نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

ما معنى "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا"؟

ما معنى "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا"؟


لنفترض أن شخصا وقع ابلاغه بهاتف من الغيب أنّه سيموت غدا. فمن المفروض أن يعجّل بفعل الخير في تلك السويعات القليلة المتبقّية حتى يضمن الجنّة. الواقع أن كلّ إنسان يرغب في دخول الجنّة، عليه أن يتصرّف مثل هذا الشخص. عليه أن يضع في اعتباره أنّه يمكن أن يموت فجأة و بدون رصيد من الخيرات. يقول الشاعر:
يا من بدنياه اشتغل ** و غرّه طول الأمل
الموت يأتي بغتة ** و القبر مفتاح العمل
أمّا بخصوص "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا" فإنّ المقصود بذلك هو حسن التصرّف من الناحية الصحية و الأخلاقية حتّى يطول عمر الإنسان في الخير و لا يجني على نفسه بحماقات. فالشخص الذي يقضي شبابه في معاقرة الخمر و تناول المخدّرات، لا يمكن أن نقول أنّه يعمل لحياته لأنّه سوف يقضيها عليلا عاجلا أم آجلا. و الشخص الذي يشاكس جيرانه و يعاكس كلّ من يحتك به سوف ينفر منه الناس بحيث لن يجد من يساعده في المستقبل. فالفرد الذي يعمل لدنياه هو فرد يدرك أن المستقبل مبني على الحاضر و من يزرع الشوك يجني الجراح هو شخص لا يعمل بمبدأ اليوم خمر و غد أمر.
يرى البعض أن الجملة "اعمل لدنياك كأنّك تعيش أبدا"، تدعو إلى التباطئ في انجاز أمور الدنيا. أي اعمل على أساس أن أمامك متّسع من الوقت لإنجاز أمور الدنيا، و لا داعي للعجلة و الأمر الذي لا ينقضي اليوم، ينقضي يوم الغد و الذي لا ينقضي يوم الغد، ينقضي بعد الغد و هكذا. فاعمل بتمهل وعدم تسرع فأنت ستعيش أبدا. و هم بهذا الفهم يريدون أن يجعلوا أن هناك تقابلا بين العجلة في العمل للآخرة و التباطئ في العمل للدنيا. و في رأيي هذا الفهم هو فهم خاطئ و مثير للضحك فيه رغبة جامحة في إقامة تقابل و لكنّه تقابل تعسّفي. و لا داعي للتعمّق في نقد هذا التفسير فهو لا يستحقّ ذلك يكفي فقط أن نقول إنّ التباطؤ في انجاز الواجبات الدنيوية ليس تصرّفا حكيما فما بالك إذا كان متعمّدا و المثل يقول "لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد".
خلاصة القول، القولة "اعمل لديناك كأنّك تعيش أبدا و اعمل لآخرتك كأنّك تموت غدا" هدفها خير الإنسان من جميع النواحي، في الدنيا والآخرة، وليس ركضه إلى الآخرة و تقاعسه في الدنيا.
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى