نرحب بالكتاب الراغبين في الانضمام إلى مطر

بلا عنوان

محمد فري

المدير العام
طاقم الإدارة
كانت قادمة باتجاهي، تمسك بيد طفل صغير يبدو متعبا، تجر رجليها جرا، وكأنها قطعت مسافة طويلة غير منتهية، كان الطفل يمشي ببطء شديد، لاتكاد رجلاه تسعفانه، فتضظر إلى جره ليتدحرج مكرها بجوارها، ولعلها بدورها لم تكن قادرة على حمله، فملامحها تشي بتعب,, بل بإرهاق شديد. عندما اقتربت منها، حولت وجهي عنها، وتحاشيت النظر إليها تجنبا لكل إجراج، وما كدت أتجاوزها حتى سمعتها تهتف بي:
ـــ الله يجازيك آلشريف ,,
توقفت والتفت نحوها
ـــ من فضلك ,, طريق الخبازات؟
كنا آنذاك أمام مبنى العمالة ,, وبجوارها مؤسسة محكمة الأسرة، والتي تبث بالخصوص في أمور الطلاق أكثر من أي أمر آخر ..
أحرجني سؤالها، فالمكان الذي تنوي السعي إليه بعيد جدا، ويحتاج قاصده ركوب سيارة اجرة أو حافلة، ..
عينت لها الوجهة المقصودة، ونصحتها بوسيلة نقل لأن المشي في هذه الحالة أمر متعب.
ردت بأن سيارات الأجرة ترفض التوقف ,, ثم استدركت مغمغمة أنها لا تملك نقودا ..
أحسست بحرج شديد، وثبتت عيناي في الطفل الصغير المرهق .. لم يسعفني القول بما يناسب في مثل هذا الموقف .. تبعثرت كلماتي بذهني، ثم أجبتها كمن يريد النفاذ من باب ضيق:
ــــ على كل استمري في طريقك .. ثم انعرجي نحو اليسار لتصلي إلى شارع كبير .. هو الذي سيؤدي بك نحو ساحة الخبازات
شكرتني بغمعمة متعبة ثم استأنفت طريقها ,,
كان علي بدوري أن أوصل الصغير إلى مدرسته قبل فوات الوقت المحدد، فحملته وأسرعت الخطى لا ألوي على شيء، لكن إحساسا بالحرج ظل يلازمني، ولم أستطع التخلص من صورة المرأة وطفلها، واستبد بي شعور شديد بالندم .. لم لم أسعفها ببعض النقود، لم تطلب مني شيئا طبعا، لكن كان علي أن أمنحها ثمن سيارة الأجرة على الأقل، أسرعت الخطى أكثر، وأوصلت الصغير إلى مدرسته، ثم قفلت راجعا عساني أجد المرأة في طريق عودتي ,, جريت قليلا ربحا لبعض الوقت، فربما تكون قد ابتعدت كثيرا فلا أجدها، لكني لمحتها من بعيد فجأة، كانت جالسة على حافة سور الحديقة القصير، تمسك بطفلها وتبدو وهي تتحدث إى تلميذة، خمنت أنها تسأل دائما عن أقرب طريق إلى وجهتها المقصودة، تابعت جريي نحوها، وقبل أن أصل إليها، وقفت واستأنفت سيرها متجهة نحو الشارع الكبير ,, توقفت لحظة مترددا ,, هل أتابع الجري نحوها ,, أم أعود أدراجي، ثم ماذا عساني أقول لها إن أنا لحقت بها، وماذا سيكون تفسيرها لموقفي الغريب هذا ,, قد تساورها ظنون منزاحة، وتنوي عكس ما نويت .. تغلبت على هواجسي، واستأنفت الجري لاهثا ,, اقتربت منها بعد لأي، مشيت بجانبها دون أن تتوقف، وسألتها سؤالا بليدا:
ـــ مازال ما لقيتي طاكسي؟
التفتت وهي مندهشة، وردت باقتضاب كمن لا يرغب في الكلام:
ــــ لا ,, سأستمر في المشي، والطاكسيات ما كاينينش ,,
بسرعة ,, أجبتها ناصحا:
ــــ مكان مرور السيارات هناك حيث كنت تجلسين .. كنتي تبقاي تما
ولعل إلحاحي أرهقها، فردت وهي تنوي حسم الموضوع:
ــــ ما عنديش الفلوس
مددت يدي نحوها ببعض الدريهمات:
ــــ خذي هاذ البركة ,, وشدي طاكسي
ردت بسرعة وبصوت واضح:
ــــ لا آسيدي ,, بارك الله فيك
والتفتت لتستمر في السير مبدية عدم الرغبة في هذا الحوار
ظللت جامدا أراقبها وهي تجر طفلها المتعب، لم تكن هيأتها تشي بكونها متسولة، بل كانت ترتدي ملابس نظيفة، وكذلك حال طفلها ,, أحسست بتضاعف حرجي، فخاطبتها بصوت يكاد يكون صراخا:
ــــ إذن خذي باش تركبي ,, على الأقل على وجه هاذ الطفل اللي كتجرجري فيه ,, ما بقاش فيك؟ ,,
استأنفت بلهجة لا تخلو من تأنيب:
ــــ التحقت بك من أجله ,, من أجله فقط
توقفت .. ثم تحولت بوجهها نحوي ,, ظلت صامتة برهة ,, ثم .. مدت يدها في خجل شديد .. وأخذت مني الدريهمات ولسانها يلهج بشكر لا يخلو من اعتذار ,,
استأنفت سيرها ممسكة بطفلها ,, وبقيت خلفها أراقبها دون أن يزول إحساسي بالحرج، ثم قفلت عائدا .. باتجاه الشارع المحاذي لمبنى العمالة ,, و ,, لمؤسسة قضاء الأسرة
,,,,....
,,,,,,,,,,,, هي قصة..
أو حدث ,,
ينقصه عنوان !!
 
التعديل الأخير:

محمد اليعقابي

مشرف فكر و نقد
طاقم الإدارة
ما أكثر الحالات التي نشعر فبها أننا لسنا في مستوى ما يفرضه ضميرنا علينا. على كل حال استطاع الراوي تدارك الأمر
 
كانت قادمة باتجاهي، تمسك بيد طفل صغير يبدو متعبا، تجر رجليها جرا، وكأنها قطعت مسافة طويلة غير منتهية، كان الطفل يمشي ببطء شديد، لاتكاد رجلاه تسعفانه، فتضظر إلى جره ليتدحرج مكرها بجوارها، ولعلها بدورها لم تكن قادرة على حمله، فملامحها تشي بتعب,, بل بإرهاق شديد. عندما اقتربت منها، حولت وجهي عنها، وتحاشيت النظر إليها تجنبا لكل إجراج، وما كدت أتجاوزها حتى سمعتها تهتف بي:
ـــ الله يجازيك آلشريف ,,
توقفت والتفت نحوها
ـــ من فضلك ,, طريق الخبازات؟
كنا آنذاك أمام مبنى العمالة ,, وبجوارها مؤسسة محكمة الأسرة، والتي تبث بالخصوص في أمور الطلاق أكثر من أي أمر آخر ..
أحرجني سؤالها، فالمكان الذي تنوي السعي إليه بعيد جدا، ويحتاج قاصده ركوب سيارة اجرة أو حافلة، ..
عينت لها الوجهة المقصودة، ونصحتها بوسيلة نقل لأن المشي في هذه الحالة أمر متعب.
ردت بأن سيارات الأجرة ترفض التوقف ,, ثم استدركت مغمغمة أنها لا تملك نقودا ..
أحسست بحرج شديد، وثبتت عيناي في الطفل الصغير المرهق .. لم يسعفني القول بما يناسب في مثل هذا الموقف .. تبعثرت كلماتي بذهني، ثم أجبتها كمن يريد النفاذ من باب ضيق:
ــــ على كل استمري في طريقك .. ثم انعرجي نحو اليسار لتصلي إلى شارع كبير .. هو الذي سيؤدي بك نحو ساحة الخبازات
شكرتني بغمعمة متعبة ثم استأنفت طريقها ,,
كان علي بدوري أن أوصل الصغير إلى مدرسته قبل فوات الوقت المحدد، فحملته وأسرعت الخطى لا ألوي على شيء، لكن إحساسا بالحرج ظل يلازمني، ولم أستطع التخلص من صورة المرأة وطفلها، واستبد بي شعور شديد بالندم .. لم لم أسعفها ببعض النقود، لم تطلب مني شيئا طبعا، لكن كان علي أن أمنحها ثمن سيارة الأجرة على الأقل، أسرعت الخطى أكثر، وأوصلت الصغير إلى مدرسته، ثم قفلت راجعا عساني أجد المرأة في طريق عودتي ,, جريت قليلا ربحا لبعض الوقت، فربما تكون قد ابتعدت كثيرا فلا أجدها، لكني لمحتها من بعيد فجأة، كانت جالسة على حافة سور الحديقة القصير، تمسك بطفلها وتبدو وهي تتحدث إى تلميذة، خمنت أنها تسأل دائما عن أقرب طريق إلى وجهتها المقصودة، تابعت جريي نحوها، وقبل أن أصل إليها، وقفت واستأنفت سيرها متجهة نحو الشارع الكبير ,, توقفت لحظة مترددا ,, هل أتابع الجري نحوها ,, أم أعود أدراجي، ثم ماذا عساني أقول لها إن أنا لحقت بها، وماذا سيكون تفسيرها لموقفي الغريب هذا ,, قد تساورها ظنون منزاحة، وتنوي عكس ما نويت .. تغلبت على هواجسي، واستأنفت الجري لاهثا ,, اقتربت منها بعد لأي، مشيت بجانبها دون أن تتوقف، وسألتها سؤالا بليدا:
