ قلبه، لأن مكان قلبه هو الصدارة لا تحت أقدام الراجلين على الأرصفة. هي نهاية تؤكد "الترجيحات" السابقة، وما يجليها أكثر هو: "التنبيه الواجب التنفيذ"






"تنبيه واجب التنفيذ:
يمكنك، أيها القارئ النبيل، أن تقلب الورقة، ستجدني قد تركت لك على ظهرها كفنا، لف قصتي فيه، وألق به في أقرب سلة نفايات. بذلك ستحرمني من لذة تعذيبك."


يتوعد "القارئ النبيل"، أن يحافظ عليه كأديب، أي أن يتابعه، أن يعترف به...أن يفتح له المجال كي يبقى حاضرا... كي يلتذ بتعذيب هذا القارئ.
هو تحدي قوي للقراء، أو استفزازا لهم...أو هي بكل بساطة ثقة زائدة.

في النهاية أقول: استمتعت كثيرا بقراءة هذا النص، هو نص عملاق، فيه إبداع، وتجديد....وتحدي خفي

أستاذ عبد الرحيم، أجدك قويا، بارعا في القصة القصيرة أكثر من القصة القصيرة جدا، هذا مجرد رأي

مودتي
 
"على ضفاف نهر القصة"

على ضفاف النهر قد نجد رواسب، أو ركام...وقد نجد الاخضرار يعانق الزهور..
لكنه هنا نهر القصة، فماذا عسانا نجد؟ ربما نجد الأجناس التي لفظتها القصة، وقد نجد أقلام غير صالحة للكتابة كأنها فارغة من الحبر، أو مكسورة

"في الساحة العمومية عرضت قلبي للبيع، فأعرض الناس عنه..في الوقت الذي اعتقدت أنه بضاعة بائرة، ظهر مجموعة من الشباب الطائش من مختلف الأعمار، وبدأوا يتقاذفونه بفرح جنوني..تبسمت: على الأقل هو ذو فائدة..
نهضت منتعش الروج والجسد، وتوجهت لشقتي خفيفا كظل، وفي غرفة نومي كنت أستخرج، كل ليلة، شاعرا من الذين جعلوني أسبح في نهر الحب والخيال، وأقوم بتعذيبه قبل أن أجهز عليه..."

"الساحة العمومية" جزء من هذا "الضفاف"، وكأن البطل ترك السباحة مع النهر، أو في النهر، ومال إلى الضفة، كأنه يقول: أنا متواضع جدا، هذا "قلبي" أغلى ما عندي، أرجح أنها "أعماله"، أو "حضوره" ها هي ذي أبيعها في الساحة...وليس في المتاجر الفخمة كما يليق بي وأنا من أنا
ولكننا حينما نراه يخرج، يعذب، يقتل فيه شعراء الحب والخيال..نقول ربما تعمد عمدا تقديم التنازلات تلو التنازلات كي يرضي شريحة ما أو مؤسسات ما وكأنه هنا يقتل فيه قيمه.

"في عملي، لم أكن أعبأ بصراخ المدير وشتائمه، وتهديداته، كنت أؤدي عملي بميكانيكية وأنصرف، مديرا ظهري للرجل الذي لطالمها استمتع بسبي وبالاقتطاعات التي كانت تطال أجرتي الهزيلة أصلا. أدير له ظهري وأستمتع بغرقه في وحل تسلطه الباهت، وأمشي ضاحكا لأزيد من منسوب غيظه.."


هذا هو المقطع الثاني فهل تربطه علاقة بالمقطع الأول؟
إذا نظرنا بمنظار العنوان أي "على ضفاف أعماله" يكاشفنا بطريقة تعامله مع النقاد: لا يبالي، بل يعمل جاهدا بكل الطرق، لإيغاظهم.
هذه هي الرسالة لكن الكاتب عبر عنها بطريقة قصصية يحكي قصته مع مديره...



"وأنا في شقتي، سمعت طرقا سرعان ما تسارع ليصير قويا، فتحت الباب لأجدني أمام امرأة تبسمت لي، وطوقتني بذراعيها وادعت أنها زوجتي، ودلفت إلى الداخل وقالت لي: أعتذر منك عن تأخري، فقد كنت إلى جانب زوجي المريض إلى أن مات ودفناه بحرقة.. تنبهت إلى أنها كانت ترتدي جلبابا أبيض وتضع على راسها خرقة بيضاء، وتنتعل بلغة بيضاء..
وفي الغرفة، تخففت من جلباباها، ومن بطنها أخرجت دزينة أطفال مختلفي الأعمار، وقالت لي: إنهم أبناؤك. سرعان ما أحاطوا بي باكين، وأنا أنظر إليهم ببلاهة، نهرتم أمهم وأبعدتهم عني، وقالت لهم بحزم: سنذهب يوم الجمعة للترحم على قبره. ثم مدتني بصحن به عسل وسمن، وبقطعة خبز، وقالت لي آمرة: هذا ما تبقى من جنازتك فكله..!
خرجت من شقتي مسرعا كملسوع وتوجهت إلى الساحة لا ألوي على شيء.."

هذ هو المقطع الثالث،
هنا لعب جميل بالضمائر...وسرد فني فريد...وتوظيف للشخصيات فيه كثير إبداع.....

توجهه إلى الساحة لأخذ قلبه، لأن مكان قلبه هو الصدارة لا تحت أقدام الراجلين على الأرصفة. هي نهاية تؤكد "الترجيحات" السابقة، وما يجليها أكثر هو: "التنبيه الواجب التنفيذ"






"تنبيه واجب التنفيذ:
يمكنك، أيها القارئ النبيل، أن تقلب الورقة، ستجدني قد تركت لك على ظهرها كفنا، لف قصتي فيه، وألق به في أقرب سلة نفايات. بذلك ستحرمني من لذة تعذيبك."


يتوعد "القارئ النبيل"، أن يحافظ عليه كأديب، أي أن يتابعه، أن يعترف به...أن يفتح له المجال كي يبقى حاضرا... كي يلتذ بتعذيب هذا القارئ.
هو تحدي قوي للقراء، أو استفزازا لهم...أو هي بكل بساطة ثقة زائدة.

في النهاية أقول: استمتعت كثيرا بقراءة هذا النص، هو نص عملاق، فيه إبداع، وتجديد....وتحدي خفي

أستاذ عبد الرحيم، أجدك قويا، بارعا في القصة القصيرة أكثر من القصة القصيرة جدا، هذا مجرد رأي

مودتي
أستاذ منير
سعيد أن النص نال إعجابك، وحثك على قراءته قراءة ذكية لم تخطر على بالي.
توقفت عند الجانب المضموني، ولم تشر إلى طريقة البناء، وهي أهم نقطة.
ختمت بإشارة وجدتك الوحيد الذي قدمها وكنت أبغي دليلا قويا يقنعي بذلك، فهل من واحد؟
شكرا لك.
تحياتي.
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى