نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

تقعير قصة قصيرة ممسرحة

تقعير قصة قصيرة ممسرحة


---

[المشهد 1: يد]

رأيتها قبل أن تسقط السكين.
كانت يدًا بيضاء. يد أعرفها. لطالما صافحتني بتلك الرعشة الخفيفة التي لا تأتي إلا من نوايا طيبة.
ثم... في لحظة، لا أعرف إن كانت حلمًا أم ومضة داخل عيني، تحولت.
اليد نفسها. لكن السكين التي أمسكت بها لم تكن للقتل، بل لشيء يشبه الخلاص.
ضربة واحدة. سريعة. نظيفة.
من الوريد إلى الوريد.
كان ينظر في عينيّ حين سقط.
هل ابتسم؟
لا أتذكر.
أتذكر فقط أنني لم أصرخ.


---

[المشهد 2: التحقيق]

جاء المحقّق متأخرًا.
الباب كان مفتوحًا. الرائحة بدأت تثقل الغرفة.
كنت جالسًا بجانبه. لا أتحرك. لا أتكلّم.
أشار إليّ:
– "اسمك؟"
حرّكتُ شفتي. الكلمة كانت هناك، لكن الهواء لم يتحول إلى صوت.
أعاد السؤال، بنفاد صبر.
ثم تمتم بشيء عن "العيون الحديدية".
نظرت نحوه. عيونه؟ لا.
إنه يقصد النوافذ. كان يظن أن القاتل انعكس هناك.
كان يبحث في الزجاج.
نسي أنني أنا الزجاج.


---

[المشهد 3: استبطان]

أنا لم أقتله.
لكنني كنت هناك.
كنت الدليل.
والدليل لا يتكلم. لا يُسمع له صوت.
الكلمات محشورة في صدري. تتكدس، تتصارع، تجرح بعضها.
أريد أن أقول شيئًا. أن أشرح.
لكن هناك بئر في داخلي.
غاطسة وعميقة.
غطاؤها من حديد.
والمفتاح... صدئ.
ربما سقط في تلك الليلة، مع صوته.


---

[المشهد 4: ذاكرة مختلة]

كل شيء بدأ من النهاية.
الجثة، السكين، صمتي، والمحقّق الذي لم يعد.
لكن ما لا يُرى، هو ما يحرقني الآن:

– لم تكن يدًا غادرة.
– لم تكن ضربة عنق.
– لم يكن موتًا عاديا.
بل شيء أقرب إلى... نذر.
تضحية عن حب؟ أم عن عجز؟
هل كانت هي القاتلة؟ أم... أنا؟
ربما لا أحد قتل أحدًا.
ربما كل هذا وهم.
ربما نحن جميعًا نعيش داخل عقل يحتضر.


---

[المشهد 5: الحصاد]

أكتب الآن، أو أتخيل أنني أكتب.
هل ستصل هذه الكلمات لأحد؟
هل سيُفتح البئر؟
هل سيُعاد ترتيب الحكاية بطريقة تُنطق؟
كل صمتي، نضج الآن.
لكنه لا يُقطف.
أخاف أن أظل هكذا:
دليلًا أبكم، لا يُصدَّق.
أو أسوأ... لا يُلاحظ.
كل صمتي، نضج الآن.
لكنه لا يُقطف.
أخاف أن أظل هكذا:
دليلًا أبكم، لا يُصدَّق.
أو أسوأ... لا يُلاحظ.
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى