عبد الرحيم التدلاوي
كاتب
تلاعب 3
**
لا أعرف كيف نضجت. متى وقع ذلك؟ كيف غادرت طفولتي مبكرًا؟ أكنت لبلابًا يتسلق الزمن أم نبتًا شيطانيًا يندفع نحو العتمة؟ أبحث في ذاكرة مثقوبة، ألتقط فتات الذكرى لأجمعها في صورة متماسكة، لكنني كلما اقتربتُ من الفهم، انزاحت الحقيقة أمامي كسراب.
سمعتُ قرع طبول. أو ربما خُيّل لي. في ساحة المدينة، منصة جديدة نُصبت، وكما في كل مرة، مُنعنا من الاقتراب. لكنني، هذه المرة، قررتُ أن أخترق الحظر. تسلقتُ الشجرة المجاورة، ورحت أراقب.
المشهد أمامي مربك: فتيات صغيرات، عاريات، يُسقن إلى المنصة بوجوه خاوية، تقودهن يد النخّاس. على المقاعد الوثيرة جلس علية القوم، يراقبون بدقة كل تفصيل في أجسادهن، يقلبون الأجساد كما لو كانت سلعًا، يتحسسون اللحم، يقيسون المتانة. العيون تراقب في صمتٍ شائن، بينما تتردّد في الهواء أصوات صفقاتٍ تُبرم.
"هل أنا في حلم؟" سألتُ نفسي.
أحاول الصراخ، لكن صوتي لا يغادر رأسي. أشعر بالغضب يتسلّق أطرافي، وعندما يهتز الغصن الذي أتكئ عليه، أفقد توازني وأسقط.
سوادٌ مطبق.
أفتح عينيّ. لا أثر للمنصة، لا أثر للحفل الماجن. أتحسس وجهي، فأجد لحية كثيفة نبتت في غفلة عني. أركض نحو المنزل، وأجد أبي في انتظاري.
"ابنة عمك ستكون زوجتك، حان الوقت، يا رجل."
أنظر إلى يديه، فأرى المزاد الذي رُسيتُ فيه.
**
لا أعرف كيف نضجت. متى وقع ذلك؟ كيف غادرت طفولتي مبكرًا؟ أكنت لبلابًا يتسلق الزمن أم نبتًا شيطانيًا يندفع نحو العتمة؟ أبحث في ذاكرة مثقوبة، ألتقط فتات الذكرى لأجمعها في صورة متماسكة، لكنني كلما اقتربتُ من الفهم، انزاحت الحقيقة أمامي كسراب.
سمعتُ قرع طبول. أو ربما خُيّل لي. في ساحة المدينة، منصة جديدة نُصبت، وكما في كل مرة، مُنعنا من الاقتراب. لكنني، هذه المرة، قررتُ أن أخترق الحظر. تسلقتُ الشجرة المجاورة، ورحت أراقب.
المشهد أمامي مربك: فتيات صغيرات، عاريات، يُسقن إلى المنصة بوجوه خاوية، تقودهن يد النخّاس. على المقاعد الوثيرة جلس علية القوم، يراقبون بدقة كل تفصيل في أجسادهن، يقلبون الأجساد كما لو كانت سلعًا، يتحسسون اللحم، يقيسون المتانة. العيون تراقب في صمتٍ شائن، بينما تتردّد في الهواء أصوات صفقاتٍ تُبرم.
"هل أنا في حلم؟" سألتُ نفسي.
أحاول الصراخ، لكن صوتي لا يغادر رأسي. أشعر بالغضب يتسلّق أطرافي، وعندما يهتز الغصن الذي أتكئ عليه، أفقد توازني وأسقط.
سوادٌ مطبق.
أفتح عينيّ. لا أثر للمنصة، لا أثر للحفل الماجن. أتحسس وجهي، فأجد لحية كثيفة نبتت في غفلة عني. أركض نحو المنزل، وأجد أبي في انتظاري.
"ابنة عمك ستكون زوجتك، حان الوقت، يا رجل."
أنظر إلى يديه، فأرى المزاد الذي رُسيتُ فيه.