محمد بن ربيع الغامدي
كاتب
مثل الشّرْنَقة تبدو.
تلفُّ جسمها برداءٍ أبيض؛ تنتظر مشيب غراب العراف، فعودة ابنها البهلوان، فشفاءها من السعال.
تنتظر كل ذلك وتسعل بحدة.
ينتفض الغراب. تتطاير من رأسه كرات الماء في كل اتجاه؛ تمدُّ عصاها وتهمزه بحدة، ثم تسأل:
- أما آن لك أن تشيب؟
يرفع رأسه متأملا عينيها، أنفها، فمها، كفيها.
ثم يعود لينقر وجه الماء.
العجوز ثابتة؛ مثل ساعة في بيت مهجور.
ما تقدمت خطوة نحو الحياة، ولا تأخرت خطوة نحو الموت. وغراب العراف ثابت على شبابه العجيب!
نظرتْ إلى خيمتها.
استغرقت في عدّ الثقوب التي تمتلئ بها.
نزعت ضحكة من أسفل بطنها، وكأنها تنزع دلو ماء من قاع الركيّة.
ضحكت حتى أسلمها الضحك لنوبة سعال حادة.
سعلت فانتفض الغراب؛
تطايرت من رأسه كرات الماء في كل اتجاه.
بعصاها، رسمت على وجه التراب خطاً.
وفي يأسٍ قالت:
- هذه الأرض التي أطعمت الناس، لم تعد تجد ما تأكله؛ وبنفس العصا وضعت نقطة.
نملة مرت؛ تحمل حبة قمح.
سأَلَتْها:
- كيف عثرتِ على حبة قمح في أرض محروقة؟
تساءلتْ؛ ثم ضَحِكَتْ.
ضَحِكَتْ لأن ابنها البهلوان دخل بيت النمل؛ في رحلة مشؤومة، لم تردّه لها.
انطلق حينها مسرعا وراء قطعة نقد.
انحنى ليأخذها لكنه أخطأ التوقيت.
أفلتتْ منه قطعة النقد، أسرع نحوها، لكنها تسارعت مبتعدةً.
سقطتْ من علٍ وتدحرجت.
هوى خلفها؛ واستمر يجري.
عبرتْ حقلاً ميتاً.
قطعتْ المقبرة من الجنوب إلى الشمال.
اعتلتْ التلال المجاورة.
هبطتْ إلى وهدة الوادي؛ فهبط خلفها، عاضاً على أطراف ملابسه.
يسرع أكثر، والقطعة المعدنية تتسارع أكثر، حتى مرّت على بيت النمل.
مرّتْ على بيت النمل؛ فدخلتْ ودخل.
جذبت عجوز الانتظار عصاها، وتراجعت قليلا.
وكأنما عادت من حفلة نوم؛ ضربت بعصاها الأرض وزمجرت: بهلوان أفّاق يدخل من ثقب صغير؟
ضَحِكَتْ محبطة، حتى سعلت
وحين سعلت، انتفض غراب العرّاف.
وحين انتفض، تطايرت من رأسه كرات الماء في كل اتجاه.
تلفُّ جسمها برداءٍ أبيض؛ تنتظر مشيب غراب العراف، فعودة ابنها البهلوان، فشفاءها من السعال.
تنتظر كل ذلك وتسعل بحدة.
ينتفض الغراب. تتطاير من رأسه كرات الماء في كل اتجاه؛ تمدُّ عصاها وتهمزه بحدة، ثم تسأل:
- أما آن لك أن تشيب؟
يرفع رأسه متأملا عينيها، أنفها، فمها، كفيها.
ثم يعود لينقر وجه الماء.
العجوز ثابتة؛ مثل ساعة في بيت مهجور.
ما تقدمت خطوة نحو الحياة، ولا تأخرت خطوة نحو الموت. وغراب العراف ثابت على شبابه العجيب!
نظرتْ إلى خيمتها.
استغرقت في عدّ الثقوب التي تمتلئ بها.
نزعت ضحكة من أسفل بطنها، وكأنها تنزع دلو ماء من قاع الركيّة.
ضحكت حتى أسلمها الضحك لنوبة سعال حادة.
سعلت فانتفض الغراب؛
تطايرت من رأسه كرات الماء في كل اتجاه.
بعصاها، رسمت على وجه التراب خطاً.
وفي يأسٍ قالت:
- هذه الأرض التي أطعمت الناس، لم تعد تجد ما تأكله؛ وبنفس العصا وضعت نقطة.
نملة مرت؛ تحمل حبة قمح.
سأَلَتْها:
- كيف عثرتِ على حبة قمح في أرض محروقة؟
تساءلتْ؛ ثم ضَحِكَتْ.
ضَحِكَتْ لأن ابنها البهلوان دخل بيت النمل؛ في رحلة مشؤومة، لم تردّه لها.
انطلق حينها مسرعا وراء قطعة نقد.
انحنى ليأخذها لكنه أخطأ التوقيت.
أفلتتْ منه قطعة النقد، أسرع نحوها، لكنها تسارعت مبتعدةً.
سقطتْ من علٍ وتدحرجت.
هوى خلفها؛ واستمر يجري.
عبرتْ حقلاً ميتاً.
قطعتْ المقبرة من الجنوب إلى الشمال.
اعتلتْ التلال المجاورة.
هبطتْ إلى وهدة الوادي؛ فهبط خلفها، عاضاً على أطراف ملابسه.
يسرع أكثر، والقطعة المعدنية تتسارع أكثر، حتى مرّت على بيت النمل.
مرّتْ على بيت النمل؛ فدخلتْ ودخل.
جذبت عجوز الانتظار عصاها، وتراجعت قليلا.
وكأنما عادت من حفلة نوم؛ ضربت بعصاها الأرض وزمجرت: بهلوان أفّاق يدخل من ثقب صغير؟
ضَحِكَتْ محبطة، حتى سعلت
وحين سعلت، انتفض غراب العرّاف.
وحين انتفض، تطايرت من رأسه كرات الماء في كل اتجاه.