ـــ مازال ما لقيتي طاكسي؟
التفتت وهي مندهشة، وردت باقتضاب كمن لا يرغب في الكلام:
ــــ لا ,, سأستمر في المشي، والطاكسيات ما كاينينش ,,
بسرعة ,, أجبتها ناصحا:
ــــ مكان مرور السيارات هناك حيث كنت تجلسين .. كنتي تبقاي تما
ولعل إلحاحي أرهقها، فردت وهي تنوي حسم الموضوع:
ــــ ما عنديش الفلوس
مددت يدي نحوها ببعض الدريهمات:
ــــ خذي هاذ البركة ,, وشدي طاكسي
ردت بسرعة وبصوت واضح:
ــــ لا آسيدي ,, بارك الله فيك
والتفتت لتستمر في السير مبدية عدم الرغبة في هذا الحوار
ظللت جامدا أراقبها وهي تجر طفلها المتعب، لم تكن هيأتها تشي بكونها متسولة، بل كانت ترتدي ملابس نظيفة، وكذلك حال طفلها ,, أحسست بتضاعف حرجي، فخاطبتها بصوت يكاد يكون صراخا:
ــــ إذن خذي باش تركبي ,, على الأقل على وجه هاذ الطفل اللي كتجرجري فيه ,, ما بقاش فيك؟ ,,
استأنفت بلهجة لا تخلو من تأنيب:
ــــ التحقت بك من أجله ,, من أجله فقط
توقفت .. ثم تحولت بوجهها نحوي ,, ظلت صامتة برهة ,, ثم .. مدت يدها في خجل شديد .. وأخذت مني الدريهمات ولسانها يلهج بشكر لا يخلو من اعتذار ,,
استأنفت سيرها ممسكة بطفلها ,, وبقيت خلفها أراقبها دون أن يزول إحساسي بالحرج، ثم قفلت عائدا .. باتجاه الشارع المحاذي لمبنى العمالة ,, و ,, لمؤسسة قضاء الأسرة
,,,,....
,,,,,,,,,,,, هي قصة..
أو حدث ,,
ينقصه عنوان !!



الكاتب يسلط الضوء من طرفي خفي على المعانات اليومية للمرأة المطلقة و لأطفالها.

انقطاع الطفل عن الدراسة، الفقر ووو....

لكن السارد ماذ كان يفعل أمام محكمة الأسرة؟ سيقول قائل كان في طريقه إلى المدرسة ليوصل ابنه.

أقول: لم عاد مرة أخرى إلى المحكمة! أتراه هو الآخر يطلق؟
 
التعديل الأخير:

محمد فري

المدير العام
طاقم الإدارة
هههه لم يعد السارد إلى المحكمة ,,, ولم يذهب إليها سابقا ,,, هي بناية تواجه مدرسة الصغير ,, والسارد معتاد يوميا على المرور أمامها ,,, لذا قد يحكي أحداثا أخرى يصادفها مرارا في طريقه
 

محمد فري

المدير العام
طاقم الإدارة
ما أكثر الحالات التي نشعر فبها أننا لسنا في مستوى ما يفرضه ضميرنا علينا. على كل حال استطاع الراوي تدارك الأمر
نعم أخي محمد اليعقابي
هي حالات تواجهنا مرارا ,, ولا نملك إلا التصرف بما يتيحه واقعنا
 

لوحة مختارة

 لوحة مقترحة
أعلى